رسائل رامي مخلوف: خلافات عائلية أم إعادة تقسيم أدوار بسوريا؟
٤ مايو ٢٠٢٠مازالت قضية رامي مخلوف ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد وأحد أبرز أقطاب الاقتصاد في سوريا تتفاعل. فبعد الفيديو الأول الذي عبر فيه عن استيائه من عدم التزام السلطات بالعقود المبرمة بينهما مناشدا الرئيس أن تتم جدولة الضرائب التي فُرض عليه دفعها، خرج مخلوف أمس في فيديو آخر يقول فيه إن الضغوط أصبحت غير مقبولة ووصلت لحد اعتقال موظفيه.
ويعتبر هذا الخروج النادر لأحد أكثر رجال النظام السوري نفوذا، خطوة غير مسبوقة وغير متوقعة مما يثير التساؤلات حول سياقة وأسبابه. فهل يعبر فعلا عن تصدعات في محيط العائلة الحاكمة؟ أم أن الأمر أكبر من ذلك ويتعلق بتبادل أدوار فرضته الظرفية الحالية؟
بداية تقسيم الكعكة؟
تنتشر عدة قراءات لخطوة مخلوف، مختلفة حد التناقض أحيانا. فبينما ذهب البعض إلى أن الأسد يرى أن دور مخلوف، الواجهة الاقتصادية لنظامه، انتهى ويريد تحييده الآن خاصة أنه قد يمثل خصما سياسيا له بالنظر لعلاقاته القوية مع موسكو، اعتبر مراقبون أن الأسد في موقف صعب أمام موسكو حتم عليه الاستعانة بأموال مخلوف لتسديد التزاماته المالية للروس. الطرح الأول يستند فيه أصحابه على تقارير إعلامية روسية تناولت لأول مرة موضوع الفساد داخل النظام السوري، وانتشر هنا الحديث عن لوحة فنية اشتراها بشار الأسد لزوجته بحوالي 30 مليون دولار. تسريب يُنسب لعائلة مخلوف التي يعيش بعض أفرادها في روسيا. ويعزز من هذا الرأي أيضا أن تجرؤ مخلوف بهذا الشكل من داخل سوريا على نظام معروف بتعامله القاسي مع معارضيه، لا يمكن أن يتم دون وجود من يحميه وربما هم الروس في هذه الحالة. لكن هل يمكن أن تصل فعلا هذه الحماية إلى حد استهداف رمز النظام شخصيا؟
في المقابل تقول تحليلات أخرى إن روسيا تضغط على الأسد في اتجاه تجحيم النفوذ الإيراني في سوريا في مرحلة "تقسيم الكعكة" وهو النفوذ الذي قد يضر بالمصالح الروسية في سوريا، وتضغط أيضا في اتجاه الحصول على امتيازات أكبر في البلاد، وفيما يخص مخلوف فإن موسكو ودمشق على علم مسبق، بأنه لا يستطيع دفع كل الأموال التي يطلبها الروس، وما هذه الضغوط سوى محاولة من روسيا للسيطرة على مجالات جديدة في سوريا لطالما كانت في يد مخلوف، ومنها الطيران والغاز والاتصالات...
خلافات عائلية؟
وبين الرأيين، يوجد من يرى في القصة كلها مسرحية يشترك فيها كل الأطراف، تسعى من خلالها روسيا إلى إظهار الأسد على أنه مكافح للفساد ويتجاوب مع النقد الخارجي، وتأهيله بالتالي لمرحلة ما بعد الحرب في ظل توقعات بأنه سيخوص الانتخابات الرئاسية العام المقبل.
من جهة أخرى يختصر بعض المتابعين القصة بالأساس في خلافات عائلية بحتة وصراع إعادة تقسيم الامتيازات داخل البلاد. في هذا السياق طغى اسم زوجة الرئيس أسماء الأسد، وتحدثت تقارير عن وجود خلافات بينها هي وأفراد من عائلتها وبين مخلوف، وأن الأخير من ضمن رجال أعمال باشرت لجنة مكافحة غسيل الأموال برئاستها التحقيق معهم. وقد عزز من هذا الطرح مقال لصحيفة محسوبة على مخلوف يهاجم بشكل مباشر وجريء مشروعا له علاقة بابن خالة أسماء الأسد. وهو ما جعل البعض يصور الموضوع على أن أسماء تحاول نقل المقربين منها إلى مراكز النفوذ في البلاد، بدلا من أقارب والدة الرئيس أنيسة مخلوف، عملا بمبدأ "لكل عهد سيدته الأولى".
اللغة التي استخدمها مخلوف في خرجاته تعزز انتشار كل هذه القراءات المختلفة، فتارة يستجدي الأسد ويقول له إنه سينفذ توجيهاته رغم أنه يرى فيها إجحافا، وتارة يهدد ضمنيا ويتحدى ويشكو، وبينما يتحدث أحيانا عن الحكومة والرئيس بالاسم، يملح إلى جهات أخرى لا يسميها دون أن يتضح من يقصد بها تحديدا.
على مواقع التواصل الاجتماعي كان التفاعل كبيرا مع هذه القضية. وبينما ركز جزء كبير من رواد تويتر على السخرية في تناول هذه القصة، انقسمت تحليلات المغردين أيضا بين من يرى في الأمر خلافات عائلية خرجت للعلن أخيرا، بينما اعتبر آخرون الأمر أكبر من ذلك، وتوقع البعض لمخلوف مصيرا مشابها لغازي كنعان رجل المخابرات ووزير الداخلية الأسبق وآصف شوكت صهر الأسد. مغردون ركزوا على العنصر الطائفي في لغة مخلوف وما وجدوا فيه مخاطبة منه للعلويين في سوريا للحصول على تعاطفهم. كما لم يخلُ الأمر من تغريدات مساندة لمخلوف.
سهام أشطو