رفضت مزاعم نيكاراغوا.. ألمانيا تطالب بشطب القضية من المحكمة
١٠ أبريل ٢٠٢٤دافعت ألمانيا عن نفسها أمام محكمة العدل الدولية في مدينة لاهايالهولندية- ضد اتهامات نيكاراغوا المدَّعية بأنها ساعدت إسرائيل على انتهاك اتفاقية منع جرائم الإبادة الجماعية.
ورفضت الممثلة القانونية الألمانية تانيا فون أوسلار-غلايشن -مفوضة ألمانيا في المحكمة- هذه الاتهامات قائلةً إنها اتهامات غير مستندة على أي أساس واقعي أو قانوني بل واتهمت نيكاراغوا بتبني وجهة نظر أحادية الجانب بشأن النزاع في الشرق الأوسط.
وادعت نيكاراغوا في شكواها القضائية -المؤرخة في الأول من مارس / آذار 2024- أن ألمانيا "متواطئة في ارتكاب إبادة جماعية" وخصوصا من خلال تصدير الأسلحة إلى إسرائيل وحجب الأموال عن منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين "الأونروا"، وأن برلين خرقت -على أقل تقدير- التزامها القاضي ببذل كل ما في وسعها لمنع مثل هذا الممارسات.
ولم تستند نيكاراغوا في دعواها على اتفاقية منع جرائم الإبادة الجماعية لعام 1948، فحسب، بل على القانون الإنساني الدولي مثل اتفاقيات جنيف وغيرها من قواعد القانون الدولي.
بيد أن مداولات المحكمة في بداية الأسبوع الحالي تركزت أولاً على "تدابير مؤقتة" طلبتها وتريدها نيكاراغوا أيضا، ومنها -مثلاً- أن توقف ألمانيا دعمها العسكري لإسرائيل فورا وأن تراجع أحقية قرارها وصحته بشأن الأونروا، وأن تأمر المحكمة برلين ببذل كل جهد ممكن لضمان عدم استخدام إسرائيل للأسلحة التي صدرتها إليها ألمانيا بالفعل، في الانتهاكات القانونية الداخلة في الاتهامات.
نيكاراغوا: ألمانيا على علم بخطر الإبادة الجماعية
وأوضح كارلوس خوسيه أرغويلو غوميز، ممثل نيكاراغوا في المحكمة، أن ألمانيا "كانت على علم وتعلم -على الأقل- باحتمال واحد لخطر ارتكاب إبادة جماعية". كما رأى سفير نيكاراغوا لدى هولندا أنه -على أقصى تقدير زمني- كان يجب على ألمانيا أن تدق جميع أجراس الإنذار منذ أن فرضت محكمة العدل الدولية تدابير مؤقتة ضد إسرائيل.
وفي العام الماضي 2023 رفعت جنوب أفريقيا دعوى قضائية ضد إسرائيل تتهمها فيها بانتهاك اتفاقية منع جرائم الإبادة الجماعية.
وفي 26 يناير / كانون الثاني 2024 فرضت محكمة العدل الدولية تدابير مؤقتة ضد إسرائيل وطالبتها بـ "اتخاذ جميع ما في وسعها من تدابير لتجنب وقوع إبادة جماعية في حق الفلسطينيين في غزة".
وفي مارس / آذار 2024 جددت محكمة العدل الدولية مطالبتها لإسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إلى قطاع غزة.
تسليم أسلحة ألمانية إلى إسرائيل
وقال المحامي دانييل مولَر الذي يمثل نيكاراغوا إن "السلطات الألمانية منحت تراخيص تصدير معدات عسكرية بما يقدر بحوالي 300 مليون يورو تقريبا كأولوية لإسرائيل على خلفية الوضع الخاص للحرب الإسرائيلية في غزة".
وقال إن من بضائع العتاد العسكري هذه أسلحة حربية بقيمة 20 مليون يورو، واستشهد دانييل مولر بأرقام الحكومة الألمانية قائلا إن من الأسلحة المرسَلة إلى إسرائيل: 3000 قطعة سلاح مضاد للدبابات و500 ألف طلقة ذخيرة للمدافع الرشاشة و44 شحنة دافعة.
وتُعَدّ ألمانيا -إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية- أقرب دولة حليفة لإسرائيل، وذكر معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام SIPRI أن ألمانيا كانت ثاني أكبر مصدِّر للأسلحة إلى إسرائيل (بعد الولايات المتحدة) في الفترة من 2019 إلى 2023.
وليس بإمكان نيكاراغوا اتخاذ إجراءات مباشرة ضد الولايات المتحدة الأمريكية لأن واشنطن لم تُخضِع نفسها للولاية القضائية المتعلقة بمحكمة العدل الدولية.
ألمانيا تدرك مسؤوليتها التاريخية
وتتخذ إسرائيل منذ الهجوم الإرهابي على إسرائيل في السابع في أكتوبر / تشرين الأول 2023 والذي أسفر عن مقتل حوالي 1200 شخص، إجراءات ضد حركة حماس الإسلاموية المسلحة التي تصنفها ألمانيا ودول أخرى بأنها منظمة إرهابية.
ووفقاً لوازرة الصحة التابعة لسلطة حركة حماس، فقد قُتل أكثر من 33 ألف شخص في الهجمات الإسرائيلية في قطاع غزة.
وتتذرع إسرائيل بحقها في الدفاع عن النفس وترفض رفضا قاطعا اتهامها باقتراف إبادة جماعية، كما تشدد ألمانيا على حق إسرائيل في الدفاع عن النفس وتصر في الوقت نفسه على التزام الأخيرة بالقانون الإنساني الدولي. بيد أنه وفي الأسابيع الأخيرة أصبحت لهجة ألمانيا، وكذلك لهجة الولايات المتحدة الأمريكية، أكثر حدة تجاه إسرائيل في هذا الخصوص.
وجددت ممثلة ألمانيا القانونية تانيا فون أوسلار-غلايشن -في بداية دفاعها عن الموقف الألماني- تأكيدها على مسؤولية برلين الخاصة تجاه إسرائيل قائلةً إن "تاريخنا هو السبب في وقوع أمن إسرائيل في قلب السياسة الخارجية الألمانية".
وأوضحت بأن الترافُع الألماني في المحكمة يهدف في المقام الأول إلى "وضع الأمور في نصابها" فيما يتعلق بتصريحات نيكاراغوا: مثلا بشأن عدد شحنات الأسلحة المرسَلة إلى إسرائيل ونوعيتها.
عمليات تسليم الأسلحة لا يشبه بعضها البعض
وفي تعليقه على وجهة النظر الألمانية حول هذه الوقائع، أوضح الخبير في القانون الدولي كريستيان تامس أن ألمانيا تميز بين الأسلحة الحربية وبضائع العتاد العسكري الأخرى حين يتعلق الأمر بتسليم الأسلحة، وقال إن 98 في المئة من صادرات الأسلحة -المرخص بها منذ السابع من أكتوبر / تشرين الأول 2023- كانت معدات عسكرية أخرى وظيفتها عادةً ثانوية أو دفاعية.
ولم تمنح ألمانيا أي ترخيص لتصدير قذائف مدفعية أو ذخيرة إلى إسرائيل منذ أكتوبر / تشرين الأول 2023وفق قول الخبير كريستيان تامس، مضيفا أن الصادرات -المرخص بها التي ذكرتها نيكاراغوا- هي في الأساس ذخائر اختبارية أو تدريبية لا تصلح للاستخدام في الحرب.
ونوه تامس إلى أن من شأن إجراءات الترخيص الألمانية أن تعمل -خصوصا- على ضمان امتثال برلين للالتزامات الإنسانية الدولية، ومستدرِكاً: بل إن ألمانيا تُزايِد في امتثالها على المتطلبات الدولية.
لا تأثيرات ناجمة عن إلغاء تمويل الأونروا
وكذلك الاتهام بأن ألمانيا قد سحبت الأموال من الأونروا حاول الخبير كريستيان تامس دحضه بالقول إن القرار المؤقت القاضي بتعليق المدفوعات -الذي اُتخذ في 27 يناير / كانون الثاني 2024- لم يكن له أي آثار ملموسة، خصوصا وأنه لم تكن توجد أي مدفوعات مستحقة ذات صلة في ذلك الوقت، بل على العكس من ذلك زادت ألمانيا مساعداتها الإنسانية للفلسطينيين - من خلال منظمات أخرى أيضا.
ومن حجج ألمانيا الإضافية -أمام محكمة العدل الدولية- قولها إنه لا يمكن السير في أي إجراءات قضائية على الإطلاق من دون مشاركة إسرائيل، مطالبةً بعدم فرض تدابير مؤقتة على برلين بل شطب قضية اتهامات نيكاراغوا من سجل المحكمة، التي من المتوقع أن يصدر قرارها خلال أسابيع قليلة.
أعده للعربية: ع.م