روبرت بوش: رجل الأعمال الموهوب وصديق الطبقة العاملة
عرف روبرت بوش وعمره 25 عاما معنى الاستقلال المالي وبناء ألذات، حيث أسس عام 1886 ورشة ميكانيكية صغيرة ظلت لسنوات تراوح مكانها. غير ان النقلة النوعية في مسيرته كانت بداية من عام 1897عندما طورت ورشته محركات السيارات لتعمل بالبنزين المحترق، وهو ما شكل فيما بعد ثورة في صناعة السيارات.
كانت هذه بداية قصة إحدى أقدم واكبر شركة لسيارات النقل في العالم وهي المعروفة حتى اليوم بهذا الاسم"بوش". وقد خاض روبرت بوش هذا المجال بالصدفة ودون رغبه حقيقية في البداية، لكن النجاح الذي حققه اثبت انه يمكن للإنسان تحقيق أشياء ليست ضمن اختصاصاته في الأساس. وكان بوش يعرف في قرارة نفسه انه ليس مخترعا ولكنه كان يعتقد أن الأهم هو احاطة نفسه بالموهوبين والاستفادة من خبراتهم ونقلها إلى الواقع العملي.
صديق الطبقة العاملة
رغم ما عرف عنه من الحرص الشديد في صرف المال، إلا انه كان مع مستخدميه كريما. كان أول من طبق نظام العمل على أساس 8 ساعات يومياً وكذا عطلة ما بعد ظهر السبت. كان شعاره "أنا لا أدفع رواتب كبيرة لأنه لدي الكثير من المال، بل عندي الكثير من المال لأني ادفع مرتبات جيدة". وعلى عكس الرأسماليين الذين يحرصون على تكديس الأموال والربح كان بوش ينفذ مشاريع اجتماعية ويقدم التبرعات الخيرية والإنسانية السخية.
بوش الإنسان...
أسس بوش عام 1936 مستشفى خيريا يحمل اسمه، وقد تبرع به لمدينة شتوتجارت عام 1940 بمناسبة اليوبيل الذهبي لشركته. واعتبارا من عام 1978 تم تحويله إلى مستشفى جامعي تعليمي ملحق بجامعة توبينجن. وقد أسست في عقد السبعينات من القرن الماضي مؤسسة بوش الخيرية التي تعمل على مواصلة الأعمال الإنسانية التي كان يؤمن بها بوش. وتشرف هذه المؤسسة على المستشفى وعلى ومؤسسات بحوث متنوعة أسستها عائلة بوش.
....والمعارض السياسي
بعد وصول أدولف هيتلر إلى السلطة عام 1933 تعارضت مصالح التاجر الليبرالي بوش مع النظام الجديد الذي لم يستطع كسبه إلى جانبه. غير أنه لم يكن قادرا على إعلان معارضته للنظام النازي، وعليه سلك طريقا أخر عبر فيه عن معارضته. فقد ساعد بماله اليهود الذين كانت حياتهم في خطر على الهجرة. كما كانت شركته ملاذا ومأوى للمعارضين يكسبون منها قوتهم بعد أن ضاقت بهم السبل، غير أن الأقدار لم تشاء لبوش أن يعايش فشل محاولة إسقاط النظام عام 1944 والتي عانت شركته وعمالها من تبعاتها، إذ توفى عام 1942 عن عمر ناهز 81 سنة.