زملاء مروة الشربيني يستخدمون البحث العلمي لمكافحة العنصرية
١٨ فبراير ٢٠١٣أنّ قلب يرقة سمك الزرد صغير إلى هذا الحد، أمر لم تكن الطالبة أوليفيا، البالغة من العمر ستة عشر عاما، تتوقعه إلا عندما رأت ذلك بنفسها بواسطة المجهر. وقد حدث هذا عندما قامت بتجربة علمية في مدرستها ساعدها فيها أفيناش شيكورو. والأخير يعد حاليا رسالة الدكتوراه في جامعة دريسدن في شعبة العلاج التجديدي. أفيناش هندي الأصل وينتمي إلى مجموعة من ثمانية أكاديميين حضرت إلى مدرسة هانس إرلفاين الثانوية لزيارة طلاب الصف العاشر. وأوضح أفيناش أن الغرض من الزيارة هو "إطلاع الطلاب على أهمية دراسة الأجسام الصغيرة كيرقة سمك الزرد"، لعلّهم "يقررون لاحقا الالتحاق بالجامعة والعمل في البحث العلمي".
مدرسة جديدة في كل شهر
ويعمل هذا الفريق الأكاديمي في إطار مشروع طور في مدينة دريسدن يحمل اسم (Science goes to school) "العلم يذهب إلى المدارس"، ويقوم فيه دكاترة المستقبل بزيارة مدرسة جديدة في كل شهر، ليأخذوا الطلاب إلى عالم العلم والمعرفة. وليس هذا فقط، بل ليشجعوهم أيضا على الانفتاح على ثقافات أخرى، خاصة وأن الفريق يضم باحثين من جنسيات مختلفة من صربيا وإيطاليا والهند واليونان وألمانيا. والمشروع هو عمل مشترك للجامعة التقنية لدريسدن ومعهد ماكس بلانك العلمي.
وحظيت التجارب باهتمام بالغ من قبل الطلاب، ما دفع بعضهم إلى طرح العديد من الأسئلة الاستفسارية. فيما أعجب آخرون بطريقة العمل المشتركة داخل فريق متنوع الثقافات. وبهذا الخصوص وُجهت أسئلة للضيوف حول طبيعة التعليم في بلدانهم الأصلية، وميزات تلك البلدان الثقافية.
وبعد حديثها مع أفيناش شيكورو، سرعان ما اكتشفت أوليفيا أن الصورة التي كانت في ذهنها حول الهند غير صحيحة. فالهند قد "لا يكون بلدا فقيرا، لا يتوفر على أيِّ شيء" كما كانت تعتقد. ويبدو "أن المستوى التعليمي متقدم هناك"، وإلا لما كان أفيناش "ذكي لهذه الدرجة"، معترفة أنها لا تتوفر على هذا القدر من الذكاء. وفي حقيقة الأمر لم تتعرف أوليفيا في السابق على أناس من الهند، أو "حتى على أجانب".
من جهتها، ترى فاني بوميه، زميلة أفيناش شيكورو المختصة في أمراض الخرف، أن ما يدفعها للمشاركة في هذا المشروع هو تحفيز الطلاب على الاهتمام بالعلم وحقل التجارب، وأن تطلعهم على أن الانفتاح على الثقافات الأخرى من شأنه أن يخلق فرصا عديدة في حياة الناس، مضيفة "نحن نفسر للطلاب أن التعاون الدولي والاختلاف الثقافي والديني أمر طبيعي جدا في مجال الأبحاث". ومن ثمة فإن العلماء "يعكسون بنجاح صورة المجتمع برمته".
حادثة مروة الشربيني
وقد أطلق المشروع ردا على الحادثة المأساوية التي قتلت فيها قبل خمس سنوات الشابة المصرية مروة الشربيني والتي كانت بدورها طالبة دكتوراه في جامعة دريسدن. وكان قتلها بدواعي الكراهية فقط، كراهية الأجانب وكراهية الإسلام، كما ذكر القاتل في جلسات المحكمة.
ودفعت الحادثة المروعة فريقا من زملائها الأكاديميين إلى البحث عن وسيلة لمواجهة العنصرية، وكان أن طوروا مشروع (Science goes to school) "العلم يذهب إلى المدارس" الذي لاقى نجاحا كبيرا وحصل على عدد كبير من الجوائز.
آخر من غادر الفصل يومها حين زار الأكاديميون المدرسة، كانت المعلمة كاترين لانغراف. وكانت سعادتها لا توصف وهي تقفل باب الفصل، فقد كان "يوم انتصار كبير"، مضيفة أن كثيرا من الطلاب مستغربين "كيف يعيش أناس من ثقافات مختلفة بسلام في ما بينهم، بل يعملون سويا ويقومون بأبحاث علمية".