القوات العراقية تستعد لتحريرغرب الموصل وسط ظروف صعبة
١٧ فبراير ٢٠١٧قبل ثلاثة أسابيع كان الحي الذي يسكنه محمد في شرق الموصل مازال خاضعا لسيطرة تنظيم داعش،و خلال سيطرته على المدينة والتي امتدت لسنتين ونصف، فرض التنظيم الإرهابي ممارسة متشددة لقانون الشريعة، تجرّم حتى بعض الأفعال التي يسمح بها عادة الدين الإسلامي كتدخين السجائر أو الاستماع للموسيقى. ومن لم يمتثلوا للقوانين التي يفرضها التنظيم كانوا يواجَهون بكل أنواع العقوبات من الغرامات الكبيرة إلى الجلد العلني وحتى الإعدام.محمد يقول شاكيا "أنظر" يقول ويداه ترتجفان "لقد كسروا حتى أصابعي"."كنت أشتري ملابس جديدة لبناتي بمناسبة العيد"، يقول محمد لDW وهو يرافق ابنتيه، داليا ذات الست سنوات وروان البالغة من العمر ثماني سنوات، بالقرب من مدخل منزلهم في شارعٍ قبالة أكبر مساجد الموصل. "كنا نريد فقط الاحتفال بالعيد بطريقة جميلة ومع أشياء جديدة"، ويتابع: "لكني أخطأت بإخراج السجائر من جيبي".
قصاص داعش
في طريقه إلى منزله تم إيقافه من قبل مقاِتلَين من داعش، طلبا منه بطاقة هويته. وهو يمدهما بالبطاقة التي كانت في جيبه سقطت علبة السجائر من الجيب. "على الفور أخذوني وضربو يدي إلى درجة أنها كسرت ونزفت دما"، كما يقول وهو يكشف الأصابع الوسطى لكلتا يديه. ما تبقى من أصابعه هو إحدى الشهادات على أنواع العقاب التي كان يتبعها داعش مع من يضبطون وهم يدخنون أو من يخالفون القوانين المتشددة الأخرى للتنظيم.
بينما ما تزال معظم مباني الحي الذي يسكنه محمد مهجورة، -إذ غادرها أصحابها إلى مخيمات اللاجئين أو المناطق المجاورة للمدينة مع بدء عملية تحرير الموصل من قبضة داعش،- تعود بشكل حذر ملامح الحياة العادية إلى الحي تدريجيا.
زقزقة الطيور وأشعة الشمس تخترق نوافذ المسجد الكبير الذي كان يوما مخزنا لكميات كبيرة من أسلحة داعش ومقرا لقناصته، وأطفال يلعبون بمخلفات المعارك التي دارت هنا من هياكل السيارات وغيرها. "لدينا أمل بأن نبدأ حياتنا من جديد"، يقول محمد بخليط من الانجليزية والعربية: "أنا سعيد بكوني سأبدأ مجددا بإرسال بناتي إلى المدرسة".
مناطق محررة لكنها ليست آمنة بعد
لكن أحياء الموصل لم تحرر بعد كلها، وحتى التي حُررت ليست بالضرورة مناطق آمنة. على الجانب الآخر من نهر دجلة مازال يعيش ما يقدر ب 700 ألف مدني تحت سيطرة داعش في الجزء الغربي من المدينة.
وبعد ثلاثة أشهر مرهقة من القتال ضد مقاتلي داعش لطردهم تجاه مدينة الرقة السورية التي تعتقل معقل التنظيم، تضع القوات العراقية استراتيجياتها للمرحلة القادمة من المعركة ضد داعش والتي ستبدأ خلال الأيام المقبلة.
"الآن نعرف استراتيجيتهم"، يقول ضابط في القوات الخاصة العراقية، الرائد الرهون، وهو يطل على الأحياء التي تم تحريرها مؤخرا. "نعلمنا من أخطائنا، ونحن مستعدون للمعركة القادمة"، في حديثه ل DW. وبينما استغرقت المرحلة الأولى من معركة تحرير الموصل عدة أسابيع وهو أكثر مما كان متوقعا، يبدو الرائد الروهن واثقا من أن المرحلة الثانية من المعركة ستكون قريبة من الخطة التي وضعت لها، رغم التحديات المطروحة.
"من الناحية الجغرافية، ستكون في الجزء الغربي صعوبات أكبر"، يعترف الرون. "هناك شوارع ضيقة ومبان قديمة. لن نكون قادرين على استخدام مركباتنا العسكرية وسنضطر للدخول في حرب عصابات". ومع ذلك يقول إن معظم قوة داعش، والتي تقوم على السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة والمخابئ السرية للأسلحة، ترتكز في الجزء الشرقي من المدينة. هذا يعني حسب قوله أنهم أقل تجهيزا للدفاع عن جبهاتهم في الجزء الغربي.
"معظم التسهيلات لديهم كانت في الجزء الشرقي"، يقول، "فقدوا العديد من قادتهم الأساسيين، ومعنوياتهم منخفضة".
مازال الكثير ينبغي فعله
رغم ذلك، مازال التنظيم الإرهابي يؤكد استمرار حضوره في المناطق التي يقال إنها محررة في شرق الموصل. ففي الأسبوع الماضي فقط، تم استهداف مطعم شعبي أعيد افتتاحه ويرتاده عناصر القوات الخاصة العراقية، بعدما فجر انتحاري نفسه وهو الهجوم الذي أدى إلى مقتل 10 أشخاص وإصابة 30 بجروح.
هجمات الطائرات بدون طيار، نيران القناصة، وحتى قذائف الهاون انتشرت بشكل أكبر في المناطق المحررة مع قرب انطلاق معركة الجانب الغربي للمدينة.
"إنها مشكلة كبيرة" يعترف قائد القوات، قبل أن يغير الموضوع إلى المعركة القادمة. "لكن ينبغي أن نركز على روحنا المعنوية، لاسيما أن معنويات أعدائنا منخفضة".
في الوقت الذي يعي فيه الرون أن معركة الموصل لم تنته بعد، يشعر رغم ذلك بالفخر وهو يرى حياة المدنيين بدأت تعود إلى ما كانت عليه في الأحياء المحررة بفضل الجهود التي ساهمت فيها وحدته. "هذه هدية لعائلات شهدائنا"، يقول وهو ينظر في اتجاه الأحياء المحررة. "دمهم لم يذهب هباء".
الكاتبة: آنا ليكاس ميلر/س.أ