سيناريو السقوط-"كان على بن علي أن يبحث عن خروج مشرف"
١٤ يناير ٢٠١١وصلت موجة الاحتجاجات المستمرة منذ أواسط شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي إلى العاصمة التونسية وخرجت عشرات الآلاف إلى الشارع، وحاول الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين علي في البدء تهدئتها من خلال إقالة الحكومة والدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة خلال 6 أشهر. وكان آخر قرارته إعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد. لكن وتيرة الأحداث تسارعت وانتهى نهار تونس بمغادرة بن علي نفسه البلاد، استجابة منه لمطالب المحتجين والمعارضة وبسبب تغير موازين القوى داخل النخبة الحاكمة، والتي ستكشف الأيام القادمة عن سيناريوهاتها.
ولا تزال المعارضة تطالب، رغم هذه التغيرات الدراماتيكية، "بحكومة إنقاذ وطني تشارك فيها كل القوى السياسية الفاعلة في البلاد، تأخذ على عاتقها محاربة الفساد المالي والإداري والتحضير للانتخابات التشريعية المبكرة" كما قال عطية عصموني، عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي المعارض في حوار لدويتشه فيله.
وكان بن علي قد أقال اثنين من مستشاريه وألقى كلمة مساء الأربعاء (13 كانون الثاني/ يناير) تضمنت بعض التنازلات والاستجابة لمطالب المحتجين منها التعهد بضمان حرية الإعلام وعدم حجب المواقع الالكترونية. كذلك أبدى بن علي في خطابه أسفه لوقوع ضحايا خلال الاحتجاجات، وقال بأنه أصدر أوامره لقوات الأمن بعدم إطلاق النار على المتظاهرين. لكن يبدو أن تنازلات بن علي أتت في الوقت الضائع.
خطاب أخير بلهجة تصالحية
لكن هذه التنازلات لم تنجح في حماية نظام بن علي الذي تداعى أمام الضغط الجماهيري ومطالبه، هذه التنازلات دفعته إلى الحديث في خطابه الأخير بلهجة تصالحية، واعداً ببداية عهد جديد يقوم على الإصلاحات السياسية. غير أن تسارع الأحداث أثبت أن هذا العهد سيبدأ بالفعل: ولكن من دون بن علي نفسه.
وعن هذا الضغط الجماهيري يقول عصموني: "إن خروج الآلاف إلى الشارع هو الذي دفع السلطة إلى تقديم مثل هذه التنازلات" ويوافقه الرأي في ذلك الدكتور مهدي مبروك، أستاذ علم الاجتماع في الجامعة التونسية، الذي قال في حوار مع دويتشه فيله منتقداً موقف بن علي: "أنه يعكس ثقافة عسكرية غير قادرة على قراءة الأحداث واستشرافها، وأنه كان مثل العسكري تماماً يتقهقر ويلوذ إلى الوراء تحت ضغط الشارع".
كما لم يقتنع الشباب التونسي، الذي كان بن علي يوجه خطابه إليه، أيضاً بما جاء فيه، إذ يرى المدون الشاب سفيان الشواربي، أنه "لم يلب مطالب وطموحات الشعب التونسي"، ويضيف بأن بن علي لم يلتزم بوعوده التي دمها سابقاً لدى توليه السلطة.
وفي الوقت الذي أشار الشواربي إلى أن بن علي كان ضحية من غالطوه ومن كانوا ينقلون إليه معلومات خاطئة عن أوضاع البلاد. رفض مهدي مبروك هذا الرأي، محملاً بن علي مسؤولية ما آلت إليه أوضاع البلاد بعد نحو ربع قرن من حكمه، ووصف موقفه بـ "المخزي" وصرح لدويتشه فيله بأنه "لم يتجرأ على تقديم النقد الذاتي وأن يتحمل هذا الإخفاق السياسي والاجتماعي وكان عليه أن يبحث عن خروج مشرف سيذكره التاريخ، فكان عليه أن ينسحب بشكل مشرف".
عارف جابو
مراجعة: عماد مبارك غانم