شابات مسلمات ببرلين يطلقن مبادرة للحد من تطرف الفتيات
٩ ديسمبر ٢٠١٤وصل عدد الألمان الذين التحقوا بتنظيم "الدولة الإسلامية" بالعراق وسوريا، حسب التقديرات الرسمية، إلى حوالي 550 شخص، يشكل الشباب نسبة كبيرة منهم. ورغم أن عددا كبيراً منهم قُتل هناك خلال المعارك أو العمليات الانتحارية، حسب جهاز المخابرات الألمانية، إلا أن التنظيم لا يزال يستقطب شباباً جدد، كما أنه يركز على استقطاب العنصر النسائي، خصوصاً الشابات والمراهقات.
الجماعات المتطرف تستهدف الشابات
في لقاء مع موقعنا تقول حنان الأحمد، المسؤولة عن برنامج تأطير الشابات في جمعية دار السلام بحي نوي كولن ببرلين: "انتبهنا إلى أن هناك عدداً من الشابات ينحرفن عن الطريق ويتأثرن بالأفكار المتطرفة، وكان لدينا شباب وشابات هنا في الجمعية غادروها ونهجوا طريق التطرف". وحسب هيئة حماية الدستور بألمانيا، جهاز الأمن الداخلي، فإن أعداد المنتمين إلى التيار السلفي تقدر في الوقت الراهن بنحو6300 شخص، وهو رقم في تزايد مستمر. وتتجلى الخطورة في أن السلفيين قد يتحولون بين عشية وضحاها إلى إرهابيين مناصرين لتنظيم "الدولة الإسلامية".
وحول الأسباب وراء تركيز الجماعات المتطرفة على استقطاب الشابات المسلمات أو الشابات اللواتي اعتنقن الإسلام حديثا، تقول كاتارينا بفانكوخ الصحفية الألمانية المتخصصة في شؤون الإسلام وقضايا الاندماج في حوار مع DWعربية: "التركيز على الشابات من طرف الجماعات المتطرفة هو بسبب الرغبة في استغلالهن لاستقطاب المزيد من الأنصار. فـ"الدولة الإسلامية" تحتاج للرجال والنساء، واستقطاب النساء هو محاولة لإعطاء المصداقية لإيديولوجية التنظيم". لجذب الرجال وإظهار أن "الدولة الإسلامية" ليست للرجال فقط بل للرجال والنساء على السواء".
وفي شهر أبريل/ نيسان من العام الحالي سافرت فتاة ألمانية لا تتعدى 16 عاماً إلى سوريا للقتال في صفوف الإسلاميين هناك، وهو ما أثار الكثير من الجدل في البلاد، بسبب استغلال الإسلاميين للقاصرات والتغرير بهن.
جمعية إسلامية تطلق برنامجاً لتوعية الشابات المسلمات
وفي محاولة لحماية الشابات في برلين، تعقد جمعية دار السلام لقاءات دورية موجهة للشابات بهدف "تعليمهن الفكر الوسطي ومبادئ التسامح والتركيز على قيم المواطنة"، على حد قول حنان الأحمد. ومن بين الشابات المستفيدات من البرنامج، الطالبة الجامعية بشعبة هندسة طاقة، ع. سمية. عن هذه التجربة تقول في حوار مع DWعربية: "كفتيات نريد أن يعرف الناس أنه لدينا مستوى تعليمي جيد ومتسامحون ولا نتبنى العنف ولا التطرف والإرهاب".
وفي رسالة موجهة إلى الفتيات المسلمات تقول ع. سمية: "على الفتيات المسلمات قراءة القرآن وكتب الدين بأنفسهن والتحقق من كل ما يسمعنه على أنه من تعاليم الإسلام، كما أنه يجب الحذر من كل خطوة يقمن بها إذا لم تكن محسوبة جيداً، لأنها قد تكون سببا لمعاناتهن ولمعاناة عائلاتهن". أما انتصار بريك، طالبة، آداب إنجليزي وعلوم سياسية فتقول: "رسالتي للألمانيات اللواتي يعتنقن الإسلام هي ضرورة التعرف على حقيقة الدين وعدم الاقتصار على الأمور السطحية، وأيضاَ التحلي بروح نقدية وعدم تصديق كل ما يقال لهن حول الدين".
ومؤخراً نشرت باحثتان لبنانيتان بعضاً من نتائج لقاءات مباشرة لمدة عامين بمجموعة من المتطرفين الإرهابيين الشباب في أحد السجون بلبنان، واستخلصت من حواراتهما معهم أن غالبيتهم "يجهلون الدين الإسلامي ومعلوماتهم سطحية جداً، كما أن غالبيتهم عانوا العنف داخل عائلاتهم والتحقوا بالجماعات المتطرفة بحثاً عن أب أو أم بديل لهم"، حسب صحيفة "دير شبيغل" الألمانية.
محاربة التطرف مسؤولية المساجد
وترى الصحفية كاتارينا بفانكوخ أن حماية الشابات اللواتي اعتنقن الإسلام حديثاً "يجب أن يتم عبر تنويرهن داخل المساجد والمدارس، حول العنف الذي يحدث في دول كالعراق، والمخاطر التي تنتظر كل من يلتحق بهم. كما أن التوعية هي مسؤولية المجتمع ككل".
وفي هذا الاتجاه وخلافاً للأفكار التي يروجها المتطرفون لتكريس دونية المرأة، توجه حنان الأحمد الخطاب للمشاركات في برنامج التوعية الجديد بمقر جمعية دار السلام:"المرأة لها دور كبير داخل المجتمع، تستطيع أن تخرج للعمل وهي حرة في اختيار زوج المستقبل ولها الحق في أن ترفض في حال فرض عليها رجل ما من طرف الأبوين. غير أننا لا نحرض على الخروج عن طاعة الأبوين".
من جهته يؤكد طه محمد، مسؤول بجمعية دار السلام على أهمية المرأة بشكل عام والشابات بشكل خاص داخل الجمعية وداخل المجتمع. "حضور المرأة في الجمعية قوي ويشكلن 40 بالمائة من الأعضاء، والنائبة الأولى لرئيس الجمعية هي امرأة. فالمجتمع السليم هو الذي تحظى فيه المرأة بمكانة مهمة" على حد تعبيره. مضيفاً أن "المرأة إذا كانت معتدلة فإن الأولاد سيكون أيضاً معتدلين".