تجارة "اللايكات" الوهمية تهدد محلات الكباب والديموقراطية!
٢١ ديسمبر ٢٠١٩بضع نقرات و 80 يورو، هذا كل ما تطلبه الأمر، لتحصل تانيا كوينه على 500 إعجاب إضافي على صفحتها الشخصية. ددفعت مديرة إحدى وكلات التصميم ورئيسة دائرة الحزب الديموقراطي الحر FDP في لونه بورغير هايده (lüneburger Heide)، شمال ألمانيا لإحدى شركات بيع الاعجابات الوهمية وتدعى Paidlikes العام الماضي لتظهر بصورة أفضل وأكثر شعبية على الإنترنت. وتوظف هذه الشركة لديها ما يسمى بـ "Clickworkers"، وهم موظفون مهمتهم الرئيسة تتمثل في الضغط على زر "أعجبني" على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة.
كشف النقاب عن اللايكات الوهمية
في حديثها لـ DW كشفت كوينه عن الدافع وراء رغبتها في زيادة شعبتها على مواقع التواصل الإجتماعي: "منذ تلك الحادثة وأنا أفكر كثيراً في سبب محاولتي زيادة شعبيتي". وأضافت: "أنا سياسية محلية. لكن في انتخابات الولاية، أواجه أيضاً سياسيين محترفين، لديهم مكاتب متخصصة بوسائل التواصل الاجتماعي وينشرون آخر الأنشطة على فيسبوك وآخر الصور على انستغرام كل يوم. وتتابع كوينه حديثها: "إنه نوع من الضغط المتراكم، الذي يمارسه المرء على نفسه من خلال محاولته الوصول إلى ما وصل إليه الآخرون".
أعلنت شبكة الأبحاث الخاصة بالمؤسسات الإعلامية الألمانية SZ و NDR و WDR أن آلاف الألمان، بما في ذلك الموسيقيون ومدربون اللياقة البدنية وبائعي السيارات، اشتروا الإعجابات على الإنترنت. وقد كان خبراء من جامعة الرور في بوخوم قد أتاحوا الوصول إلى بيانات مؤسسة بيع الإعجابات Paidlikes. ووفقاً لمجموعة من الأبحاث في هذا المجال، فإن سياسيين من جميع الأحزاب الرئيسية ضمن قائمة من أقدموا على شراء الإعجابات على الإنترنت لزيادة شعبيتهم.17 منهم ينتمون إلى حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي/ الاتحاد المسيحي الاجتماعي والحزب الديمقراطي الحر، و 14 آخرون للحزب الاشتراكي الديمقراطي، و11 سياسيا من حزب البديل من أجل ألمانيا وثلاثة لكل من حزب الخضر واليساريين.
لكن يبقى من غير الواضح ما إذا كان أولئك الذين أبدوا الإعجاب قد أعطوا الأمر بالقيام بذلك، كما كان الحال مع تانيا كوينه، أم لا. فهناك أيضاً أسماء في القائمة تمنع الدفع مقابل نقرات الإعجاب. وهذا ليس خطأ بالضرورة، كما قالت كوينه، التي ترى بأنه قد يقف وراء ذلك المؤيدون أو المنافسون السريون الذين يأملون في تشويه سمعة خصومهم بالاعجابات الوهمية. هذه "اللايكات" قد تكون أيضاً مناورة لصرف النظر عن التلاعب الفعلي. وتتساءل كوينه لماذا قد يشكل شراء سياسية محلية لبعض اللايكات مشكلة؟
الاستحواذ على اهتمام الناتو أيضاً
يتحدث السويدي باي سيباستيان، وهو خبير رقمي في "مركز الاتصالات الاستراتيجية" ستراتكوم في العاصمة اللاتفية ريغا، عن وجود "صناعة تلاعب" خلف تجارة شراء الاعجابات على الإنترنت. يقدم ستراتكوم الاستشارة للناتو، حتى لو لم يكن جزءًا من هيكل قيادة التحالف العسكري. ويقول باي: "لقد قمنا بتحديد شركات في جميع أنحاء العالم ، من أوروبا مروراً بروسيا إلى الفلبين أو غرب إفريقيا الذين يجنون الأموال من وراء التلاعب بوسائل التواصل الاجتماعي".
يشعر باي وزملاؤه بالقلق من كون التلاعب بوسائل التواصل الاجتماعي بات متاحاً للجميع وبتكلفة منخفضة. مقابل 300 يورو فقط، اشتروا الآلاف من التعليقات والمتابعين وكذلك عشرات الآلاف من الاعجابات والآراء. "في البداية كنا نظن أنه علينا تكليف بعض قراصنة المعلومات بهذه المهمة. ولكن اتضح أنه من السهل جداً العثور على شركات بيع الإعجابات على محركات البحث "غوغل" أو "بينغ"، حيث يضعون إعلانات لهم حتى. التلاعب له عواقب". وأضاف: " تصور صاحب متجر لبيع الكباب، يشتري التقييمات الإيجابية أوالسلبية لمنافسه. وهذا يسمى ببساطة تلاعب". التلاعب، الذي لا تقوم الشركات التقنية العملاقة مثل غوغل و فيسبوك بالتصدي له بشكل كاف . في تجربة الباحثين، لم يتم حذف أربعة من أصل خمسة تفاعلات تم التلاعب بها بعد أربعة أسابيع. "الأمر ليس دائماً سهلاً من الناحية التقنية. لكن الشركات لا تستثمر ما يكفي لمعالجته".
الاعجابات الوهمية تهدد الديمقراطية!
التلاعب بوسائل التواصل الاجتماعي لا يشكل مصدر إزعاج وخطر على الاقتصاد فحسب، وإنما على الديمقراطية أيضاً، كما يقول باي. "إذا كنت تستخدم طرق عرض لإيهام الخوارزمية بأن العديد من الأشخاص يتابعون محتوى ما، فإن هذا المحتوى ينتشر على نطاق واسع ويوصى به من قبل الكثيرين." يمكن للحكومات استخدام هذا التلاعب في المناقشات الديمقراطية عبر الإنترنت. ويقول باي: "يمكنك تقويض الأصوات المشروعة وتعزيز الأصوات غير المشروعة. يمكنك إعطاء ملامح خاطئة الانطباع بأنها جزء من نقاش محلي. من الصعب معرفة ما هو حقيقي وما هو غير ذلك ومن هو حقا وراء ذلك".
ترى السياسية المحلية، تانيا كوينه أن التلاعب بالنقاشات بهذه الطريقة المتعمدة، يجعل الأمر مشكوكاً فيه للغاية. ترغب كوينه في المستقبل، الابتعاد عن مقدمي خدمات شراء الاعجابات الوهمية. "لن أفعل ذلك بعد الآن لأنني أعتقد أن ذلك لا يجدي نفعاً". ترغب كوينه في التركيز أكثر على المحادثات الشخصية واللقاءات. وتقول: "سيكون من الجيد لنا جميعاً إعادة التفكير في هذا الأمر".
بيتر هيله/ إ.م