صحف أوروبية: السيسي لن يصبح رئيسا لجميع المصريين
١ أبريل ٢٠١٤عندما كان الإيطاليون يصوتون لصالح رئيس الوزراء السابق سيلفيو برليسكوني، كان باقي الأوروبيين يتسائلون بذهول عن الأسباب وراء ذلك. كذلك الشأن بالنسبة لغالبية الصحف الألمانية التي وقفت كثيرا عند المعركة الانتخابية لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان والتي حسمها لصالحه ولصالح حزبه العدالة والتنمية في الانتخابات المحلية يوم الأحد الماضي (30 مارس/ آذار 2014) بنسبة 45 بالمائة مع نسبة مشاركة قياسية بلغت 87 بالمائة.
كان ينظر للانتخابات المحلية على أنها امتحان لأردوغان ومستقبله السياسي، بعد فضائح الفساد والتسريبات الهاتفية المحرجة لحكومته، خاصة تلك المتعلقة بسوريا، إضافة إلى ما قام به من "تطهير" مثير للجدل لجهاز القضاء والشرطة، واتباعه سياسة العصا لوقف مظاهرات منتزه غيزي لإسكات معارضيه، إلى جانب إغلاقه لموقعي يوتوب وتوتير.
رغم كل هذا، خرج رجب طيب أردوغان منتشيا، فائزا على كل خصومه السياسيين في الانتخابات بمن فيهم الكماليين (حزب الشعب الجمهوري)، الذي لم يتخط عتبة الثلاثين في المائة. وحول المعطيات التي ساعدت أردوغان على هذا الفوز، تقول صحيفة "فيستفالن بوست Westfalenpost":
"من الواضح أن فئة الشعب غير المتعلمة، وهي القاعدة الانتخابية لأردوغان، لا تهتم كثيرا بتويتر أو بحرية التعبير، وإنما بأن تحصل على الكهرباء بانتظام، وأن تستفيد من خدمات النفايات، وأن يحصل الفقراء على الرعاية الصحية والوظائف".
لكنه فوز سيكلف تركيا ثمناً باهظاً، حسب صحيفة „شتوتغارتر تسايتونغ Stuttgarter Zeitung ":
"لن تتعاف تركيا ولفترة طويلة من هذه الانتخابات التي نظمت لاختيار عمداء البلديات والمجالس المحلية. إن جو عدم الثقة السائد في المجتمع المنقسم، سيصبح المرافق الدائم. سوف تتعمق الهوية بين المعسكرين المتدين- المحافظ والعلماني-الليبرالي في تركيا. ولم تكن يوما قد بلغت العداوة بين المعسكرين إلى هذا القدر، مثلما هي عليه الآن، وهو ما لا يجب لأحد الافتخار به".
وحول لهجة التصعيد التي اتخذها أردوغان في خطاب "النصر" الذي ألقاه عشية الإعلان عن النتائج الجزئية، كتبت صحيفة "ألغماينه تسايتونغماينز Allg. Zeitung Mainz":
"ليس من الضروري أن تفضي الانتخابات الديمقراطية إلى نتائج ديمقراطية. في تركيا، أضعف الناخبون الديمقراطية بشكل كبير. سيقوم رئيس الوزراء أردوغان بتوسيع عملية التطهير ضد معارضيه في صفوف الشرطة والقضاء، وتقوية الرقابة على الانترنت، إلى جانب تضييق الخناق على الصحفيين المنتقدين، أو حتى ملاحقتهم. وحول جميع هذه الممارسات، أدلى الناخبون بموافقتهم عليها. أما بالنسبة لفضيحة الفساد التي طالت عائلة رئيس الوزراء، فإنهم اعتبروا الأخيرة مقدسة".
أما صحيفة "برلينر مورغن بوست/ Berliner Morgenpost"، فاتهمت أردوغان في تعليقها بنزعته السلطوية والاستبدادية:
"الديمقراطي لا يتكلم بهذه الطريقة. التهديد بأن يدفع المعارضون الثمن، تصريح فاجأ العديد من المراقبين، وهو التهديد الذي أطلقه رئيس الوزراء التركي وزعيم حزب العدالة والتنمية رجب طيب أردوغان عقب فوزه الكبير في الانتخابات المحلية.
(...) عندما يريد أردوغان المتدين وبإصرار تحويل فوزه إلى "حرب من أجل الحرية لتركيا الجديدة"، فإن ذلك سيمضي في الاتجاه المعاكس، وهو تنازل كامل عن أسس الدولة الكمالية الغربية التي تمّ انتهاجها حتى اللحظة. وحسب المنظور الغربي ومنظور الشباب التركي، فإن البلاد تتراجع إلى الخلف عوض المضي نحو مجتمع منفتح تعددي. من يريد مثل أردوغان، تصنيف أصحاب الرأي الآخر كـ"أعداء"، وتحويل يوم الفوز في الانتخابات إلى موعد انطلاق عمليات انتقام، فإنه لم يفهم شيئا في الديمقراطية".
السيسي لن يصبح رئيسا لجميع المصريين
على صعيد آخر، انتقدت صحيفة "برلينر تسايتونغ Berliner Zeitung" ترشح وزير الدفاع المصري السابق للانتخابات الرئاسية، موضحة:
"في مصر، أعلن رجل السلطة الفعلي المشير عبد الفتاح السيسي، الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع والذي قاد الانقلاب العام الماضي، ترشحه للانتخابات الرئاسة. والرسالة المهمة التي بعثها: إما نحن أم هم- ولا يوجد بديل آخر عن السلام المقرر له. وهي الرسالة التي تضمنتها أحكام الإعدام الـ529 (بحق أنصار المعزول مرسي)".
بدورها، انتقدت صحيفة "دير شتاندارد النمساوية Der Standard " الصادرة في العاصمة فيينا السيسي محذرة من فشله في أن يصبح رئيسا لجميع المصريين:
"حتى ولو كان يحظى بشعبية جارفة، وسيفوز في الانتخابات بسهولة كبيرة، إلا أن السيسي بعيد جدا عن أن يصبح رئيسا لجميع المصريين، وأن يكون شخصية توافقيةتلتف حولها جميع شرائح المجتمع المنقسمة جدا، حتى ولو أكد في خطابه، أنه يعتبر أيّ مصري لم يحاكم قضائيا، شريكا.
وحسب التعامل الحالي للجهاز القضائي، فإن الوضع لا يطمئن. "الإرهابيون" سيحاربهم حتى من دون الزي العسكري، يقول السيسي. وسريعا ما يصنف المرء إرهابيا في مصر حاليا".