"صُنع في ألمانيا" – بين السمعة الجيدة وتحديات العولمة
٢٩ يناير ٢٠١٤كيفما كان الأمر يجب الحفاظ على علامة "صُنع في ألمانيا" (Made in Germany)، هذا ما يؤكده سياسيون ومسؤولون في الاتحادات الصناعية الألمانية وهم في طريقهم إلى بروكسل، من خلفية الحديث عن أفكار تهدف إلى دمج هذه العلامة في أنظمة جمركية على الصعيد الأوروبي. غير أن مثل هذه الخطوة قد تعرض "المكانة البارزة لأصحاب الشركات الألمانية" للخطر، كما تقول الأوساط السياسية والاقتصادية الألمانية، مشيرة في ذلك إلى أن علامة "صنع في ألمانيا" أصبحت في غضون 125 عاما علامة نوعية، تجد ثقة 70 بالمائة من المستهلكين الألمان ، وغيرهم من المستهلكين في كل دول العالم.
أهمية تلك السمعة تعرفها بالخصوص مؤسسة التجارة والاستثمارات التابعة للحكومة الألمانية والتي تسوق موقع ألمانيا الاقتصادي والتكنولوجي في في دول العالم وتقدم استشارات للشركات الألمانية في موضوع الأسواق الخارجية كما تدعم شركات أجنبية للإستثمار في ألمانيا. فهي تعمل من خلال شبكة كبيرة تضم متتبعين لتطورات الأسواق في مختلف الدول، حيث إنهم يقدمون معلومات مهمة لمقر المؤسسة المركزية في برلين، بما فيها معلومات حول التقييم الذي تتمتع به ميزة علامة "صنع في ألمانيا".
سمعة جيدة تعود إلى العهد الإمبراطوري الروسي
تعود السمعة الجيدة التي تتمتع بها علامة "صنع في ألمانيا" حتى يومنا هذا إلى العهد الإمبراطوري في روسيا، كما يقول مراسل مؤسسة التجارة والاستثمار في موسكو بيرند هونس، حيث إن "آلة ألمانية تكفي لدفع الشركات الروسية إلى تقديم وعود إلى زائنها بالنوعية الألمانية. وهناك مطاعم تجذب زوارها من خلال إطلاق أسماء عليها تبدو ألمانية. وبكل حماس يشيد مستهلكون في روسيا بالبضائع الألمانية من خلال الإنترنت أيضا، وباختصار فأن علامة "صنع في ألمانيا" ترمز في روسيا إلى النوعية الجيدة للمنتجات الألمانية وللثقة الكبيرة فيها".
وفي بريطانيا يلاحظ شتيفن إينينغر مرسال شركة التجارة والإستثمار في لندن أنه "لم تتغير سمعة المنتجات والخدمات الألمانية وهي لا تزال جيدة"، مضيفا أنه "منذ 100 عام على الأقل يربط بريطانيون كثيرون مفهومي النوعية الجيدة والثقة الكاملة بالمنتجات الألمانية بشكل خاص".
لا تكفي العلامة وحدها
مثل هذه التقييمات من موسكو ولندن لا يمكن ملاحظتها في كل مكان . فرغم أن علامة "صنع في ألمانيا" لا تزل في البرازيل أيضا ضمانا للثقة والنوعية العالية، كما يقول أوليفر دونه، مراسل مؤسسة التجارة والاستثمار في ساو باولو، "فإن هناك نوعا من الاستعداد للتراجع عن ذلك الموقف". ولذلك يجب على الشركات الألمانية أن تستثمر أكثر في التواصل مع الزبائن وفي تقديم خدمات لاحقة في عملية المتاجرة ببضائعها"، كما يضيف المراسل.
في الصين أيضا لاتزال علامة "صنع في ألمانيا" عنصرا مؤثرا في الصفقات التجارية. غير أن ذلك لا يؤدي وحده إلى النجاح"، كما تقول شتيفاني شميت مراسلة المؤسسة في بيكين. فهي تشيرإلى أن المنافسة في الصين أصبحت قائمة في جميع المجالات تقريبا. يضاف إلى ذلك أن الشركات التي تنتج بضائعها في الصين، تجد نفسها، في حالات كثيرة، مجبرة على استخدام علامة "صُمِِّمَ في ألمانيا" أو ما يشابه تلك العلامة. ولذلك تعبر المراسلة في بيكين عن اعتقادها إن العلامة المميزة في المستقبل ستكون أكثر ارتباطا بالمنتِج.
جاذبية من الناحيةالتقنية فقط
أما بالنسبة للهند فرغم أن المنتجات الألمانية تتمتع بسمعة جيدة، إلا أن ذلك لا ينطبق على كافة الفروع الاقتصادية، كما تقول المراسلة كاترين باسفانتيس في نيو دلهي". وتلاحظ أن "المنتجات الألمانية ترمز إلى النوعية العالية والتقنية الجذابة". ورغم ذلك، فإن أسعارها العالية تدفع الشركات والمستهلكين إلى التخلي عن شراء البضائع الألمانية في معظم الحالات. "ولا تُعتبر تلك المنتجات الألمانية التي يلعب تصميمها دورا حاسما، جذابة، في حين يكون الطلب كبيرا على الآلات والسيارات وآثاث المطبخ من انتاج ألماني "، كما تقول كاترين باسفانتيس.
في الولايات المتحدة لازالت الإشارة إلى أن الإنتاج تم في ألمانيا أمرا يشجع على شراء تلك البضاعة. "إذا كان إنتاج البضائع في ألمانيا واضحا، فإن ذلك يُعتبر دليلا على نوعيتها الجيدة والثقة بها"، كما يقول المراسل مارتين فيكرت في واشنطن، غير أنه يضيف: "من ناحية أخرى يعتبر بعض المستهلكين ذلك إشارة إلى الأسعار العالية لتلك السلع وغير المنافسة لعلامة (صنع في الولايات المتحدة الأمريكية). ومن هذه الخلفية، هناك شركات ألمانية كثيرة تتحفظ في استخدام العلامة الألمانية "، كما يقول مارتين فيكرت".
سمعة تتعدى السلع المنتوجة
في طوكيو يعتبر المراسل ديتلف رين أن اليابانيين يولون أهمية كبيرة للمعايير مثل النوعية والثقة، مشيرا إلى أن علامة "صنع في ألمانيا" تحظى بأهمية خاصة فيما يتعلق بالسيارات والآلات. وينطبق ذلك أيضا على تقنيات قطاعي البيئة والطاقة. إلا أنه من الضروري إثبات هذه السمعة بشكل مسترسل. ويضيف المراسل قائلا: "لا تقتصر علامة "صنع في ألمانيا" على المنتجات الصناعية فقط، بل تشمل قطاعات أخرى مثل مهرجانات أكتوبر وأسواق عيد الميلاد التقليدية في ألمانيا ، وهي تظاهرات تحظى في اليابان بشعبية كبيرة.