طالبو اللجوء السياسي في ألمانيا يعانون من "بطالة مفروضة"
٢٦ يونيو ٢٠١٣يعرف أفراد أسرة هاشمي معنى الملل بشكل جيد، إذ أنهم أتوا عام 2010 كلاجئين إلى برلين هربا من الحرب في أفغانستان. ومنذ ذلك الحين والأسرة تبحث عن أي عمل ما للأب أمان. وتقول ابنة أمان هاشمي ميترا: "اعتقدنا في البداية أن الحصول على عمل أمر بسيط وأن البحث في الانترنيت كاف لهذا الغرض. في أفغانستان كان أمان يستورد بضائع من إيران. والآن تبحث الأسرة عن أي عمل بسيط له لا يتطلب أي تأهيل، إذ أنه لا يعرف إلا القليل من اللغة الألمانية. ولم تتمكن الأسرة حتى الآن من تمويل مشاركة الأب في إحدى الدورات اللغوية، فالإدارة المختصة بشؤون الأجانب رفضت تحمل التكاليف. على خلاف ابنته ميترا التي تعلمت الألمانية في المدرسة وتتكلمها بطلاقة. ويمكن وصفها بأنها صوت الأسرة.
تفضيل الآخرين على اللاجئين في سوق العمل
رغم عرض شركة صغيرة لإنتاج الملابس عملا على أمان في كوي الملابس، فقد رفضت إدارة شؤون الأجانب السماح له بالعمل، ورغم إمكانية السماح للاجئين بالعمل بعد سنة واحدة من الإقامة في ألمانيا، كما هو الأمر بالنسبة لأفراد أسرة هاشمي وتقديم طلب للاعتراف بهم كلاجئين سياسيين، فهناك الحاجة إلى رخصة من إدارة شؤون الأجانب. غير أن ذلك لا يتم إلا بعد حصولها على إذن من وكالة العمل المختصة، التي تتأكد بعد التحقيق عن عدم وجود مواطنين ألمان يبحثون عن عمل يشبه فرصة العمل المعروضة.
وتقول المحامية بيرينيس بولو إن هذا النظام يحرم اللاجئين من العمل، مشيرة إلى أن طالبي اللجوء السياسي الذين لا يجيدون اللغة الألمانية، يبحثون غالبا عن فرص عمل بسيطة مثلا في قطاع التنظيف أو المساعدة في المخبزة. وتضيف قائلة: "بطبيعة الحال هناك دائما من يريد القيام بهذا العمل من بين العاطلين الألمان أومن بين الأجانب الذين يتوفرون على تأشيرة الإقامة في ألمانيا".
ليس هناك من أمل في تغيير هذا الوضع
قد يكون من المستحيل أن يجد طالبو اللجوء السياسي في برلين وشرق ألمانيا عملا، حيث إن نسبة البطالة هناك مرتفعة ، كما تقول المحامية بولو. من حين لآخر يقوم الكثيرون من موكليها بملىء استمارات البحث عن عمل ويقدمون طلبات أو يتوجهون إلى إدارات شؤون الأجانب بأمل النجاح في تحقيق ما ينشدون إليه. وتقدر بولو نسبة الذين يحصلون على الترخيص الضروري للعمل بأقل من عشرة بالمائة.
وتعتبر المحامية أن هذا الوضع لن يتغير جذريا في المستقبل. فالسياسيون المسؤولون يحاولون من خلال حرمان اللاجئين من العمل دفعهم إلى عدم تقديم طلب اللجوء السياسي داخل ألمانيا، رغم أن ذلك غير معقول، كما تقول بوبو. وتضيف: "يتم تفضيل تمويل إقامة اللاجئين لمدة سنين على إتاحة فرصة عمل لهم لتمويل حياتهم اليومية بأنفسهم". ومع مرور سنوات من الانتظار يتراجع مستوى الحماس في تعلم الألمانية والاندماج داخل المجتمع.
الشعور العدمية
تقول ميترا إن طالبي اللجوء السياسي "يشعرون بالعدمية"، رغم أنهم "يعتبرون أنفسهم أناسا مثل الآخرين". وتضيف أن والدها يعاني من الكآبة، مشيرة إلى أن الانتظار بلا نهاية وخيبة أمله في الحصول على عمل أو المشاركة في دورة لغوية على الأقل، أمور لا يمكن تحملها نفسيا. ويجلس أمان في أحيان كثيرة لمدة ساعات أمام جهاز التلفزيون متنقلا من محطة إلى الأخرى وبحثا عن أنباء من أفغانستان. غير أن تلك الأخبار تزيد من حدة كآبته.
وتقول زوجة أمان غازية: "لستُ بخير، عندما أتوجه إلى إدارة الشؤون الاجتماعية بحثا عن بعض المساعدات المالية. من جهتها تضيف ميترا قائلة: "ليس هناك من أحد يريد أن يعيش من أموال الآخرين. نريد أن نصبح جزءا من هذا المجتمع".
أمل في الاندماج داخل المجتمع الألماني
بعد إكمال الثانوية تريد ميترا دراسة طب الأسنان. كما تريد أمها المشاركة في دروس تدريب للمربيات. ويمكن لأفراد أسرة هاشمي أن يقدموا قريبا على تنفيذ خططهم، إذ أن السلطات المختصة وافقت مؤخرا على طلبهم للجوء السياسي في ألمانيا. وهذا يعني أنهم سيتمتعون بحق العمل في البلاد. ويمكن لهم حينئذ أن يوجهوا طلباتهم إلى أرباب العمل، بحثا عن عمل.