عائلة هشام تختار الألمانية كلغة أم من أجل الأطفال
٢١ فبراير ٢٠٠٥بهدف تعزيز التنوع الثقافي وتعدد اللغات تحتفل منظمة اليونسكو سنوياً باليوم العالمي للغة الأم في الحادي والعشرين من شهر شباط/فبراير. أما دافعها لذلك فيتمثل في كون هذه اللغة أهم وأقوى أداة لحفظ الهوية والتراث من جيل إلى أخر. ويساهم التعدد اللغوي لدى الأسر التي تتحدث لغات مختلفة في التفاهم والحوار بين الثقافات، إلا أن هذا يؤدي في بعض الأحيان إلى مشكلات قد تواجه الآسر المختلطة، مثلاً حينما يكون الأبوان من بلدين مختلفتين ويتفاهمان بلغة البلد الأجنبي الذي يعيشان فيه أو حينما، ينجبان ويريد كل منهما التحدث مع أطفاله بلغته الأصلية للحفاظ على هويته. ويأتي في هذا السياق حرصهما في نفس الوقت على تعليم أطفالهما لغة البلد الذي يعيشان فيه. وفي الوقت الذي ينظر البعض إلى تحدث الأطفال عدة لغات كنوع من التشتت الثقافي، يرى الآخرون في ذلك أرضاً خصبة للتواصل بين الثقافات المختلفة.
حالة عائلة هشام
يعيش في ألمانيا الكثير من الأسر المختلطة التي اتخذت من اللغة الألمانية لغتها الأم. إذاعة دويتشه فيله التقت إحدى هذه الأسر التي تضم رب العائلة التونسي هشام وزوجتنه فولا من اليونان، وهما أبوان لطفلين، كونستانتين ( 5 سنوات ) و لياندروس ( 3 سنوات). سؤالنا الأول كان حول دواعي اعتماد اللغة الألمانية كلغة أم. تقول فولا في معرض إجابتها: " كنا نرغب منذ البداية أن تكون الألمانية لغة أطفالنا. ويعود ذلك إلى تخوفنا من ضعف مستواهم عن بقية التلاميذ الذين لديهم لغة أم واحدة عندما يلتحقون بالمدرسة". أما هشام فيرى أن الأمر فرضته ظروف العائلة وانتماءات الأبوين "ربما كان الأمر سيتخذ شكلا أخر لو كان كلانا من اليونان أو من تونس. في هذه الحالة كنا سنتحدث العربية أو اليونانية إلى جانب الألمانية مع الأطفال."
الظروف تفرض نفسها
وحول ردود أفعال الأهل في تونس على إهمال اللغة العربية كلغة أم لرب العائلة يذكر هشام أن الاستفسارات لا تأت من والده وحسب، وإنما من جميع أفراد العائلة، ويذكر أنه يجد أحياناً في كلامهم نوعا من اللوم. وعليه فهو يحاول توضيح الأمر على أنه ليس بهذه البساطة وأنه أدرى بظروف الأولاد. "لا أستطيع أن أثقل عليهم بتعلم العربية فقط لأننا قد نسافر إلى تونس لمدة أسبوعين، وهناك أيضا أسباب عملية تساهم في هذا الوضع وهي أسباب تتعلق بعملي الذي ينتهي غالبا في المساء المتأخر ويتطلب في الكثير من الأحيان السفر بعيداً عن الأسرة." وعن مدى اهتمام الطفلين بلغتي الأبوين وماذا سيفعلانه في حال وجد هذا الاهتمام ذكرت فولا: "أن اهتمامهما في تزايد مستمر، وكثيرا ما يسألان عن معنى كلمة أو جملة بالعربية أو اليونانية، وعندما سيلتحقان على سبيل المثال بمدرسة لتعليم اليونانية سأتحدث معهما بشكل منظم بلغتي."
الطفل يستطيع اتقان أكثر من لغة
وعن مدى صعوبة تعلم الأطفال لمجموعة من اللغات في الأسر المختلطة وغيرها وما إذا كان ذلك يسبب نوعا من التشتت لهم في حالة عائلة هشام قالت السيدة بينكه مديرة معهد علم اللغات في مدينة دوسلدورف: "على الإطلاق، ليس هناك مشكلة تواجه الأطفال الذين ينشئون في بيئة تتحدث لغات عديدة طالما أن لديهم دائما من يشاركهم بشكل منتظم في الحديث بها، لكن الكثيرين من الآباء يميلون لتسهيل الأمور على أطفالهم ظناً منهم أنهم لا يستطيعون إتقان أكثر من لغة واحدة."