Tunisia Economic Forum
١٥ نوفمبر ٢٠٠٨عندما يتم الحديث عن مشاريع "الاتحاد من أجل المتوسط" يشكك الكثيرون في إمكانية خروجها إلى النور على ضوء بقاء جل مشاريع "عملية برشلونة" قيد الأدراج بسبب ربطها بشروط سياسية والفشل في تحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.
غير أن جاك صرّاف رئيس اتحاد رجال الأعمال المتوسطي يصف العملية الأخيرة بأنها "نصف ناجحة" كونها أسست لاجتماعات مشتركة كتقليد جديد بين مختلف فرفاء النزاع بمن فيهم إسرائيل، إضافة إلى تنفيذ العديد من المشاريع الثنائية الهامة في إطارها رغم أن بلدانا كتونس والمغرب ومصر استفادت منها أكثر من بلدان كسوريا والجزائر وليبيا.
فرص نجاح أقوى بفضل الطابع الإقليمي لمشاريع الاتحاد المتوسطي
صرّاف هو أيضا من المتفائلين بمشاريع "الاتحاد من أجل المتوسط" في مجالات النقل والطاقة والبيئة رغم الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية. ويزيد من تفائله أن هذه المشاريع مطروحة في فضاء إقليمي يتخطى المجال الثنائي ويدفع الدول المعنية للدخول فيها من باب المصالح المشتركة. وهو أمر يرى فيه اتحاد رجال الأعمال المذكور استكمالا لعملية برشلونة وليس اعترافا ضمنيا بعدم نجاحها.
الاتحاد الأوروبي مستمر بتعهداته رغم الأزمة المالية
وفي سياق الوقوف على خلفية تفائله قال صرّاف في لقاء خص بها موقعنا خلال مشاركته في أعمال ملتقى تونس الاقتصادي الدولي الذي يعقد يومي 14 و 15 نوفمبر/ تشرين الثاني في العاصمة تونس: "ما سمعته في لقاء نيس الأخير مع ممثلي المفوضية الأوروبية وبنك الاستثمار الأوروبي يشير إلى استمرار التزام الاتحاد بتقديم المبلغ المخصص سابقا بقيمة 10.7 مليار يورو لهذه المشاريع"، وأضاف: "بدأت هذه المشاريع تأخذ طريقها إلى النور من خلال مشروع طريق سريع لربط الدول المغربية خصص لدراسته ووضع الخطوات الأولى لتنفيذه 257 مليون يورو". صرّاف يعتقد أن الالتزام الأوروبي لايعكس فقط الحاجة إلى الأسواق المتوسطية الجنوبية، بل أيضا الأهمية الحيوية للمشاريع المشتركة المطروحة وفي مقدمتها مشاريع الطاقة.
الاعتماد على القدرات الذاتية بدلا من الانتظار
غير أنه ورغم التفاؤل الذي عبر عنه رئيس اتحاد رجال الأعمال المتوسطي حيال مشاريع الاتحاد من أجل المتوسط، فإن التشكيك في تنفيذها وصل إلى صناع القرار السياسي في تونس وبلدان أخرى. فعلى سبيل المثال قررت الحكومة التونسية الاعتماد على إمكانيات ذاتية وقروض عربية وإسلامية في تنفيذ طرق سريعة بطول ألف كيلو متر يندرج قسم منها في إطار مشاريع الاتحاد من أجل المتوسط. وزير التنمية والتعاون الدولي التونسي محمد النوري الجويني ذكر في ملتقى تونس المذكور أعلاه أن بلاده اتخذت هذا القرار على ضوء مخاوفها من تأخير تنفيذ المشاريع المشتركة مع الاتحاد الأوروبي بسبب الأزمة المالية وتبعاتها التي بدأت بالظهور على الاقتصاد العالمي.
المشكلة في ضعف تكامل دول المتوسط الجنوبية
غير أن التحدي الأكبر الذي يواجه مشاريع الاتحاد من أجل المتوسط ليس الأزمة المالية، وإنما ضعف التعاون والتكامل بين دول المتوسط الجنوبية عامة والدول المغاربية خاصة. في هذا السياق يقول صرّاف: "أحد أبرز المشاكل على سبيل المثال أن الدول المغاربية لم تنجز سوقها الموحدة بسبب الخلافات السياسية رغم القرارات المتعلقة بمنطقة التجارة الحرة وغيرها". وهذا أمر يعيق المشاريع المشتركة. لكن المسؤول المتوسطي اعتبر أن سياسة تونس تقوم على تجنب العداوات مع الدول الجارة، مما يجعل الكثير من خبراتها قدوة لدفع التعاون والتكامل. وفي هذا الإطار يمكنها أن تلعب دورا هاما للم الشمل في حوض المتوسط الجنوبي، لاسيما وان لديها خبرات عريقة في مجالات الصناعات الوسيطة والخدمات.
ملتقى تونس الذي تنظمه مجموعة الاقتصاد والأعمال العربية والدولية وجهات تونسية تضمنت عدة محاور أبرزها دور تونس في التكامل اليورو متوسطي والإجراءات التي ينبغي اتخاذها لمواجهة الأزمة المالية. الوزير التونسي الأول محمد الغنوشي الذي افتتح الملتقى ذكر في هذا السياق أن بلاده ستواصل جهودها للاندماج بالاقتصاد العالمي عبر الفضاء المتوسطي رغم الأزمة من خلال تشجيع المبادرات الفردية والاستثمار في التعليم المهني والبيئة ومراجعة أوضاع القطاع المالي الذي لم يتأثر كثيرا بالأزمة على ضوء سياساته المحافظة. أما رؤوف أبو زكي رئيس مجموعة الاقتصاد والأعمال العربية والدولية فذكر في حديث مع موقعنا أن الحضور العربي والدولي للملتقى يعكس استمرار الثقة بمناخ الاستثمار في تونس التي يعمل فيها أكثر من 3000 شركة ومؤسسة أجنبية. وأضاف أبو زكي أن عدم تأثر الأسواق العربية بالأزمة المالية بشكل حاد يساعد دول الاتحاد الأوروبي على التخفيف من تبعاتها لأن هذه الأسواق ستبقى منفذا في غاية الأهمية لصادرات هذه الدول.