عقار "تروفادا" للوقاية من الإيدز .. وسيلة فعالة أم دعاية للتربح؟
٢٢ يوليو ٢٠١٢يوجد في الأسواق حالياً ما يقرب من 20 عقاراً طبياً للوقاية من الإصابة بفيروس "إتش آي في" المسبب لمرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز). ويجب دمج ثلاث مواد فعالة على الأقل لوقت تكاثر فيروس الإيدز. ويمثل عقار "تروفادا" نموذجاً لعملية دمج المواد الفعالة، إذ يتميز هذا العقار بأن القرص الواحد يحتوي على مادتين أو ثلاث من المواد الفعالة الضرورية. كما أن المريض لا يحتاج لتناول أكثر من قرص واحد في اليوم.
أما أهم ميزة لهذا الدواء فتتمثل في سهولة هضم الجسم له مقارنة بأدوية أخرى، حسب ما يوضح يورغن روكشتروه، من مستشفى بون الجامعي في تصريحات لـ DW. وكانت الوكالة الأمريكية للأغذية والعقاقير (إف دي إيه) قد واقفت على تسويق "تروفادا" كعقار يقلل من خطر الإصابة بالفيروس المسبب للإيدز لمن هم غير مصابين به. وجاءت هذه الخطوة بعد توصية لجنة من الخبراء استندت في توصيتها على دراستين.
عقار للوقاية من الإيدز
ويحاول الباحثون منذ سنوات اختبار إمكانية استخدام عقاقير علاج الإيدز كعنصر وقاية للأصحاء. ووقع الاختيار وقتها على عقار "تروفادا" للقيام بهذه المهمة، بيد أن نتائج الدراسات المختلفة لم تكن واحدة، الأمر الذي أثار جدلاً شديداً بين المتخصصين. ومن بين الأسئلة التي طرحت بشدة وقتها هو كيف ومتى يجب تعاطي هذا العقار.
ولا يرى شتيفان إيسر، مدير القسم المتخصص لحاملي فيروس "إتش آي في" في مستشفى إيسن الجامعي بألمانيا، فائدة من تناول الدواء عند الحاجة فحسب، أي قبل العلاقة الجنسية مثلاً. ويوضح إيسر الأمر قائلاً: "لا يمكن للشخص تناول القرص قبل العلاقة الجنسية بدقيقتين والاعتقاد بأنه في أمان".
كما أوضحت الدراسات أن عقار "تروفادا" يؤدي دوره الوقائي فقط في حال تناوله بشكل يومي، مثلما يحدث مع المصابين بفيروس "إتش آي في". لكن الأمر لا يخلو من آثار جانبية يوضحها إيسر قائلاً: "من الممكن أن تنخفض كثافة العظام على سبيل المثال أو يتأثر أداء الكلى". ولا يتقبل بعض الأطباء في أوروبا مسألة حدوث هذه الأعراض الجانبية لأشخاص أصحاء، لذلك فهم يعارضون قرار السماح بتداول "تروفادا" في الأسواق.
فرق في الوقاية بين الرجال والنساء
وتظهر الدراسات المزيد من نقاط الضعف في عقار "تروفادا" كدواء وقائي، فمعدل الوقاية للرجال من الإصابة بفيروس "إتش آي في" أعلى من النساء، حسب رأي يورغن روكشتروه، الطبيب المتخصص في العدوى بالفيروسات. ومن بين النقاط التي يجب مراعاتها هو أن هذا العقار لا يوفر الحماية الكافية للرجال دائمي تغيير شريكة الحياة، بالإضافة إلى زيادة مخاطر إصابتهم بأمراض تناسلية أخرى مثل الزهري أو السيلان.
وأكدت الوكالة الأمريكية للأغذية والعقاقير كما أكد الأطباء أن استخدام عقار "تروفادا" لا يغني مطلقاً عن العلاقات الجنسية الآمنة. وتبقى أكثر الفئات استفادة من عقار "تروفادا" للوقاية من الإصابة بفيروس "إتش آي في" هم الرجال الذين يمارسون الجنس مع شريكة حياة واحدة فقط، إذ تصل نسبة الوقاية في هذه الحالة لنحو 70 بالمائة.
لكن عقار "تروفادا" ليس وسيلة الحماية الوحيدة من الإيدز لهؤلاء الرجال، فالواقي الذكري يقوم أيضاً بنفس العمل. ويقابل شتيفان إيسر في المستشفى الجامعي بمدينة إيسن العديد من الأزواج، الذي يحمل أحدهما الفيروس ويسألون عادة عن مخاطر إصابة الشريك الآخر به. الحل الأفضل في هذه مثل هذه الحالات هو إعطاء عقاقير الوقاية للشريك المصاب، إذ إن مزيج المواد الذي تحتوية يساهم في تقليص عدد فيروسات الإيدز في الجسم بشكل كبير، وبالتالي تتراجع مخاطر إصابة الشريك السليم بحوالي 96 بالمائة.
الإقبال على العلاج الوقائي خوفا على شريك الحياة
يقبل الكثير من حاملي فيروس "إتش آي في" على تناول العقاقير الطبية في المقام الأول خوفاً من إصابة شريك حياتهم بالفيروس، وهو أمر لا يرى فيه شتيفان إيسر أدنى مشكلة، على العكس من نظرته للأصحاء الذين يتناولون هذا الدواء كنوع من الوقاية، لاسيما وأن التكلفة أيضاً عالية، إذ إن علاج حاملي فيروس "إتش آي في" بعقار "تروفادا" يحتاج سنوياً لما يعادل 11 ألف يورو.
وسمحت الولايات المتحدة باستخدام عقار "تروفادا" لعلاج حاملي فيروس "إتش آي في" سنة 2000. وبعد عامين سمحت أوروبا بتداول العقار. أما الآن فيمكن الحصول على العقار في الولايات المتحدة لغير المصابين بالفيروس أيضاً كنوع من الوقاية. وترى الوكالة الأمريكية للأغذية والعقاقير أن السماح باستخدام عقار "تروفادا" يعد "نقلة نوعية في مكافحة مرض نقص المناعة المكتسب".
ومن غير المعروف بعد ما إذا كانت أوروبا ستسير على نفس خطى الولايات المتحدة في هذا الأمر أم لا، خاصة وأن الأطباء في أوروبا أقل حماساً من نظرائهم في أمريكا فيما يتعلق بجدوى استخدام هذا العقار كأسلوب وقائي، ويرون أن هناك طرقاً أخرى للوقاية أسهل بكثير وعلى رأسها الواقي الذكري.
مارتن فينكلهايده/ ابتسام فوزي
مراجعة : ياسر أبو معيلق