1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

علاء الأسواني: واجبات أهملتها الدولة المصرية في أزمة كورونا

١٤ أبريل ٢٠٢٠

في مقاله* لـ DW عربية يكشف علاء الأسواني عن "واجبات أهملتها الدولة المصرية في أزمة كورونا".

https://p.dw.com/p/3arNA
Kolumnisten Al-Aswani
صورة من: Imago/El Mundo

النظام هو الطبقة أو المؤسسة الحاكمة أما الدولة فتشمل النظام والوطن والشعب. النظام الديمقراطي يدير الدولة لصالح الشعب أما النظام الديكتاتوري فكل مايهمه الاحتفاظ بالسلطة حتى لو أدى ذلك الى اهدار حقوق المواطنين. مصر الآن تخوض حربا حقيقية ضد وباء خطير يهدد بلادنا كما يهدد العالم كله. لا يمكن أن ننتصر في هذه الحرب الا اذا أدرك نظام السيسي أن عليه ان يتصرف كدولة مسؤولة بعيدا عن الأهداف السياسية الضيقة للنظام.  فيما يلي بعض واجبات الدولة: 

أولا: منذ أيام، في محافظة الدقهلية، تظاهر الأهالي في قرية "شبرا البهو " ليمنعوا دفن طبيبة توفيت لإصابتها بفيروس كورونا. الأمر الذي اضطر قوات الأمن إلى القبض على بعض المتجمهرين ودفن الطبيبة بالقوة. وفي اليوم التالي تكررت نفس الظاهرة في مدينة بهتيم بمحافظة القليوبية اذ رفض الاهالى دفن سيدة توفيت بفيروس كورونا. هذا التصرف من الأهالي غير أخلاقي وغير انساني لكنه أيضا يعكس جهلا عميقا بكيفية انتشار فيروس كورونا.

الاعلام في العالم كله يكثف جهوده لتوعية الناس بكل ما يخص فيروس كورونا أما الاعلام المصري الذي تقوده المخابرات فلازال متفرغا لكيل الشتائم والاهانات لمعارضي السيسي، كما حدث مؤخرا مع الأستاذ حمدين صباحي الذي طالب السيسي بالافراج عن معتقلي الرأي فتم لعنه وتخوينه على كل القنوات الفضائية بأوامر الأمن. 

هذا السلوك الاعلامي الساقط لن يفيد أحدا، لأن الوباء اذا انتشر لا قدر الله لن يفرق بين مؤيدي السيسي و معارضيه. يجب على الاعلام أن يترك معارك النظام ليتفرغ لواجبات الدولة فيكثف جهوده لتوعية الناس بخطورة الوباء وكيفية انتشاره وطرق الوقاية منه.

ثانيا: ملايين المصريين يرزقون يوما بيوم ولديهم أطفال وأعباء ومصروفات ولايمكن لهم أن يتحملوا الحظر. ان مساندة هؤلاء الفقراء ليست من باب الصدقة أو الجميل وانما هي واجب أساسي على الدولة. يجب اعفاؤهم من المصروفات ودعمهم ماليا بشكل كاف لأن مبلغ 500 جنيه الذي قررته الحكومة لا يكفي اطلاقا.. في مصر آلاف المليونيرات من رجال الأعمال والفنانين ولاعبي الكرة. يجب على الدولة أن تسن قانونا تأخذ بموجبه من الأغنياء لكي تساعد الفقراء على اجتياز هذه المحنة.

ثالثا: هناك آلاف المصريين العالقين في الخليج بعد أن فقدوا أعمالهم ولم يعد لديهم ما يعيشون به وهم يناشدون الدولة مساعدتهم في العودة إلى مصر مع وضعهم في الحجر الصحي إذا كان ذلك ضروريا. الدولة تتجاهل هؤلاء العالقين تماما وكأنهم ليسوا مواطنين مصريين. ان العودة إلى الوطن حق دستوري لأي مصري لا يجوز تعطيله بأي سبب. بالرغم من الحظر فان الدول الديمقراطية جميعا تخصص طائرات لإعادة مواطنيها إلى الوطن بل ان الولايات المتحدة تعيد المواطنين والمقيمين من حاملي البطاقات الخضراء. ان واجب الدولة يحتم عليها اعادة المصريين العالقين فورا.

رابعا: فجأة أعلن الرئيس السيسي أنه يتجول سرا في الشوارع ليتفقد أحوال الناس تماما مثل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما كان يخرج سرا بالليل ليتفقد الرعية. هذا كلام عجيب ولا أفهم كيف يتجول السيسي سرا بحيث لايعرفه الناس؟ هل يخرج من القصر الجمهوري متنكرا مثلا في زي فلاح أو صياد؟ منذ أيام خرج السيسي في جولة علنية هذه المرة ليتفقد العمل في مشروعات العاصمة الادارية الجديدة. لقد ثار السيسي بشدة ووبخ الضابط المسؤول عن المشروع  - أمام الكاميرات طبعا - لأنه وجد العمال لا يغطون وجوههم بكمامات.. هذا المشهد الذى قام السيسي بأدائه أمام الكاميرات أعقبته حملة تطبيل مدوية في اعلام المخابرات راحت تسبح بحمد السيسي  باعتباره انتصر للعمال الفقراء.

ان ما فعله السيسي لايدل في رأيي على أن السيسي يحافظ على صحة العمال كما يرددون. لقد أغلقت الحكومة المساجد والكنائس والمقاهي والمطاعم ومنعت التجمعات في كل مكان وهذا الاجراء الوقائي صحيح وضروري، فاذا قررت الدولة استمرار العمل في مشروعات العاصمة الادارية كان الواجب أن تجرى اختبارات طبية لكل العمال وتستبعد حاملي الفيروس من العمل مع دفع مرتباتهم بالكامل. هذا الاجراء أهم بكثير من ارتداء الكمامات لأن وجود عامل مريض في زحام الموقع كفيل بنقل العدوى إلى عشرات العمال الذين قد ينقلون العدوى إلى أسرهم لا قدر الله.

خامسا: نظام السيسي تتملكه شهوة التنكيل بمعارضيه بينما الدولة يجب أن تقدم صحة المواطنين على أي اعتبار آخر. هناك عشرات الألوف من المعتقلين السياسيين في الحبس الاحتياطي. هؤلاء ليسوا ارهابيين ولا مجرمين وانما اصحاب رأي. ان  وجود هؤلاء الآلاف في سجون مزدحمة أصلا  يعتبر خطرا داهما على المصريين، وبالتالي فان واجب الدولة يحتم عليها الافراج الفوري عن معتقلي الرأى كما فعلت دول أخرى كثيرة، وبعد ذلك يجب نقل السجناء الباقين في ظروف لا تسمح بانتقال العدوى. 

سادسا: يجب على الدولة أن تخصص أكبر عدد من المصانع ـالمدنية والحربية ـمن أجل انتاج كمامات وقفازات طبية وأجهزة تنفس صناعي، ويجب توزيع أجهزة التنفس على المستشفيات وتوزيع الكمامات والقفازات مجانا على المواطنين. 

عندما تقوم الدولة بذلك فانها لا تصنع بطولات أو أفضالا لكنها مجرد واجبات تؤديها الدولة لأنها وجدت أساسا من أجل تحقيق مصالح المواطن والمحافظة على حياته وصحته.

سوف تنتصر مصر على وباء كورونا باذن الله عندما يتصرف نظام السيسي بما تقتضيه واجبات الدولة ومسؤولياتها. 

الديمقراطية هي الحل

[email protected]

* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي مؤسسة DW.