على عكس شعارات الشعبويين .."الهجرة تخفض نسبة الجرائم"
٩ يوليو ٢٠١٦إنه واحد من الشعارات التي ميزت العام الماضي: "ثقافة الترحيب". لكن وفي ليلة انتهاء السنة، التي تميزت بأنها سنة الاستقبال الحافل للاجئين، ودخول عام 2016، حصل تثبيط لثقافة الترحيب هذه في كولونيا وفاقت حدوده نطاق المنطقة: اعتداءات جنسية عديدة في ليلة رأس السنة من قبل مهاجرين معظمهم من دول شمال إفريقيا تثير الغضب والصدمة. وبعد نصف سنة على هذه الأحداث بدأت في كولونيا محاكمة المتهمين بالاعتداء الجنسي. والمتهمان هما جزائري وعراقي وكلاهما متهم بمحاولة السرقة أيضا.
أرقام وحقائق ضد الأساطير
قد تنصف المحاكمة الضحايا، لكن ستبقى الشكوك حول إمكانية إدماج اللاجئين بالمجتمع وخاصة القادمين من الدول الإسلامية قائمة. ومنذ أحداث كولونيا تشهد ألمانيا نقاشا حول ما إذا كان اللاجئون يجلبون المزيد من الجرائم معهم.
وفي دراسة أعدها خبير الجريمة كريستيان فالبورغ من مدينة مونستر، قام فيها بتحليل البيانات الصادرة عن المكتب الاتحادي لمكافحة الجريمة، يظهر في حديث أجرته معه DW، أن معظم جوانب الجريمة الكلاسيكية لم تشهد زيادة في نسبة الجرائم لكل 100 ألف مواطن. ويستثني الخبير جانبين فقط من جوانب الجريمة شهدا زيادة وهما: السطو على المنازل والسرقة.
إلا أن مدير شرطة مدينة براونشفايغ أولفكش Ulf Küch يقول، إن هذه الجرائم لم يرتكبها لاجئون، ويضيف: "إنهم أولئك القادمون من أوروبا الشرقية وأناس من دول المغرب. وهؤلاء لا يمكن احتسابهم على اللاجئين الذين وصلوا في السنة الماضية". ويضيف، أن هؤلاء الأشخاص يعيشون في الغالب منذ سنوات في ألمانيا.
"الهجرة تخفض الجريمة"
ساندرا بيكوريوس توصلت إلى نتائج أكثر إدهاشاً، فخبيرة الجريمة تعيش وتعمل منذ سنوات في كندا، وهي بلد هجرة، في حقل العلاقة بين المهاجرين والجريمة. "الدراسات في الساحة الدولية واضحة بهذا الخصوص"، تقول بيكوريوس في حديث مع DW، وتضيف: "واضحة بمعنى أن الهجرة تخفض من نسبة الجرائم المحلية ولا ترفعها". لكن الخبيرة شخصت ارتفاع الجريمة بين صفوف الجيل الثاني من المهاجرين، وهي تشكو من قلة الاندماج الاجتماعي وتقول: "الاندماج في النظام التعليمي والعمل وانفتاح المجتمعات على المهاجرين بشكل عام والخطاب السياسي والنقاشات التي نشهدها في بلد ما". وهي ترى أن إدماج المهاجرين في دول الهجرة التقليدية يتم بشكل أفضل من الدول الأوروبية.
وجود أفق يمنع الجريمة
كريستيان فالبورغ من مونستر يؤكد على ما سبق بالأرقام: "المهاجرون البالغون ممن لديهم عمل أو فرصة بالحصول على عمل، نادراً ما يرتكبون مخالفات". لذا يدعو الباحث إلى إعادة النظر في وضع المهاجرين الحاصلين على حق إقامة مؤقت في ألمانيا، لأنهم لا يحصلون على دروس لغة ألمانية وليس لديهم مدخل إلى المجتمع أو سوق العمل. "وضعهم القانوني غير المستقر يجعلهم فريسة سهلة للسقوط في الجريمة، أما منحهم الأمل فسوف يردعهم عن الجريمة"، يقول فالبورغ.
وإلى نتيجة مشابهة تصل دراسة صادرة عن المكتب الاتحادي لمكافحة الجريمة، حيث تم تحليل بيانات الجرائم في الشهور الثلاثة الأولى من السنة: بالرغم من ارتفاع عدد المهاجرين في ألمانيا، فإن نسبة الجريمة قد انخفضت لديهم بمقدار 18% منذ بداية العام وحتى شهر آذار/ مارس. أما المقلق في هذه البيانات للشرطة، فهو أن الاعتداءات على المهاجرين وطالبي اللجوء السياسي ومراكز إيوائهم شهدت ارتفاعاً ملحوظا في الربع الأول من عام 2016.