غياب المساواة الاجتماعية في الولايات المتحدة الأمريكية
٦ يونيو ٢٠٢٠"أود أن تعرف بأنك مهم"، بهذه الكلمات توجه الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما إلى أمريكيين شباب من أصول افريقية. "أود أن تعرف بأن حياتك مهمة، وأن أحلامك مهمة"، كما اضاف أوباما مساء الاربعاء في كلمة مباشرة عبر الفيديو بشأن الاحتجاجات عقب مقتل الأمريكي من أصل افريقي جورج فلويد بسب عنف الشرطة.
أما أنهم مهمون وبمقدورهم تحقيق أحلامهم ـ فهذا لا يؤمن به الكثير من الأمريكيين الأفارقة في الولايات المتحدة الأمريكية، أما الاحتجاجات الشعبية لأناس من بشرة مختلفة فأمر يتعلق بأكثر من عنف الشرطة. فالأمر يرتبط أيضا بالقضاء على العنصرية والتفاوت الاجتماعي الناجم عنها. ولكن ألا كان من الواجب تجاوز التمييز الذي يعود لقرون من الزمن؟ منذ قانون الحقوق المدنية لعام 1964 أصبح الأمريكيون السود من الناحية القانونية متساوون في الحقوق وعليه فإن "الفصل العنصري" غير مشروع. لكن إلى يومنا هذا ماتزال غالبية السكان البيض تتمتع في المتوسط برفاهية أكبر وتكوين أعلى ورعاية صحية أفضل.
دخل أقل بنسبة الربع
في السنوات العشر الأخيرة كان متوسط الدخل للأمريكيين السود في الولايات المتحدة الأمريكية أقل بنسبة 20 إلى 25 في المائة من متوسط دخل مواطنيهم البيض. وفقط القليل من السود من عائلات فقيرة ينجحون في الخروج من هذا الوضع. فالأمريكيون السود ذوو الآباء الذين يحتلون الخمس الأخير في سلم الرواتب يرتقون وظيفيا إلى مراتب الدخل الأعلى فقط بنسبة 50 بالمائة مقارنة مع الأطفال البيض كما كشفت عن ذلك دراسة لمؤسسة بروكينز. فلماذا يحصل هذا لو لم يكن هناك سند قانوني رسمي؟
عنصرية بنيوية
" توجد سلسلة من القوانين والممارسات القانونية التي لها تأثير سلبي على الأمريكيين السود مقارنة مع مجموعات سكانية أخرى"، يقول كريستيان لاميرت، خبير الشؤون السياسية في معهد جون اف كنيدي لجامعة برلين. "وهذا يشمل الملاحقة الجنائية والتعليم والرعاية الصحية".
وهذه العنصرية البنيوية لها تقليد طويل في الولايات المتحدة الأمريكية، كما يوضح لاميرت. وعندما اعتمدت الحكومة في 1935 التأمين الاجتماعي، استثنت عمال الزراعة والخدم في البيوت والعمال اليوميين ـ وهي مجموعات مهنية بدخول متدنية تكون فيها النسبة الكبرى للأمريكيين السود. وكمثال آني يذكر لاميرت سياسة المخدرات: "ارتكاب جنحة تعاطي المخدرات من قبل السود تلقى عقوبة أشد من تناول المخدرات الاصطناعية التي تُستهلك بالمقام الأول في وول ستريت". وهذا سبب تعرض السود لدخول السجن بمعدل ثلاثة أمثال مقارنة مع البيضـ ما يؤثر على فرص التعليم والتطور المهني.
دوامة اجتماعية اقتصادية
والحال شبيهة أيضا بسياسة الصحة: فلا يوجد تأمين صحي عام في الولايات المتحدة الأمريكية. فقط من يكسب مالا محترما أو له رب عمل عادل يملك تأمينا صحيا. وطبقا لدراسة صادرة في 2018 لم يكن لدى 11.5 في المائة من الأمريكيين السود يملكون تأمينا صحيا، وتصل هذه النسبة بين الأمريكيين البيض إلى 7.5 في المائة فقط. أضف إلى ذلك أن نظام الصحة الأمريكي يُعد من بين الأعلى كلفة في العالم. وبالرغم من أن "الفصل العنصري" محظور رسميا، فإنه يستمر عمليا في الكثير من الأماكن. فالأمريكيون السود يعيشون في الغالب في جماعات سوداء. "والرعاية الصحية داخل الجاليات السوداء أسوء بكثير من تلك الموجودة في المناطق التي يسكنها البيض"، يقول لاميرت. والحال أيضا في المدارس مشابها:" جودة المدارس في الأحياء السوداء سيئة للغاية من تلك التي يرتادها البيض. وبالتالي يتحكم ذلك في فرص السود بسوق العمل".
متوسط أعمار أقل
وهناك ارتباط بين مقر السكن والصحة والتعليم، كما يقول لاميرت:" السود يعيشون في الغالب في أحياء بها نسبة تلوث مرتفعة للهواء، وليس بمقدورهم شراء غذاء صحي، فهم يأكلون في الغالب الوجبات الجاهزة المجمدة". وهذا سبب رئيسي في إصابتهم في الغالب بأمراض مزمنة. والأمريكيون السود يعانون بنسبة مضاعفة مقارنة مع البيض من مرض السكري. والوضع الصحي السيء في المتوسط ينعكس في فرص حياة أقل. وهذا ما يتضح من حقيقة أن الأمريكيين السود يموتون بنسب أكبر نتيجة وباء كوفيد 19 بسبب الرعاية الصحية السيئة في أحيائهم.
يان فالتر/ م.أ.م