فتور حذر يخيم على القمة الروسية ـ الأوروبية في سمارا
١٨ مايو ٢٠٠٧اصطدمت روسيا من جهة والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى اليوم الجمعة بخصوص ملفي الديمقراطية وحقوق الإنسان، حيث استهلت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل القمة الروسية ـ الأوروبية بتوجيه انتقادات صريحة للسلطات الروسية، إثر منعها شخصيات معارضة من الوصول إلى مسيرة قرب مقر القمة التي بدأت أعمالها اليوم في المدينة الروسية سمارا.
وخلال اجتماعهما الذي هيمن عليه الفتور والذي خفض الطموحات في توثيق العلاقات الثنائية بين روسيا والاتحاد، رفض زعماء الاتحاد الأوروبي مطالب الكرملين كبح أعضاء الاتحاد من شرق أوروبا الذين تختلف معهم روسيا. ومنع مسؤولون بمطار في موسكو مجموعة تضم بطل العالم السابق في الشطرنج، الناشط المناهض للكرملين حاليا غاري كاسباروف من التوجه جوا إلى سمارا.
ميركل تؤيد حق التظاهر
وقالت ميركل في تصريحاتها خلال مؤتمر صحفي عقب القمة إنه ينبغي أن يسمح لكل أولئك الذين يريدون تنظيم مسيرة في سمارا بفعل ذلك. وأضافت :" يمكنني أن أتفهم الوضع إذا اعتقل أناس يلقون الحجارة أو يهددون حق الدولة في فرض النظام... لكن الأمر مختلف تماما إذا أوقفت أناسا أثناء توجههم إلى مظاهرة."
من جانبه، قال بوتين إن تصرفات الشرطة الروسية "لم تكن مبررة دائما،" ولكنه استدرك قائلا وقد بدا عليه الغضب إن كاسباروف ورفاقه شخصيات هامشية.
باروسو:" الاتحاد الأوروبي يقف وراء أعضاءه
وكانت موسكو تأمل في أن يقنع زعماء الاتحاد استونيا وليتوانيا اللتين تختلف معهما روسيا بتخفيف حدة موقفها. أما بولندا فقد عرقلت بدء المحادثات مع روسيا بعدما فرضت موسكو حظرا على واردات اللحوم البولندية.
كما تتهم موسكو استونيا بتدنيس ذكرى ضحايا الحرب العالمية الثانية بعدما أزالت نصبا تذكاريا للحرب يعود للعهد السوفيتي من وسط العاصمة تالين. أما ليتوانيا فتشعر بالغضب بعدما أغلقت روسيا خطا لأنابيب النفط.
لكن رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو أوضح أن الاتحاد يقف بقوة وراء أعضائه. وقال باروسو :" أتيحت لنا مناسبة لنقول لشركائنا الروس إن أي مشكلة تواجه دولة عضوا هي مشكلة للاتحاد الأوروبي بأكمله." وأضاف :"من المهم للغاية إذا أردتم أن تقيموا تعاونا وثيقا أن تدركوا أن الاتحاد الأوروبي يستند إلى مباديء التضامن." ورد بوتين واتهم بعض البلدان الأوروبية بالأنانية الاقتصادية التي لا تتفق دائما مع مصالح الاتحاد الأوروبي، في إشارة واضحة إلى بولندا.
مراقبون: قمة صعبة
وكانت أعمال القمة الروسية قد بدأت صباح اليوم الجمعة في مدينة سمارا الروسية بمشاركة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إضافة إلى رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو.
وتأتي القمة في وقت تخيم فيه عدة خلافات في المواقف ووجهات النظر بين الجانبين الروسي والأوروبي. ويصف المحللون القمة بأنها ستكون "صعبة للغاية" ناهيك عن أنهم لا يتوقعون التوصل لاتفاقات محددة بين موسكو وبروكسل.
ولا تزال مفاوضات التوصل لاتفاقية شراكة جديدة بين روسيا والاتحاد الأوروبي مجمدة بسبب الخلاف بين روسيا وبولندا بخصوص الحظر الذي فرضته موسكو على واردات اللحوم البولندية. بيد أن الرحلة إلى نهر الفولغا التي دعا إليها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كلا من المستشارة الألمانية ورئيس المفوضية الأوروبية مساء أمس ساهمت بعض الشيء في تخفيف حدة التوتر بين الجانبين، على حد قول المراقبين.
الطاقة ونظام الدفاع الصاروخي
وإلى جانب الخلافات بين بولندا والاتحاد الأوروبي على موضوع اللحوم، يبقى ملف الطاقة القضية الأساسية العالقة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا. فالاتحاد الأوروبي يستورد ربع استهلاكه من الغاز والنفط من روسيا. ومن أجل ضمان مستقبل إمدادات الطاقة إلى دول الاتحاد الأوروبي، تأمل بروكسل في الحصول على ضمانات من روسيا بشأن توريد الطاقة على المدى البعيد ووضع نظام إنذار في حال انقطاع إمدادات الطاقة كما حصل قبل أشهر قليلة.
وكان اتفاق شراكة وقع بين الجانبين في كانون الاول/ديسمبر1997 إلا أن العمل به ينتهي في تشرين الثاني/نوفمبر القادم. ويرى الاتحاد الأوروبي أن بنود الاتفاق الموقع تحتاج إلى تعديل لكي تتناسب مع الظروف الجديدة.
ويرغب الجانب الروسي في بحث نظام الدفاع الصاروخي الذي تعتزم واشنطن إقامته في شرق أوروبا. إلا أن بعض المصادر الألمانية قالت إن هذا الموضوع لن يطرح خلال القمة.
أوروبا تطرح موضوع حقوق الإنسان
وبالإضافة إلى المواضيع الاقتصادية والعسكرية، أثار الاتحاد الأوروبي على لسان رئيس المفوضية باروسو في مستهل القمة موضوع الديمقراطية وحقوق الإنسان. وقال باروسو إن هدف العلاقات مع روسيا "يتمثل في التوصل إلى شراكة استراتيجية لتحقيق مستقبل أفضل لمواطنينا،" مؤكدا أن الديمقراطية وحقوق الإنسان "يجب أن يكونان من القيم المشتركة بيننا." ويشكو معارضو الحكومة في روسيا من عقبات كبيرة تضعها السلطات أمام مظاهرة احتجاج خططوا لتنظيمها اليوم بمدينة سمارا. وذكر تقرير لإذاعة "إيكو موسكو" اليوم أن السلطات الروسية ألقت القبض على المعارض المعروف جاري كاسباروف والكاتب إدوارد ليمونوف وناشط حقوق الانسان ليف بونوماريوف صباح اليوم في مطار موسكو وهم في طريقهم إلى مدينة سمارا. ووفقا للتقرير، فقد تم إلقاء القبض أيضا على عدد من الصحفيين المرافقين للمعارضين الثلاثة. وقال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير في تصريحات للقناة الألمانية الثانية: "نتمنى أن يسمح لمن لديهم الرغبة بالمشاركة (في المظاهرة)".