فريق ألماني يعيد تجديد متحف شرشال الروماني
٦ نوفمبر ٢٠٠٩أنهت مجموعة من المهندسين وعلماء الآثار الألمان برئاسة الدكتورة كريستينا لاندفير، عملية تجديد و إعادة تنظيم متحف شرشال الروماني، الذي يعد أحد أهم المتاحف من هذا النوع في منطقة البحر المتوسط. ورحبت وزارة الثقافة الجزائرية، بإنهاء فريق البحث الألماني، لمهامه على أكمل وجه، خاصة و أن هذا التعاون هو الأول من نوعه منذ استقلال البلاد عام 1962. وقد أحدث فريق الدكتورة لاندفير "ثورة" داخل المتحف، عبر إعادة تنظيمه من جهة، وإعطاء الأسماء الحقيقية للتماثيل من جهة ثانية، وقد تم ذلك من خلال مقارنتها بما هو موجود من تماثيل في دول البحر المتوسط التي كانت تحت النفوذ الروماني.
أما سبب تسمية هذا التغيير بالثورة، فلأنه يخالف مخالفة تامة، الترتيب الذي أجرته الإدارة الاستعمارية الفرنسية قبل مائة و ستين عاما، و عن هذا تقول الدكتورة لاندفير: "لاقت التغييرات و الإصلاحات التي قمنا بها استحسانا عالميا منقطع النظير، و لم نجد أية معارضة من أي خبير عالمي عندما أشرنا إلى أهمية التدقيق في هوية أصحاب التماثيل و إعطاءها أسماءها الحقيقية".
حلول عملية تعتمد على مقومات البيئة المحلية
وقدم الفريق الألماني أيضا حلولا عملية كثيرة، لتجنيب معروضات المتحف من خطر الزلازل، التي تعرفها المنطقة من حين لآخر، كما تم ترقيم ملفات المقتنيات بالتنسيق مع معاهد بحث في فرنسا و الجزائر، وتقرر بالتنسيق مع الطرف الجزائري، توسيع المتحف الذي يقع وسط مدينة شرشال، عبر ضم مبنيي البلدية و الدرك، كما سيتم إنشاء قسم للأطفال، تماما كما هو معمول به في ألمانيا. يقول ستيفان هوفمانن رئيس مجموعة الحرفيين في الوفد الألماني: " قمنا بالتنسيق مع زملائنا الجزائريين، بجلب الدعامات الرخامية الجديدة، من ولاية البليدة 50 كلم غرب العاصمة، و هي من مواد رخامية جزائرية و صناعة جزائرية أيضا، و عملنا على أكثر من مائتي تمثال و قطعة أثرية، حيث ثبتناها جميعها بما يحفظها من خطر الزلازل، كما أننا غيرنا طريقة العرض بشكل تام، بحين تتناسب و الحقائق التاريخية".
و كان اللقاء فرصة للخبراء الجزائريين، كي يتعرفوا على طريقة عمل مختلفة، ووجهة نظر تاريخية موثقة كتلك التي قدمها فريق البحث الألماني، وهذه الأخيرة كانت في الواقع موجودة لدى الخبراء الجزائريين، الذين شكك الكثير منهم في المعلومات المقدمة في الفترة الاستعمارية.
وقد نظم معهد غوته مشروع التعاون هذا بين الجانبين الألماني والجزائري، و تعلق الدكتورة أليكس لاندغريبي على هذه التجربة بالقول: " من الأهمية بمكان، تعاون الجزائريين و الألمان، لتحسين و تجديد متحف شرشال التاريخي، و هذا يثبت في حد ذاته أننا نشترك في الكثير من التفاصيل، ألم نكن يوما جميعا، شمال إفريقيين و جرمان، تحت السلطة الرومانية".
وتعتبر مدينة شرشال، أحد أهم الحواضر الرومانية في الفترة الممتدة ما بين 200 قبل الميلاد و 50 بعد الميلاد، حيث كانت عاصمة نوميديا، اي الجزائر و المغرب و تونس و ليبيا حاليا، و قد نصبت روما على رأسها يوبا الثاني البربري الذي ربته في القصر الروماني و زوجته بسيلسا ابنة كليبوباترا ملكة مصر، الأمر الذي أدى إلى جعل شرشال حاضرة رومانية بامتياز، بل و تحظى باهتمام حضاري منقطع النظير، ما أدى إلى تحولها مع مر الزمن إلى منطقة أثرية غاية في الأهمية.
الكاتب: هيثم رباني
مراجعة: ابراهيم محمد