فعالية سينمائية برلينية عن الحياة اليومية في إسرائيل والمناطق الفلسطينية
في محاولة لتقريب المسافات بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي وتكوين فهم صحيح لدى المواطن الألماني عن الصراع العربي الإسرائيلي والمعايير التي تحكم حياة الشعبين، ينظم "دار ثقافات العالم" الذي يتخذ من العاصمة الألمانية برلين مقرا له مهرجانا سينمائيا يستمر حتى الثامن عشر من الشهر الجاري كانون الأول/ ديسمبر. ويرافق المهرجان معرض تصوير فوتوغرافي عن حياة الفلسطينيين والإسرائيليين اليومية والصعوبات التي تواجههم. ووفقا للمشرفين على المهرجان فإن الفعالية تهدف إلى تعريف المشاهدين على التناقضات التي تعيشها إسرائيل والمناطق الفلسطينية، ومن هنا جاءت تسمية المهرجان "حُلم وصدمة". ومن بين أهم المواضيع التي تتطرق لها الأفلام المعروضة الفرق الشاسع بين حلم المهاجرين اليهود بالأرض المقدسة (إسرائيل) وواقع الحياة الذي يصطدمون به بعد وصولهم إلى ما يعتقدون أنها "أرض الميعاد".
بعيداً عن السياسة
صحيح أنه من الصعوبة جدا الابتعاد عن السياسة إذا أراد الفنان الحديث عن قضايا إسرائيلية وفلسطينية. غير أن اختيار المشرفين وقع على أفلام لا تكون دائما مصبوغة بصبغة سياسية. فعلى سبيل المثال لا يظهر شباب فلسطينيون في أحد الأفلام كـ "مشاغبين" يرشقون الجنود الإسرائيليين بالحجارة، بل كمجموعة سياحية تركب حافلة تنقلهم من مكان إلى آخر وهم في تفكير عميق في بلادهم التي شُردوا منها. كما لا يظهر الإسرائيليون في أحد الأفلام كجنود يهددون أمن الفلسطينيين في المناطق المحتلة، بل كشباب لا تشغلهم سوى الموسيقى والرقص واللهو.
مجتمع متناقض
تدور أحداث فيلم الافتتاحية تحت عنوان "المرحلة/ The Stage " في مسرح أسسه مهاجرون روس في تل أبيب. وفي هذا الفيلم يتعرف المشاهد على القضايا والمواضيع التي يتحدث عنها زوار المسرح من هؤلاء المهاجرين وعن الدوافع التي شجعتهم على الهجرة إلى إسرائيل. وفي هذا الفيلم بالذات تظهر تناقضات المجتمع الإسرائيلي، ففي حين عمل هؤلاء المهاجرون في بلدهم الأصلي روسيا كأساتذة جامعيين ومغنيي أوبرا وممثلين وأرادوا من خلال هجرتهم إلى إسرائيل بدء حياة جديدة، نراهم في الفيلم يعملون منظفين أو عمال مساعدين. ومن بين الأفلام التي تتحدث عن تناقضات المجتمع الإسرائيلي الفيلم الفكاهي "كل شيء أُحبه". ويسرد الفيلم قصة شاب فلسطيني وقع في حب فتاة إسرائيلية والصعوبات التي واجهتهما في الحفاظ على العلاقة. ويبرز من بينها الصعوبات المتعلقة بعنصرية المجتمع الإسرائيلي.
عسكرة اللغة
ومن بين الأفلام المتميزة فيلم وثائقي للفنانين الإسرائيليين روتي سيلا وميان أمير. ويتحدث الفيلم عن نساء ورجال إسرائيليين وافقوا على التعري أمام كاميرا المخرجين والتحدث عن حياتهم الجنسية. وكانت النتيجة التي توصل إليها المخرجان هي طغيان اللغة العسكرية، حتى على الحياة الجنسية للإسرائيليين. فعلى سبيل المثال أطلقوا أسماء أسلحة معينة على الجهاز التناسلي الذكري أو تسمية قنبلة على النساء الجميلات. كما لاحظ المخرجان أن الأحاديث بين الناس تدور غالبا عن فترة الخدمة العسكرية أو الحروب. وفي هذا الخصوص يقول روتي سيلا أحد المخرجين إنه حتى الشباب بدؤوا يتحدثون عن الخدمة العسكرية في المناطق الفلسطينية وعن الحرب.
ويستمر المهرجان الذي افتتح في الثاني من كانون الأول/ ديسمبر الجاري أسبوعين وتتخلله فعاليات ثقافية مختلفة تمتد من فن التصوير الفوتوغرافي إلى الفعاليات الموسيقية. كما يتخلله محاضرات يلقيها مختصون في الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية وكذلك مناقشات مع الحضور تهدف إلى خلق صورة أوضح لدى المواطنين الألمان عن الحياة اليومية في إسرائيل والمناطق الفلسطينية.
دويتشه فيلله