فنلندا: أهداف طموحة ورئاسة مختلفة لقيادة الاتحاد الأوروبي
٩ يوليو ٢٠١٩تقديم المياه المعدنية في قوارير بلاستيكية يُعد من المحظورات خلال الرئاسة الفنلندية الدورية للاتحاد الأوروبي حتى نهاية ديسمبر/ كانون الأول القادم. فمياه الشرب في مركز الاجتماعات في هلسنكي ستكون من الحنفية مباشرة، والطعام لن يكون في علب بلاستيكية، ومكان الاجتماع يمكن الوصول إليه من فنادق العاصمة الفنلندية ومن محطة القطار الرئيسية ومحطة الحافلات سيرا على الأقدام أو الدراجة أو الترام. والتنقل بالسيارة أمر غير مرغوب فيه ومنبوذ. فالمشرفون على تنظيم الرئاسة الفنلندية للاتحاد الأوروبي قرروا محاولة ترك بصمة بيئية ولو صغيرة يحاولون خلال الستة أشهر.
ومن خلال توفير المال الذي يُنفق عادة على هدايا الضيوف والأقلام أو مواد المؤتمر المجانية يريد الفنلنديون دفع تعويضات عن التلوث بثاني أوكسيد الكربون، لأن المشاركين في اجتماعات الاتحاد الأوروبي في فنلندا سيسافرون بالأساس بالطائرة إلى هناك، وبالتالي التسبب في انبعاثات، ولذلك تم إلغاء الجلسات غير الضرورية من وجهة نظر فنلندا. وقمة أوروبية مكلفة في فنلندا يسافر إليها رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي الـ 28 بأسطول من الطائرات ألغتها الحكومة الفنلندية. ولن تكون هناك جولات "سياحة موظفين" في هلسنكي. واجتماعات موظفي الاتحاد الأوروبي يمكن أن تُعقد في بروكسل.
الفنلنديون يراهنون على حماية البيئة
فكرت الحكومة الائتلافية في فنلندا في رئاسة الاتحاد الأوروبي المصغرة والمستدامة قدر الإمكان. ولم يبق كثير من الوقت لرئيس الوزراء الجديد، أنتي رينه لإجراء الاستعدادات. وخلال الانتخابات البرلمانية المبكرة في أبريل/ نيسان أصبح الاشتراكيون الديمقراطيون لأول مرة منذ 16 عاما أقوى كتلة برلمانية متقدمين على اليمينيين الشعبويين. والهدف الرئيسي بالنسبة إلى القيادة الفنلندية في الاتحاد الأوروبي هو تحقيق تقدم في مكافحة ارتفاع درجة حرارة الأرض. فـ "الوقت حان لتقديم حلول"، كتب رئيس الوزراء الفنلندي، أنتي رينه في تدوينة مع بداية رئاسة بلاده للاتحاد الأوروبي.
وقال رينه "من المهم أن يتحدث الاتحاد الأوروبي في هذا الموضوع بصوت واحد". ويتطلع الفنلنديون إلى أن يتفق أعضاء الاتحاد الأوروبي قريبا على تحقيق هدف "حيادية الانبعاثات الغازية" حتى عام 2050، أي وقف انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون الضارة بالبيئة حتى ذلك الحين، وقد وافقت 24 دولة في الاتحاد الأوروبي على العمل من أجل تحقيق هذا الهدف. ويعتزم الفنلنديون إقناع دول فيزغراد أي بولندا والمجر وتشيكيا وسلوفاكيا على تغيير مواقفها. فالأوروبيون الشرقيون يطالبون بتعويضات مالية للبلدان التي يمكن أن تتضرر من التحول في الطاقة، أي الانتقال من مصادر الطاقة التقليدية إلى المستدامة.
رزين وهادئ
رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر نوه خلال زيارة مفوضيه إلى هلسنكي بالنهج الهادئ والرزين للفنلنديين، بالإشارة إلى أن "فنلندا دامئا سلكت الطريق الأوروبي. والآن بالتحديد تحتاج أوروبا إلى قيادة واستقرار. وهو ما يتوفر لدى فنلندا"، قال يونكر موجها كلامه لرئيس الوزراء الفنلندي. وتعتزم فنلندا إعطاء مثال جيد في حماية البيئة. فحتى عام 2035، وكما ينص على ذلك برنامج الائتلاف الحكومي الجديد بين الاشتراكيين والخضر، يجب ألا تكون هناك انبعاثات غازية ضارة بين العاصمة هلسنكي في أقصى الجنوب ولابلاند في أقصى شمالي البلاد. وحتى عام 2050 تريد البلاد البرهنة على "انبعاث سلبي" لثاني أوكسيد الكربون. والفنلنديون قلقون، لأن هذا الصيف هو الأسخن في التاريخ وحتى في السنة الماضية كانت درجات الحرارة مرتفعة جدا طوال أسابيع.
المال مقابل سيادة القانون
الرئيس الدوري للاتحاد الأوروبي الفنلندي أنتي رينه، مدعو للتباحث ليس فقط بشأن حماية البيئة، بل في موضوع "سيادة القانون" أيضا مع دول فيزغراد وبوجه خاص بولندا والمجر. وضد هذين البلدين تجري تحقيقات من قبل الاتحاد الأوروبي للتأكد من سيادة القانون فيهما. وفي الميزانية المشتركة المقبلة من 2021 إلى 2027 يُتوقع ربط دفع المعونة المالية بالنظام القانوني في البلد المستفيد من المعونة. وبولندا والمجر اللتان تعتبران من الدول المستفيدة تعارضان هذا الربط.
وعود للبلقان
أنتي رينه يريد ممارسة الضغط فيما يخص الوعود الجديدة لدول البلقان الغربية. ومن المفترض تحديد تاريخ للبدء في مفاوضات انضمام بالنسبة إلى شمال مقدونيا وألبانيا خلال الرئاسة الفنلندية للاتحاد الأوروبي. وهنا كانت ألمانيا مؤخرا تضغط على الفرامل بالرغم من أن المفوضية الأوروبية أكدت نضج البلدين للدخول في مفاوضات. وقال رينه في هلسنكي "فنلندا كانت دوما صديقة للتوسيع". وفنلندا المحايدة انضمت إلى الاتحاد الأوروبي عام 1995 بعدما انهارت الجارة الكبيرة، الاتحاد السوفياتي وتم تنظيم أوروبا سياسيا من جديد.
وهناك عائق قد تعاني منه الرئاسة الفنلندية الطموحة: فخلال أربعة شهور تتولى مفوضية جديدة للاتحاد الأوروبي مهامها ربما برئاسة الألمانية أورسولا فون ديرلاين. وهذا يعني قليلا من الحيوية لدى المفوضية المنتهية ولايتها وفترة الاندماج في العمل بالنسبة إلى رئيسة المفوضية الجديدة. وتحريك الكثير في الورش الأوروبية في هذه الفترة يبقى أمرا مشكوكا فيه، حسب ما يعتقد دبلوماسيون أوروبيون من فنلندا. والخلاف حول الميزانية قد يتم الفصل فيه تحت الرئاسة الألمانية للاتحاد الأوروبي في النصف الثاني من 2020.
مشكلة بريكسيت أيضا
انسحاب بريطانيا سبق وأن تم تأجيله مرتين وهو مرتقب الآن على أبعد تقدير في الـ 31 من أكتوبر/ تشرين الأول. فالرئاسة الفنلندية للاتحاد الأوروبي أمامها الكثير من العمل لإدارة عملية بريكسيت، لاسيما إذا حصل بدون اتفاقية انسحاب. وقال دبلوماسي فنلندي "في الحقيقة كنا نتوقع أن البريطانيين سيكونون خارج الاتحاد خلال رئاستنا، لكنهم لا يزالون جالسين على الطاولة".
بيرند ريغرت/ م.أ.م