مستقبل سياسة الهجرة المتشددة في هنغاريا بعد فوز أوربان
٨ أبريل ٢٠٢٢"حققنا نصرا استثنائيا، نصرا عظيما للغاية بحيث يمكنك رؤيته على الأرجح من القمر، وبالتأكيد من بروكسل"، بهذه الكلمات أعلن رئيس الوزراء الهنغاري عن فوزه في الانتخابات التشريعية، وبقائه في منصب رئيس الوزراء لأربعة أعوام جديدة.
قال المكتب الانتخابي الوطني، مساء أمس الأحد، إن حزب فيدسز بزعامة فيكتور أوربان حصل على 53,35% من الأصوات (بعد فرز 93% من الأصوات) مقابل 34,75% لتحالف المعارضة اليساري المكون من ستة أحزاب.
ومع التحديات الأخيرة والحرب الروسية على أوكرانيا، حاول أوربان بسيطرته على الإعلام - كما تتهمه المعارضة - تقديم نفسه على أنه "حامي" هنغاريا وضامن السلام والاستقرار، ورفض تسليم الأسلحة إلى أوكرانيا أو فرض عقوبات من شأنها حرمان المجريين من النفط والغاز الروسي. ووصف فيكتور أوربان نجاحه غير المتوقع بأنه انتقام من "خصومه الكثيرين"، من الأوروبيين ووسائل الإعلام الدولية أو حتى الرئيس الأوكراني، على حد تعبيره.
أوربان البالغ من العمر 58 عاما، والذي يترأس الحكومة منذ 12 عاما، سيحكم البلاد بأغلبية ساحقة في البرلمان. ورغم فتح حدود بلاده أمام الفارين من الحرب في أوكرانيا، إلا أنه لا يزال مستمرا بانتهاج سياسة متشددة تجاه المهاجرين.
مع موجة اللاجئين لعام 2015، والتي وُصفت بأنها أزمة لجوء أدت إلى تغيير سياسات بعض الدول الأوروبية، بدأ أوربان حملته المعادية للمهاجرين، وحذّر مما أطلق عليه "غزو" المهاجرين المسلمين لأوروبا.
وبالنظر بشكل أعمق لإدارته لملف الهجرة منذ ترؤسه الحكومة في العام 2010، شهدت القوانين المتعلقة بالهجرة تغييرات عدة أدت إلى حرمان طالبي اللجوء من الوصول إلى حقوقهم، بحسب ما توصلت إليه محكمة العدل الأوروبية.
بناء جدار على الحدود الصربية الكرواتية
في العام 2015، بدأت السلطات المجرية بناء جدار شائك بعلو أربعة أمتار على الحدود الصربية لمنع دخول اللاجئين إلى أراضيها، وبعد فترة قصيرة فعلت الشيء نفسه على حدودها المشتركة مع كرواتيا. وكان أشار أوربان أن هذه الحواجز والجدران الحدودية بلغت تكلفتها حوالي 1.9 مليار دولار.
وزوّد الجدار الحدودي مع صربيا بكاميرات تتيح للشرطة مراقبة السياج وتوجيه تحذيرات صوتية بلغات مختلفة عبر مكبرات الصوت، في حال حدوث محاولة جماعية لاجتياز الحدود.
عمليات صد
وفقا لقوانين دخلت حيز التنفيذ في تموز/يوليو 2016، توقف الشرطة كل شخص لا يملك أوراق إقامة تعثر عليه في المنطقة الحدودية (ضمن نطاق 8 كلم) وتعيده بشكل قسري إلى الجانب الآخر من السياج الحدودي، أي إلى صربيا، دون أي استثناء.
وفي آذار/مارس من العام 2017، أصدرت الحكومة تشريعات جديدة أكثر قسوة، تقضي بترحيل أي شخص توقفه السلطات داخل الأراضي الهنغارية، أي أنه يحق للشرطة ترحيل أي شخص إلى صربيا حتى لو كان في مدينة هنغارية تبعد مئات الكيلومترات عن الحدود، أو حتى من المطار.
العمليات تحدث بشكل أتوماتيكي ولا تأخذ الشرطة بعين الاعتبار الظروف الفردية للأشخاص. فالقانون يطبق على جميع الوافدين، من رجال ونساء وأطفال، ومن مختلف الجنسيات.
صعوبة تقديم طلب اللجوء
على مدى سنوات، عمدت الحكومة الهنغارية إلى تقليص الخيارات القانونية المتاحة أمام طالبي اللجوء الوافدين إلى هنغاريا. وتعتبر لجنة هلسنكي المجرية أن الوضع الحالي في البلاد "يجعل من المستحيل عمليا التقدم بطلب للحصول على اللجوء على أراضي المجر".
في أيار/مايو 2020، وتذرعا بالأزمة الصحية المرتبطة بفيروس كورونا، قدمت حكومة هنغاريا أحكاما تشريعية تنص على أن الأشخاص الذين يسعون للحصول على الحماية الدولية، عليهم التعبير أولا عن نيتهم في طلب اللجوء في السفارة الهنغارية في الدول المجاورة غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي (صربيا أو أوكرانيا) قبل أن يتمكنوا من الدخول إلى البلاد والوصول إلى إجراءات اللجوء في هنغاريا. ورغم الانتقادات الحقوقية حول هذا الأمر لا تزال هنغاريا مستمرة بالسياسة نفسها.
الحد من عمل الجمعيات والجهات الإنسانية
يحظر تشريع " أوقفوا سوروس"، الذي أقره البرلمان المجري في حزيران/يونيو 2018، مساعدة المهاجرين غير الشرعيين في طلب اللجوء والتقدم بطلب للحصول على الإقامة داخل البلاد، مع عقوبات تصل إلى السجن لمدة عام لأي شخص متهم بارتكاب هذه "الجريمة".
وانتقدت المنظمات غير الحكومية هذا القرار، واعتبرته بمثابة تهديد للجهات التي تساعد طالبي اللجوء،الأمر الذي يتعارض مع قوانين الاتحاد الأوروبي التي تشجع المنظمات غير الحكومية على تقديم المعلومات والمشورة القانونية لطالبي اللجوء.
انتهاك قوانين الاتحاد الأوروبي
الأمور السابق ذكرها إضافة إلى ممارسات أخرى دفعت محكمة العدل الأوروبية، أعلى محكمة في الاتحاد الأوروبي، إلى إدانة هنغاريا واتهامها بـ"انتهاك قوانين الاتحاد الأوروبي" بسبب تقييد الوصول إلى إجراءات طلب اللجوء.
كما قالت المحكمة التي تتخذ من لوكسمبورغ مقرا لها "إن هنغاريا انتهكت قانون الاتحاد الأوروبي من خلال تجريم مساعدة طالبي اللجوء"، وطالبت بـ"تعليق" الحزمة التشريعية المسماة "أوقفوا سوروس"، مؤكدة في الوقت نفسه أنه "بمعاقبة أي شخص يقدم المساعدة في تقديم طلب لجوء، تكون المجر قد أخفقت في الوفاء بالتزاماتها".
وكانت محكمة العدل، أدانت هنغاريا في أيار/مايو من العام 2020 بسبب الاحتجاز الممنهج للأشخاص في "مخيمي عبور" (روسزكي وتومبا) على حدودها الجنوبية، ما أدى إلى غلق السلطات الهنغارية مخيمات العبور المذكورة.
ورغم فتح أوربان حدود بلاده أمام الأوكرانيين الفارين من الحرب، إلا أنه لم يغير من قوانين الهجرة، ووقع عاتق الاستقبال بشكل كبير على الجهات المحلية والمنظمات غير الحكومية. كما يعوّل أوربان على أن تكون هنغاريا مجرد محطة عبور للأوكرانيين. وكباقي الدول الأوروبية، توفر هنغاريا الحماية المؤقتة (إقامة لمدة عام) للأوكرانيين، لكن الأرقام الرسمية تشير إلى أنه حتى منتصف شهر آذار/مارس الماضي، تقدم حوالي 4 آلاف أوكراني للحصول على الحماية المؤقتة، بينما وصل أكثر من 300 ألف شخص إلى البلاد من أوكرانيا خلال الفترة المذكورة.
مهاجر نيوز 2022