في البر والبحر والجو.. مخاطر مغامرة الهجرة تسللاً على الحياة
١ يناير ٢٠٢٣مخاطر الهجرة غير النظامية كثيرة لدرجة يصعب حصرها، تبدأ من الاتجار بالجنس مروراً بالاستغلال والابتزاز المادي. وخلال رحلات الهجرة السرية، يمكن أن يواجه الناس أسوأ أنواع الانتهاكات على أيدي الشبكات الإجرامية ومهربي البشر.
قد تكون الرحلات محفوفة بالمخاطر بسبب الطقس على سبيل المثال، فقد أوردت تقارير كثيرة حدوث وفيات في صفوف المهاجرين بسبب حرارة الشمس في الصحراء أو البرد الشديد في الغابات أو غرقهم في البحر، وتتصدر هذه الأخبار عناوين الصحف كل أسبوع.
عشرات الآلاف من الضحايا
وفق تقرير حديث للأمم المتحدة، توفي نحو 50 ألف شخص على طرق الهجرة في جميع أنحاء العالم منذ 2014، وكانت معظم الوفيات في طرق الهجرة المؤدية نحو أوروبا.
بالإضافة إلى الأحوال الجوية القاهرة وسوء المعاملة التي يتعرض لها المهاجرون من قبل عصابات الاتجار بالبشر، هناك سبب آخر للوفاة على طرق الهجرة، ويتمثل في السفر خلسة، حيث يتم ذلك بوسيلة نقل تسمح للمهاجرين بالتخفي عن الأنظار.
هذه الرحلات لا تنظمها فقط عصابات تهريب البشر، بل في أحيان كثيرة، يختارها المهاجرون طواعية، اعتقاداً منهم أن اختيار التخفي سيكون أهون وأكثر احتمالاً للنجاح، بينما يكون ذلك طريق مختصر نحو حتفهم.
سيراً على الأقدام!
في كثير من طرقات الهجرة السرية، ينظم المهاجرون أفراداً وجماعات رحلات طويلة سيراً على الأقدام عبر التضاريس الوعرة. في غالب الأحيان، تتطلب عبور مناطق معينة سرية مشددة لتجنب اكتشافهم من قبل سلطات الحدود.
نفق قناة بحر المانش، الذي يربط بين فرنسا والمملكة المتحدة، مثال عن هذه المعابر غير النظامية. فالنفق مصمم بالأساس لحركة مرور القطارات، لكن داخله أصيب العديد من الأشخاص خلال محاولة عبوره نحو الضفة الأخرى من النفق. في معظم الحالات يكون ثمن تلك الرحلات الموت، مما دفع السلطات على جانبي النفق إلى تشديد الإجراءات الأمنية.
هناك كذلك طريق جيبي سبتة ومليلية في شمال إفريقيا. يخيم المهاجرون بالقرب من السياج في انتظار اللحظة الأنسب لاقتحام الحدود بشكل جماعي. في حزيران/يونيو من هذا العام، لقي 23 مهاجراً على الأقل حتفهم خلال محاولة ما بات يعرف بـ "مأساة مليلية."
الاختباء في الشاحنات
في أحيان كثيرة، يتم العثور على المهاجرين مختبئين في شاحنات ومركبات، أحياناً بمعرفة السائق وترتيب منه، لمساعدتهم على إكمال مرحلة من مراحل رحلتهم. لكن هذه الرحلات تنطوي على مخاطر كبيرة. كانت هناك حالات وفيات في صفوف المهاجرين في حوادث تسبب فيها سائق السيارة، في غالب الأحيان أثناء محاولتهم الهروب من السلطات. كما تم العثور في العديد من الحالات على جثث مهاجرين لقوا حتفهم بسبب الاختناق في الشاحنات، على الأرجح لأنها تكون محكمة الإغلاق.
في تشرين الأول/أكتوبر 2019، لقي 39 مهاجراً من فيتنام حتفهم اختناقاً داخل شاحنة كانت متوقفة خارج لندن بالمملكة المتحدة، كما حدثت وقائع مشابهة في النمسا وأوروبا الشرقية.
ولا يُعتبر الشخص الذي يدخل بلداً على حدود برية ويقدم وثائق مزورة أو جوازات سفر مزورة مهاجراً سرياً، على الرغم من أن هذا النوع من الهجرة مخالف للقانون أيضاً.
في الطائرات
يمكن اعتبار استخدام الطائرات لعبور الحدود بطريقة غير قانونية هو الشكل الأكثر إثارة للدهشة من أشكال الهجرة السرية.
في ظروف التفتيش الدقيق التي تشهدها مطارات العالم، فمن المستحيل على أي شخص غير مسجل على متن رحلة دخول الطائرة. ومع ذلك، هناك من المهاجرين من تمكن من الاختباء في أجزاء من الطائرات في محاولتهم الوصول إلى بلد آخر. على سبيل المثال، اختبأ مهاجرون في مخبأ عجلات الطائرة.
عبر هذه الطريقة في الهجرة، يواجه المهاجرون الموت بشكل شبه محتم، سواء عند إقلاع الطائرة أو هبوطها. كما أن درجة الحرارة المنخفضة عند تحليق الطائرة في الجو يؤدي إلى انخفاض حرارة الجسم ونقص الأكسجين، ما سينتج عنه الموت المحقق. حتى لو نجا المهاجر من هذه المخاطر، فمن غير المرجح أن يظل المهاجر واعياً بعد وصول الطائرة للارتفاع الذي ستطير به، ما يؤدي إلى فقدانه الوعي.
وفي هذا الإطار، سجلت وكالة الطيران الفيدرالية ومقرها الولايات المتحدة أكثر من 100 حالة سفر خلسة على متن طائرات على مستوى العالم منذ عام 1947، موضحة أنه قد نجا أقل من ربعهم، وعانوا بعد ذلك في الغالب من إعاقات مدى الحياة بعد الرحلة الخطيرة.
في السفن
الاختباء في جزء مخفي في سفينة ما طريقة أخرى للهجرة خلسة. تبدو الرحلة في واقع الأمر على متن السفينة أكثر أمناً، لوجود العديد من القوانين الدولية البحرية التي تحمي حياة الأشخاص في البحر، لكن ليس هناك ما يضمن التزام طاقم السفينة بهذه المعايير، في حال اكتشاف أمر المتسلل.
الأسبوع الماضي، أنقذ خفر السواحل الإسباني ثلاثة مهاجرين بعد سفرهم من نيجيريا على متن سفينة شحن سلع، توارى الثلاثة عن الأنظار في مساحة صغيرة لمدة 11 يوماً على متنها. خلال هذا النوع من الرحلات، يمكن أن يتم إلقاء المهاجرين في البحر دون أن يعرف أحد أو يشهد شخص على الأمر.
يعتبر بعض الأكاديميين والسياسيين والنشطاء الحقوقيين أن كل رحلة للمهاجرين غير القانونيين تحوي على عنصر السرية في طبيعتها، وأن عنصري السرية والخداع حاضران في أنماط الهجرة غير القانونية. هذا المشكل مطروح حسبهم منذ 100 عام، وفقاً لدراسة أجريت في جامعة أكسفورد.
وقد تم توثيق الهجرة السرية ودراستها من قبل الاتحاد الأوروبي بشكل منهجي منذ عام 1993 على الأقل، أي بعد فترة قصيرة من انهيار الاتحاد السوفيتي.
سرتان سندرسون/ م.ب