قادة أوروبا يسعون إلى إحياء مشروع الدستور الأوروبي الموًحد
١٥ يونيو ٢٠٠٦بعد حوالي عام على اصطدام مشروع الدستور الأوروبي الموًحد بالرفض الفرنسي والهولندي، يعود الموضوع إلى طاولة مناقشات القادة الأوروبيين الذين يسعون مجددا للتغلب على العقبات التي تواجه إقرار هذه الوثيقة المصيرية بالنسبة لمستقبل الإتحاد الأوربي والقارة الأوربية عموما. في هذا الإطار يُزمِع رؤساء الدول والحكومات الأوروبية في قمتهم الحالية التي تنعقد في بروكسل هذا اليوم الخميس ويوم غد الجمعة ( 15و 16 يونيو/حزيران) مناقشة فكرة إعادة إحياء المشروع. لكن المعوقات التي تعترض التوصل الى حل لهذه الإشكالية ليست بالهينة على ما يبدو. ومن الواضح للقمة الحالية انه لا يوجد حل يرضي الجميع على الأقل في الوقت الحالي، لكن القادة الأوروبيين يحاولون إنقاذ ما يمكن إنقاذه. في هذا السياق شددت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل على أنه انه ينبغي على قمة بروكسل الحالية وضع الخطوط العريضة للخطوة التالية فيما يخص قضية الدستور الموحد. لكن الرئيس الفرنسي جاك شيراك كان واضحا في شرح الصعوبات التي تواجه مشروع الدستور الأوربي عندما قال "إننا نجد أنفسنا حاليا في وضع حرج"، مؤكدا على إمكانية الخروج من هذا المأزق. وأضاف: "لكننا نحتاج إلى وقت للتفكير". أما المراقبون فيتساءلون كم من الوقت يحتاج الأوربيون للتفكير؟ وقبل هذا وذاك الى ماذا سيفضي هذا التفكير في نهاية الأمر؟ وهل سيعني ذلك وضع صيغة أخرى لمسودة الدستور ربما تكون أكثر قبولا؟
البحث عن صيغة أفضل
تطالب بعض الدول الأعضاء في الإتحاد الأوربي بصيغة جديدة لمشروع الدستور، وهو ما قد يمثل في رأي بعض المحللين عقبة جديدة أمامه. ويعود السبب في ذلك الى أن كثير من الدول الأعضاء التي سبق وأقرت المشروع بصيغته الحالية يصعب عليها إعادة طرحة للتصويت بما قد ينطوي على ذلك من احتمالات الرفض. أضف الى ذلك تشير استطلاعات الرأي في بعض الدول الأوروبية إلى تزايد نسبة الرافضين للدستور الأوربي من حيث المبدأ بصرف النظر عن محتواه. وتعود بعض أسباب الرفض في نظر رئيس المفوضية الأوربية الحالي خوسيه مانويل باروسو إلى جود معارضة خفية لتوسيع عدد أعضاء الإتحاد بعد عملية التوسع شرقا. ويشير المسئول الأوروبي في هذا السياق الى وجود "قلق لدي الرأي العام الأوروبي يتوجب تبديده". هذا بالإضافة إلى عدم وجود صيغة جديدة أو مقترح لصيغة جديدة للدستور مطروحة حاليا. في هذا السياق يقول المستشار النمساوي فولفجانج شوسيل الذي تتولى بلاده حاليا رئاسة الدورة الحالية للإتحاد الأوروبي بأنه يتوجب أولا وقبل كل شيء ان تكون هناك صيغة أفضل يتم اقتراحها.
الآمال معقودة على الرئاسة الألمانية...
جعلت الحكومات الألمانية المتعاقبة من قضية الدستور الأوربي ضمن أولوياتها على الأقل منذ فترة المستشار هيلموت كول. ويٌنتظر من رئاسة ألمانيا للإتحاد الأوروبي، التي ستكون في النصف الأول من عام 2007، ان تعمل على تحريك موضوع الدستور الأوروبي. وتبدو المستشارة ألألمانية انجيلا ميركل مستعدة لخوض هذا التحدي، إذ قالت في هذا الصدد "نحن متفقون بان مسألة إعادة إحياء مشروع الدستور ستحظى بالأولوية أثناء تولي ألمانيا لرئاسة الإتحاد الأوروبي". لكن ميركل تؤكد على انه حتى ذلك الحين لابد من عمل الكثير، كما إنه لن يكون بمقدور الإتحاد الأوروبي عمل شيء قبل إجراء الانتخابات في فرنسا. ورغم هذه الآمال المعقودة على الرئاسة الألمانية فإن الكثير من المراقبين ينظرون للأمر بواقعية أكثر ويشككون في قدرة برلين على القفز فوق الواقع وعمل المستحيل، لاسيما وان هناك أصلا فتور عام يسود القارة الأوروبية إزاء فكرة الدستور.
... وعلى القادة الأوربيين الجدد
كما ان هناك أمال معقودة بشأن مشروع الدستور على القادة الأوربيين الجدد الذي وصلوا مؤخرا لسدة الحكم في بعض البلدان الأوربية. ويبرز من بينهم إضافة إلى المستشارة ميركل رئيس الوزراء الإيطالي رومانو برودي ورئيس الوزراء الأسباني خوسيه لويز رودريجيز ثباتيرو. هذا وتصب زيارة رئيس الوزراء الإيطالي الجديد حاليا لبرلين في هذا الاتجاه، حيث أُعلن انه سيناقش مع المستشارة الألمانية مستقبل الإتحاد الأوربي عموما ومسألة الدستور الأوربي بوجه خاص. يشار هنا الى أن برودي كان قد تولى رئاسة المفوضية الأوروبية قبل وصوله الى رئاسة وزراء بلاده وبالتالي فان قضية الدستور الأوربي تحظى بأولوية خاصة لدية.
دويتشه فيله