Mit der S-Bahn in den Westen
١٩ سبتمبر ٢٠٠٩كان ماينهارد شرودر في الـ 17 من عمره عندما هرب من ألمانيا الشرقية إلى والده في ألمانيا الغربية. ففي عيد الفصح عام 1960 سافر مع والدته من شفيرين في ولاية مكلنبورج فوربومرن إلى برلين الشرقية. ومن هناك استقلا قطار الضواحي (S-Bahn) باتجاه برلين الغربية. ولو كانت شرطة الحدود قد ضبطتهما آنذاك أثناء محاولة الهرب لكانت واجهتهما عقوبة السجن لسنوات عدة. ويصف ماينهارد شرودر الذي يبلغ من العمر الآن 60 عاما كيف أنه كان يرتعش من الخوف عندما بدأ شرطي الحدود في التحقق من هوية المسافرين، حينها كان شرودر يتوقع أن يلقى القبض عليه، لكن لحسن حظه لم يلاحظ الشرطي أنه كان متسللا.
قصة هروب ماينهارد شرودر هي واحدة من القصص الكثيرة التي تسرد محاولات الهروب الشخصية إلى الغرب والتي تُعرض في معرض "الهروب بقطار الضواحي إلى الغرب". الكثيرون تمكنوا آنذاك مثلهم مثل راينهارد شرودر من استخدام قطار الضواحي الذي يربط شرق برلين بغربها للهروب من ألمانيا الشرقية. وفي الأيام الأولى من شهر أغسطس/آب 1961 كان هذا القطار يجلب يوميا حوالي 1500 لاجئ إلى برلين الغربية.
الجدار قطع شريان الحياة في برلين
بيد أن عمليات الهرب عبر قطار الضواحي لم تستمر طويلا، إذ عندما بني جدار برلين في الـ 13 أغسطس/آب 1961 توقف أيضا العمل في الكثير من خطوط قطار الضواحي، وأزيلت السكك الحديدية أو وضعت حواجز مانعة عليها. وفي المحطات الحدودية أقيمت نقاط للتفتيش. وهكذا قُطع شريان الحياة الرئيسي في المدينة، كما توضح ذلك أندريا ساتماري مديرة معرض "الهروب بقطار الضواحي إلى الغرب"، والتي تقول بأن قطار الضواحي لا يبين تقسيم برلين فحسب، بل كان بمثابة حلقة وصل بين شرقها وغربها، باعتبار أن الجدار كان هو الفاصل بينما كان قطار الضواحي هو الرابط.
وفي ذلك الوقت كانت هيئة السكك الحديدية، بما في ذلك شبكة خطوطها مملوكة بكاملها لألمانيا الشرقية، فيما كان الحلفاء الغربيون يمتلكون فقط حق استخدامها، الأمر الذي لم يكن مثارا للخلافات الدائمة فحسب، بل تسبب أيضا في أسلوب عمل غريب لشبكة القطارات؛ فقطار الضواحي الدائري الذي يمر عبر وسط برلين كان يقوده عمال يعملون لدى هيئة السكك الحديدية التابعة لألمانيا الشرقية.
قطار الضواحي رمز للنظام الاشتراكي
بيد أن عمال السكك الحديدية كانوا يعيشون في برلين الغربية وكانت رواتبهم تدفع بالمارك الغربي، إلا أنهم في الوقت ذاته تلقوا تدريبهم المهني في الشرق وكانوا يخضعون لقانون العمل في ألمانيا الشرقية. وهذا ليس هو السبب الوحيد الذي جعل قطار الضواحي يصبح سببا للمشاكل بين الدولتين الألمانيتين، إذ بجانب ذلك كانت ألمانيا الشرقية تستغل المحطات لتوزيع صحف دعائية أو تعليق ملصقات معادية للغرب كتب عليها مثلا "الأمريكيون، اذهبوا إلى بلادكم". وفي الأول من شهر مايو/أيار من كل عام كانت تُزين جميع المحطات بعلم ألمانيا الشرقية وعلم الشيوعية الأحمر. وهكذا بات قطار الضواحي رمزا لنظام ألمانيا الشرقية، الأمر الذي جعل مجلس الشيوخ واتحاد نقابات العمال في برلين الغربية يدعون سكان برلين إلى مقاطعة قطار الضواحي. وقد لبى الكثيرين بنشاط هذه الدعوة. وبما أن الأرباح التي كانت تجنى من بيع التذاكر كانت تدخل في خزينة ألمانيا الشرقية، فإن ذلك لم يعجب الكثيرين في الغرب.
وبعد بناء الجدار بدأ المتظاهرون في محاصرة المحطات وتحطيم عربات القطار وتوجيه الشتائم لعمال السكك الحديدية. ولجأ الكثيرون إلى استخدام الحافلات وقطارات الأنفاق التابعة لهيئة النقل العام في برلين الغربية، رغم أن أسعار تذاكرها كانت أكثر.
وفي عام 1990 عندما أعيد توحيد الألمانيتين اختفى الجدار بسرعة من شوارع برلين، لكن الأمر استغرق طويلا حتى عادت الحركة مجددا إلى شبكة قطارات الضواحي، وفي عام 2006 كان قطار الضواحي الدائري قد استأنف عمله بشكل كامل.
الكاتب: لوديا لايبرت/ م. عبد العزيز
مراجعة: عبده جميل المخلافي