برلين "قلقة" من دور إيران "الإشكالي" في الشرق الأوسط
٢٦ فبراير ٢٠٢٣أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الألمانية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومدير "المركز الألماني للإعلام"، دينيس كوميتات، إدانة بلاده لما وصفه بـ"الدور الإشكالي" الذي تلعبه إيران في المنطقة، في دول مثل سوريا، وإلى حدٍّ ما العراق. وقال كوميتات، في حوار مع صحيفة "الشرق الأوسط" نشرته على موقعها الإلكتروني الأحد (26 فبراير/ شباط 2023)، إنه "من المفهوم أن دول الخليج العربي تنظر إلى طهران بتشكك كبير، وهو ما ناقشته وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، مع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، بالتفصيل، خلال لقائهما في إطار مؤتمر ميونخ للأمن الأخير".
وأضاف كوميتات أن "بلاده ستواصل الاعتماد على الدبلوماسية والحلول السياسية في هذا الشأن، فمن المهم أن تظل قنوات الحوار مفتوحة رغم التوترات". ولفت إلى أن ألمانيا تنظر "بقلق بالغ" إلى تطورات السياسة الداخلية والخارجية فيما يتعلق بإيران، مؤكدا أن "النظام في طهران يتعرض لضغوط كبيرة من شعبه للانفتاح، لكنه لا يرد على ذلك بالحوار، بل بالقمع الوحشي والتعسف والعنف"، مشددا على إدانة بلاده لذلك "بأشد عبارات الإدانة". وجدّد المتحدث الرسمي الألماني تأكيد موقف الحكومة الألمانية الرامي إلى حل النزاع في الشرق الأوسط، وقال إن برلين لديها علاقات "قوية"، مع طرفَي الصراع (فلسطين وإسرائيل)، ومع اللاعبين الدوليين الرئيسيين في النزاع، وهي على تواصل "وثيق" معهم، مؤكداً أنه "من المهم لألمانيا أن يستمر الطرفان في السعي وراء إمكانية تحقيق حلّ الدولتين على أساس اتفاقية (أوسلو)".
وبشأن تصورات برلين لحل الأزمة السياسية في ليبيا، لا سيما مع انخراطها منذ سنوات في هذا الملف، وتنظيمها الكثير من المؤتمرات، قال كوميتات إن "ألمانيا تستهدف تعزيز العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة في البلاد، حتى يمكن إعادة توحيدها سياسياً وإحلال السلام الدائم". وفيما يتعلق بالشأن السوري، أكد كوميتات أن "ألمانيا لن تتخلى عن الناس في سوريا، الذين يعانون من الحرب وعواقبها منذ أكثر من عشر سنوات، والذين اضطر بعضهم) إلى الفرار عدة مرات، وهم الآن في حداد على أقاربهم تحت الأنقاض"، مشيرا في هذا الصدد إلى أن "ألمانيا ثاني أكبر مانح لسوريا، حيث قدمت العام الماضي وحده ما يزيد على 1.8 مليار يورو".
ألمانيا تجدد التزامها
وحسب كوميتات فإنّ "كارثة الزلزال" زادت من التزام برلينالإنساني في سوريا وقد ساهمت بمبلغ إضافي وقدره قدره 50 مليون يورو. وتابع المتحدث: "سوف نستمر في التطلع إلى المستقبل أكثر والمساعدة حيث تكون الحاجة ماسّة". وحول ما إذا كانت "كارثة الزلزال" قد خلقت ديناميكية جديدة فيما يتعلق بإمكانية تطبيع العلاقات مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد، قال كوميتات إن "نظام الأسد مسؤول عن حرب وحشية ضد شعبه منذ أكثر من عقد من الزمان، والطريق الوحيد للتطبيع هو عبر تقديم تنازلات سياسية كبيرة وقابلة للتحقق منها، في إطار عملية جنيف التي تقودها (الأمم المتحدة)"، مشيرا إلى أنه "للأسف، لا يوجد حالياً أي مؤشرات على تحقق ذلك".
وبشأن الوضع في السودان، أكد كوميتات أن ألمانيا تعمل مع شركاء دوليين لـ"ضمان إعادة الجيش للسلطة إلى حكومة يقودها مدنيون، وأن يستمر السودان في المُضي قُدماً على طريقه نحو الديمقراطية". وحول المملكة العربية السعودية أشار كوميتات إلى أن "برلين تراقب باهتمام عمليات الإصلاح السياسي والاجتماعي التي بدأها ولي العهد السعودي ورئيس مجلس الوزراء (الأمير محمد بن سلمان)، والتي من شأنها تحديث الدولة، لا سيما دور المرأة"، مُعرباً عن "استعداد بلاده لدعم المملكة، لاتخاذ المزيد من الخطوات على هذا المسار".
وأضاف كوميتات أن "المملكة تلعب دوراً رئيسياً في السياسة الإقليمية في الكثير من النواحي، وبالتالي فهي شريك حوار مهم بالنسبة لبرلين" ، واصفا الشراكة الاقتصادية بين برلين والرياض بـ"الوثيقة". ولفت إلى وجود الشركات الألمانية بشكل "متزايد" في المملكة، معربا عن ترحيب بلاده باستهداف الرياض لأن تصبح لاعباً عالمياً في مجال إنتاج الطاقة الحديثة والمستدامة. وأشار المتحدث الرسمي الألماني إلى ما وصفها بـ"الشراكة الخاصة" مع الرياض في مجال الهيدروجين، لا سيما مع اعتماد برلين على استيراد الهيدروجين الأخضر لتحقيق هدفها، المتمثل في خفض انبعاثات الكربون إلى الصفر بحلول عام 2045، وقال إن "السعودية تتمتع بمقوّمات ممتازة لإنتاج وتصدير الهيدروجين".
ح.ز/ و.ب (د.ب.أ)