Arabischer Gipfel Background
٢٩ مارس ٢٠٠٩فاجأت السعودية شركاءها العرب خلال القمة الأخيرة، التي احتضنتها الكويت، بمبادرة لم تتضح بعد كل معالمها، وإن كان هدفها المعلن هو "استقرار منطقة الشرق الأوسط". وكانت الأفكار السعودية موضوع تحركات دبلوماسية عربية مكثفة خلال الأسابيع الماضية، في تزامن مع الإعداد لقمة الدول العربية، التي ستنطلق يوم غد الاثنين في الدوحة. إلا أن حظوظ نجاح المبادرة تظل ضئيلة لأنها تراهن على أمل جذب سوريا إلى ما يسمى "بمحور الاعتدال".
وتقوم الأفكار السعودية على ثلاثة محاور، أولها إعادة طرح مبادرة السلام العربية لعام 2002 والتي تعرض على إسرائيل تطبيعا شاملا مقابل انسحابها إلى حدود عام 1967. إضافة إلى تبني موقف عربي موحد تجاه ما يسمى "بالمد الإيراني" في المنطقة. أما المحور الأخير فيتعلق بوضع حد للانقسامات العربية. هذه الأفكار رأت النور في ظل سياق تميز بالصدمة التي ولدتها حرب غزة وبالتغير المعلن للسياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة، التي باتت تتبنى منطق الحوار بدل المواجهة.
أوراق استقرار المنطقة
إن القمة المصغرة التي احتضنتها الرياض مؤخرا بحضور مصر وسوريا توحي بأن السعودية تسعى بشكل من الأشكال إلى إعادة إحياء محور القاهرة، دمشق، الرياض الذي كان نشطا خلال التسعينات. والواقع أن العواصم الثلاث تملك العديد من أوراق استقرار المنطقة، إلا أن حساباتها ومصالحها لا تسير دائما في الاتجاه نفسه.
فسوريا التي تحولت إلى قبلة للتحركات الدبلوماسية العربية والغربية، توجد في قلب الجهود السعودية التي تسعى بشكل من الأشكال إلى جذبها إلى "محور الاعتدال"، أو على الأقل جعلها تدخل في حوار معه. ولكن هل يطرح العديد من التساؤلات حول استعداد دمشق لإعادة النظر في علاقتها الإستراتجية مع طهران.
عن هذا يقول الباحث في معهد الدراسات السياسية في باريس جوزيف باحوت في لقاء مع دويتشه فيله. "من الطبيعي أن تكون هناك إرادة سورية لتفعيل علاقتها المتعددة مع العائلة العربية. لكن أعتقد أن دمشق لن تتخلى بسهولة عن حلفها وصداقتها مع طهران". ويرى باحوت أن الإستراتجية السورية القديمة والكلاسيكية تقوم على تعدد التحالفات والصداقات، كما يعتقد الخبير السياسي أن الرئيس السوي بشار الأسد لن يختلف عن أبيه في هذا الموضوع.
قدرة كبيرة على التكيف
وسبق للنظام السوري الذي أظهر في الماضي قدرة كبيرة على التكيف، أن تحالف مع واشنطن ضد نظام صدام حسين خلال حرب الخليج. كما أنه اليوم مستعد للتفاوض مع إسرائيل في سبيل استعادة الجولان. ولم يسبق له طيلة الثلاثين عاما الماضية أن وضع علاقته الإستراتجية مع إيران موضع تساؤل.
أما اللاعب أساسي آخر في المنطقة فهو مصر، التي تعرض نظامها إلى غضب الشارع العربي نتيجة ما سمي "بالتواطؤ في حصار غزة". وبالتالي فإن القاهرة بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى نجاح دبلوماسي في جهود وساطتها بين حركتي فتح وحماس في أفق تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية. وهذا النجاح من شأنه أن يظهرها في دور ايجابي، وهي في ذلك قد تكون في حاجة إلى دمشق التي يمكن أن تستثمر علاقاتها بحماس لتحقيق هذا الهدف.
نقاط خلافية بين الرياض ودمشق
أما النقاط الخلافية بين الرياض وسوريا فمتعددة، ولعل أهمها هو "الدور المفترض" لدمشق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري. كما أن السعودية ترى في دمشق أداة لما يسمى "بالمد الإيراني" وداعما للحركات المتشددة في لبنان وفلسطين. ولا يرى باحوت أن الرياض ستنجح الرياض في انتشال سوريا من الحضن الإيراني. وفي هذا السياق يقول الخبير السياسي: "أعتقد أن لسوريا حسابات أخرى، فإذا نجح الحوار بين الغرب وطهران، واعترف الغرب بإيران كقوة إقليمية مؤثرة في المنطقة، فسيكون من مصلحة سوريا ألا تتخلى عن تحالفها مع إيران".
أجندة خاصة خارج المعادلة السعودية
أما قطر المحتضنة للقمة فلها أجندتها الخاصة التي لا تدخل بالضرورة في المعادلة السعودية. فهذا البلد الذي تتواجد فيه أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط تربطه علاقات ممتازة بإيران وبحلفائها في المنطقة سوريا وحزب الله وحركة حماس. وهي علاقة استثمرتها لتحقيق عدد من الانجازات الدبلوماسية كان أهمها المصالحة اللبنانية. وهو دور يثير حفيظة القاهرة والرياض اللتين كانتا في الماضي تضطلعان بأدوار الوساطة والريادة في المنطقة.
كما أن المبادرة السعودية تواجه أيضا تحفظ دول المغرب العربي وعلى رأسها ليبيا، التي شنت صحافتها الرسمية حملة ضد قمة الدوحة متهمة إياها باعتبار دول المغرب العربي "عربا من الدرجة الثانية" بتركيزها على دول المشرق دون سواها. وهو ما يؤشر على أن المبادرة السعودية قد تكون فريسة للتناقضات والانقسامات العربية حتى قبل ولادتها.
الكاتب: حسن زنيند
تحرير: عماد م. غانم