قنبلة أمريكية مدمرة.. جدل حول استمرار تصدير أسلحة لإسرائيل
٢٠ يوليو ٢٠٢٤تُعتبر الولايات المتحدة أهم مصدِّر للأسلحة إلى إسرائيل منذ عقود. ووفقاً لمعهد سيبري -لأبحاث السلام ومقره ستوكهولم- فقد تلقت إسرائيل 99 في المئة من وراداتها من الأسلحة -بين عامي 2019 و2023- من كلٍّ من الولايات المتحدة (بنسبة 69 في المئة) وألمانيا (بنسبة 30 في المئة). وقبل هجوم حماس الإرهابي المباغت على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، كانت واشنطن قد صدَّرت إلى إسرائيل ما متوسطه نحو ثلاثة مليارات دولار أمريكي سنوياً من الأسلحة.
ويذكر أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كـ"منظمة إرهابية".
ولكن على مدى الخمس سنوات الماضية تبقى واردات إسرائيل من الأسلحة الأمريكية أقل مقارنةً بالدول الأخرى في المنطقة حين نعلم أن 15 في المئة من صادرات السلاح الأمريكي كانت إلى المملكة العربية السعودية و8,2 في المئة إلى قطر و4,5 في المئة إلى الكويت و3,6 في المئة إلى إسرائيل.
وبشكل خاص تلعب الطائرات الأمريكية دوراً مهماً في حرب إسرائيل ضد حركة حماس في قطاع غزة وضد حزب الله اللبناني الذي تعتبره دول عديدة أو تعتبر جناحه العسكري، منظمة إرهابية، ومن بين هذه الدول الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا ودول أخرى. كما حظرت ألمانيا نشاط الحزب على أراضيها في عام 2020 وصنفته كـ "منظمة إرهابية".
ووفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام "سيبري" رغم أن الولايات المتحدة سلَّمت -في نهاية العام الماضي 2023- أيضاً آلاف الأسلحة القابلة للتوجيه والصواريخ إلى إسرائيل فإن حجم واردات الأسلحة الإسرائيلية الإجمالي في العام الماضي 2023 لم يكن أعلى -بشكل كبير- من العام السابق له 2022.
قنابل أمريكية ثقيلة مثيرة للجدل
ويثير -على وجه الخصوص- تسليم قنابل أمريكية ثقيلة إلى إسرائيل جدلاً كبيراً في النقاش السياسي داخل الولايات المتحدة الأمريكية. ففي مايو / أيار الماضي علَّق الرئيس الأمريكي جو بايدن بشكل مؤقت تسليم قنابل تزن 2000 رطل وقنابل تزن 500 رطل إلى إسرائيل. وجاء ذلك بعد أن كانت الحكومة الأمريكية قد أعربت عن قلقها بشأن أسلوب إدارة إسرائيل للحرب وعدد الضحايا المدنيين الكبير في قطاع غزة. فبحسب إحصائيات السلطات الصحية التابعة لحماس في غزة -والتي لا يمكن التحقق منها بشكل مستقل- تجاوز عدد القتلى 38 ألف قتيل في قطاع غزة.
ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن مسؤول رفيع المستوى في الحكومة الأمريكية قوله: "كان مصدر قلقنا الرئيسي -ولا يزال- هو احتمال استخدام قنابل تزن 2000 رطل في رفح وأماكن أخرى في غزة".
ورغم ذلك فإن تعليق الولايات المتحدة الأمريكية تسليم قنابل ثقيلة لعدة أسابيع لا يغيِّر من التدفق المتواصل للأسلحة الأمريكية عبر المحيط الأطلسي إلى إسرائيل. فقد سُلِّمَتْ لإسرائيل -منذ بداية الحرب في قطاع غزة في أكتوبر / تشرين الأول 2023 حتى نهاية يونيو / حزيران 2024- ما لا يقل عن 14 ألف قنبلة من طراز إم كيه أربعة وثمانون MK84 -من وزن 2000 رطل- و6500 قنبلة -من وزن 500 رطل- و3000 صاروخ جو-أرض من طراز هيل-فاير الدقيق التوجيه و1000 قنبلة ضد المخابئ المحصَّنة تحت الأرض و2600 قنبلة من القنابل -ذات الأقطار الصغيرة- القابلة للإلقاء من الجو وذخائر أخرى، بحسب تقييم غير نهائي خَلُصَت إليه وكالة رويترز للأنباء. كما استؤنفت -في يوليو / تموز 2024- عمليات تسليم القنابل الأمريكية -البالغ وزنها 500 رطل- إلى إسرائيل.
لماذا تُعتبر قنابل إم كيه أربعة وثمانون MK84 الأمريكية مثيرة للجدل؟
تُعَد قنبلة إم كيه أربعة وثمانون MK84 -التي تزن 2000 رطل- إحدى أكبر القنابل -في ترسانة القوات المسلحة الأمريكية التقليدية- التي تسقط سقوطاً حراً، فهي تحتوي على أكثر من 400 كيلوغرام من متفجرات "تريتون" القادرة على اختراق الهياكل الخرسانية والمعدنية وإحداث دمار هائل. وتُستخدم هذه القنبلة غالباً ضد أهداف شديدة التحصين أو ضد مخابئ تحت الأرض. ويثير استخدامها في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية جدلاً كبيراً -في أوساط الخبراء- بسبب نصف قطر انفجارها الكبير وقوتها التدميرية العالية.
ما نوع الصادرات العسكرية التي تزود ألمانيا إسرائيل بها؟
في العام الماضي 2023 سمحت الحكومة الألمانية بتصدير أسلحة ومعدات عسكرية بقيمة إجمالية قدرها 326,5 مليون يورو إلى إسرائيل، ومن هذا المبلغ كان 306,3 ملايين يورو لتجهيزات عسكرية و20 مليون يورو لأسلحة حربية. ووفقاً لتقارير إعلامية فإن من ضمن البضائع العسكرية -التي قامت ألمانيا بتصديرها- 3000 قطعة سلاح محمولة مضادة للدبابات و500 ألف طلقة ذخيرة للأسلحة النارية الآلية ونصف الآلية بالإضافة إلى أدوات إشعال ومواد دفع (شواعل ودوافع) للمتفجرات. واستحوذت التجهيزات العسكرية الأخرى -مثل العربات المدرعة والشاحنات العسكرية والزجاج الأمني- على نصيب الأسد من الصادرات العسكرية الألمانية، وذلك بقيمة 300 مليون يورو.
وفي حين تمت الموافقة في ألمانيا على صادرات عسكرية بقيمة 38,5 مليون يورو فقط في النصف الأول من عام 2023 إلا أن الرقم ارتفع بشكل حاد بعد الهجوم الدامي على إسرائيل في السابع من أكتوبر / تشرين الأول 2023. وكانت وزارة الاقتصاد الألمانية -المسؤولة عن تصدير الأسلحة- قد أعلنت في نوفمبر / تشرين الثاني 2023 أنه نتيجة للهجمات غير المسبوقة "سيكون من الأولوية معالجة طلبات تصدير التجهيزات العسكرية إلى إسرائيل والبت فيها". وبذلك وصلت حصة الأسلحة الحربية -من حجم الصادرات العسكرية الألمانية الإجمالي- إلى أقل بقليل من ستة في المئة (مقارنةً بنسبة اثنين في المئة عام 2022).
وبعد الزيادات الكبيرة في الصادرات العسكرية الألمانية صارت إسرائيل تحتل حالياً المركز السابع بين الدول المتلقية للصادرات العسكرية الألمانية، وإنْ كان الفرق لا يزال واضحاً بينها وبين أبرز الدول المستوردة للمعدات العسكرية والأسلحة من ألمانيا، وهذه الدول هي: أوكرانيا (بقيمة استيراد بلغت أكثر من أربعة مليارات يورو) والنرويج والمجر وقد سجلت كل واحدة من هاتين الأخيرتين تراخيص استيراد تزيد قيمتها عن مليار يورو.
ما مدى اتساع نطاق التعاون الإسرائيلي الألماني بمجال التكنولوجيا المتقدمة في المجال العسكري؟
تُعَد الغواصات من طراز دولفين 2 من أكبر مشاريع التعاون العسكري بين ألمانيا وإسرائيل وأكثرها تعقيداً، وهي مزوَّدة بمحرك ديزل وبمحرك خلية وقود، وفي حين أن الغواصتين "تانين" INS Tanin و"رَهاف" INS Rahav دخلتا إلى الخدمة بالفعل مع البحرية الإسرائيلية لا تزال أكبر غواصة من فئة دولفين -واسمها "دراكون" INS Drakon- خاضعة للتجارب لدى شركة "تيسين كروب مارين سيستمز" tkMS في مدينة كيل في الشمال الألماني.
وفي هذه النسخة الأحدث من هذه الغواصة الألمانية تم -مقارنةً بالغواصتين السابقتين- إجراء تعديلات متناسبة عديدة في التصميم، بما فيها تعديل منطقة برج الغواصة. ومن المقرر أن تحتوي غواصة دراكون INS Drakon على منصة إطلاق عامودية للصواريخ بالإمكان استخدامها أيضاً لإطلاق الصواريخ النووية. وقد كان القرار الأوليّ لصناعة الغواصات الألمانية من فئة دولفين 2 قد اتُّخِذ قبل حوالي 20 عاماً، ومُنِحَت الموافقة النهائية على صناعة الغواصة دراكون INS Drakon من قِبَل مجلس الأمن الاتحادي الألماني في نهاية عام 2023.
هل من المثير للجدل تزويد ألمانيا لإسرائيل بالأسلحة والتجهيزات العسكرية؟
لقد تعرض تزويد ألمانيا إلى إسرائيل بالمعدات والأسلحة العسكرية لانتقادات متكررة في الماضي، ومؤخراً قدمت منظمة حقوق الإنسان الأوروبية -المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان- طلباً عاجلاً إلى المحكمة الإدارية في برلين -في أبريل / نيسان 2024- لمنع استمرار تصدير الأسلحة والتجهيزات العسكرية الألمانية إلى إسرائيل. وكان المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان قد رفع دعوى قضائية نيابةً عن خمسة فلسطينيين يعيشون في قطاع غزة قُتِل أقاربهم في هجمات صاروخية إسرائيلية، ورفضت المحكمة الطلبات العاجلة في منتصف يونيو / حزيران 2024 مبررةً ذلك بأن الحكومة الألمانية "قد امتثلت" للقوانين السارية والالتزامات الدولية حين سمحت بهذه الصادرات العسكرية إلى إسرائيل.
أعده للعربية: ع.م