كلينتون تريد تحولا منظما في مصر والمعارضة تفوض البرادعي للتفاوض مع الجيش
٣٠ يناير ٢٠١١قالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون اليوم الأحد إن الولايات المتحدة "تريد أن يكون هناك انتقالا منظما للسلطة في مصر"، التي تشهد احتجاجات هددت حكم الرئيس حسني مبارك. وأضافت في برنامج تذيعه محطة فوكس نيوز "نريد أن نرى تحولا منظما لا يترك فراغا يستغله أحد"، مشددة على أن "تكون هناك خطة مدروسة تأتي بحكومة ديمقراطية قائمة على المشاركة." وتابعت "كما لا نريد أي انتقال للسلطة لا يؤدي للديمقراطية بل إلى القمع ونهاية طموح الشعب المصري." وقالت كلينتون إن "الجيش المصري يظهر ضبطا للنفس في التعامل مع الاحتجاجات المناهضة للحكومة حتى الآن"، نافية في الوقت نفسه الحديث "في الوقت الراهن بشأن وقف المساعدات الأمريكية في مصر". واعتبرت كلينتون أن إقدام الرئيس حسني مبارك على تعيين نائب للرئيس اليوم هو مجرد "بداية" لقائمة طويلة من الإصلاحات اللازمة في مصر.
تفويض البرادعي للتفاوض باسم المعارضة مع الجيش
ويواصل المتظاهرون تجمعهم في ميدان التحرير بقلب القاهرة مطالبين بإسقاط الرئيس حسني مبارك ورافضين أن يحل محله اللواء عمر سليمان الذي عين نائبا للرئيس فيما استمرت الفوضى الأمنية وقتل العشرات إثر عمليات هروب جماعي من السجون. في حين أعلن رئيس البرلمان فتحي سرور أنه سيتم "تصحيح عضوية" مجلس الشعب معترفا بان "شكوكا" تحيط بشرعيته.
هذا وأكد المعارض البارز محمد البرادعي اليوم أمام المتظاهرين في ميدان التحرير ضرورة "رحيل النظام"، واعتبر محمد البرادعي في حديث مع شبكة التلفزيون الأميركية "سي بي اس" أن الولايات المتحدة تفقد "مصداقيتها" عبر دعوتها إلى إرساء الديمقراطية في مصر ومواصلة دعمها الرئيس حسني مبارك. يأتي ذلك بعد أن صرح المستشار الإعلامي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر الدكتور جمال نصار أن هناك مفاوضات تجري في هذه الأثناء بين جماعته والدكتور محمد البرادعي وباقي الأحزاب المصرية المعارضة للتفاوض مع الجيش للحفاظ على سلامة مصر.
وقال نصار في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) اليوم الأحد "لم ينتهي الأمر بعد ولا زالت المفاوضات مستمرة مع السيد البرادعي وأحزاب المعارضة الأخرى للبدء بالتفاوض مع الجيش". وأضاف قائلا: "مطالبنا ومفاوضاتنا مع الجيش هي أولا إلغاء حالة الطوارئ وتشكيل حكومة تحالف وطني باستثناء الحزب الوطني وتشكيل لجنة تحقيق وتقصي حقائق حول عمليات القتل ولا بد من تخلي مبارك عن السلطة".
وكان عدد من القياديين في حركة الإخوان المسلمين قد أعلنوا تفويض البرادعي للتفاوض مع السلطة، حيث قال سعد الكتاتني، القيادي في الإخوان المسلمين، لوكالة فرانس برس إن الجمعية الوطنية للتغيير، التي تضم الإخوان المسلمين وقوى وطنية أخرى، "فوضت محمد البرادعي التفاوض مع السلطة". وكان الإخوان المسلمون قد أعلنوا في وقت سابق اليوم الأحد رفضهم لقيام الرئيس حسني مبارك بـ "تعيينات جديدة" معتبرين أنها "محاولة للالتفاف على مطالب الشعب المصري ولإجهاض ثورته الشعبية وانتفاضته المباركة".
يذكر أن مبارك قد أعلن أمس السبت تعيين اللواء عمر سليمان مدير المخابرات العامة نائبا لرئيس الجمهورية وتكليف وزير الطيران في حكومة أحمد نظيف المستقيلة بتشكيل حكومة جديدة. وهي أول مرة يعين فيها مبارك نائبا للرئيس منذ توليه الحكم في مصر قبل ثلاثين عاما.
الجيش يتسلم المهمة الأمنية في القاهرة
في غضون ذلك تتواصل المظاهرات المناهضة للرئيس حسني مبارك، حيث احتشد عشرات الآلاف في ميدان التحرير في القاهرة، وفق وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ). وتوالت الأنباء بأن طائرات مقاتلة تحلق على مستوى منخفض فوق مناطق من القاهرة محدثة أصوات ذات دوى هائل. وأفاد مراسل وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أن المتظاهرين في ميدان التحرير قابلوا تحليق الطائرات بالتهليل تحت شعار "الجيش والشعب يد واحدة". ووفق المصدر نفسه فقد تسلم الجيش المصري اليوم الأحد مبنى وزارة الداخلية وألقى القبض على عدد من القناصة كانوا فوق سطح المبنى. ولم يعرف على الفور ما إذا كان وزير الداخلية السابق الحبيب العادلي داخل المبنى حيث كان قد تردد أنه تم إخراجه من هناك.
فيما أفادت تقارير اعتقال أكثر من 450 شخصا في أنحاء متفرقة في البلاد، غالبيتهم في مدينتي الإسكندرية والإسماعيلية، خلال أعمال نهب وسرقة وأن الوضع الآن في قبضة الجيش. ووفق المصدر نفسه فقد تم إلقاء القبض على بعض هؤلاء الأشخاص على يد لجان شعبية محلية في الأحياء والتي شكلها المواطنون الخائفون من نهب ممتلكاتهم وبيوتهم ولحماية عائلاتهم.
وفي سياق الانفلات الأمني ومحاولات السيطرة عليه، أعلن التلفزيون المصري اليوم تمديد فترة حضر التجول من الساعة الثالثة بعد الظهر حتى الساعة الثامنة صباحا ابتداء من يوم غد فيما بدأت قوات الأمن بالانتشار من جديد في جميع أرجاء البلاد.
ميركل تدعو مبارك لمنع العنف
ومن ناحيتها حثت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الرئيس المصري حسني مبارك على غل يد قوات الأمن عن ممارسة العنف خلال اتصال هاتفي "مطول" بعد ظهر اليوم الأحد، حسب ما جاء في بيان عن المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت. وأضاف زايبرت أن المستشارة شددت من جديد على وجوب أن تمتنع قوات الأمن المصرية عن ممارسة العنف والسماح بحرية التجمع والاتصال." كما أعرب عن توقع ميركل أن يتبنى الرئيس وحكومته الجديدة أسلوبا ملتزما بالإصلاحات التي تم الإعلان عنها." وتابع أن "المستشارة قالت إن من الضروري إجراء حوار مع الناس وبخاصة الشباب والاستجابة لمطالبهم المبررة."
ونقلت الوكالة الألمانية للأنباء عن وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله تأكيده اليوم الأحد للمحتجين المناهضين للحكومة في مصر تضمان بلاده معهم، وقال إن الوضع لا يمكن أن يعود إلى ما كان عليه. وقال في برلين قبل مغادرته إلى تل أبيب لإجراء محادثات مع الحكومة الإسرائيلية " الحكومة الألمانية تقف بجانب أولئك الذين يدعون إلى الديمقراطية والحقوق المدنية والإنسانية". وأضاف " أننا لا نعرف حتى الآن المسار الذي سوف تتخذه التطورات السياسية في مصر. ولكن شيئا واحدا نعلمه هو أنه لا شئ سوف يعود إلى ما كان عليه".
واستطرد الوزير الألماني "المظاهرات التي جرت في تونس ومصر ومناطق أخرى من العالم العربي أظهرت "مدى أهمية أخذ الديمقراطية وحقوق الإنسان والحقوق المدنية مأخذ الجد". ويقود الشباب والطبقات الوسطى الاحتجاجات حتى الان . وقال فيسترفيله " هذا هو السبب وراء ضرورة إجراء إصلاحات عقب تصريحات الرئيس مبارك". ورفعت وزارة الخارجية الألمانية اليوم الأحد مستوى تحذيرها من السفر إلي مصر، حيث نصحت "كل مسافر بان يفكر مليا فيما إذا كان يرغب في السفر إلى مصر في ظل الظروف الحالية".
(ش.ع / د.ب.أ / أ.ف.ب / رويترز)
مراجعة: طارق أنكاي