لاجئات مصدومات نفسيا لا يشعرن بالأمان حتى في ألمانيا
٢٧ أبريل ٢٠١٧ليس من السهل على النساء اللاجئات التغلب على الصدمات النفسية حتى بعد وصولهن إلى ألمانيا. من جانبها، تقدم منظمة ميديكا موندياليه - في مدينة كولونيا الألمانية- المعنية بحقوق النساء تدريبات للأشخاص المنخرطين مهنيا أو تطوعيا في مساعدة اللاجئات، وذلك في ورش عمل يتم تحضير المشاركين فيها وتدريبيهم على التعامل مع الأشخاص المصابين بصدمات نفسية. بيترا كيلر المتخصصة بشؤون الصدمات النفسية توضح التحديات في هذا السياق، خاصة فيما يتعلق بالنساء اللاجئات، وتوضح أيضاً نوع المساعدة المقدمة لهن وما هو ضروري أن يتم.
رحلة اللجوء والفرار هي أحد أسباب التعرض لصدمات نفسية؟ ما هي التحديات التي تواجه النساء على وجه الخصوص في هذا السياق؟
بيترا كيلر: من حيث المبدأ توجد استمرارية للعنف قبل رحلة اللجوء وخلالها وبعدها. تمر النساء بتجارب عنف وهن لسن في وضع آمن، سواء كان ذلك خلال وجودهن في بلدانهن الأصلية أو خلال عملية الفرار من بلدانهن أو بعد وصولهن للجوء في ألمانيا.
إنهن معرَّضات بشكل خاص لعنف مجتمعي وجنسي. خلال الفرار، يحتجن إلى مال كي يستطعن من خلاله إعالة أنفسهن وأولادهن. ولذلك في أحيان كثيرة قد تضطر بعضهن إلى اللجوء إلى ما يُسمى بـِـ "الدعارة من أجل البقاء على قيد الحياة".
ألا يواجه الرجال هذه المشكلة على نفس المستوى كما لدى النساء؟
بلى. قد توجد أيضاً حالات يضطر فيها الرجال خلال عملية رحلة اللجوء أو حتى هنا في ألمانيا إلى مثل هذه الأمو مقابل المال. وهذا الموضوع يعتبر من المحرمات بشكل أكبر لدى الرجال. ولكن نسبيا تكون النساء أكثر عرضةً للعنف الجنسي من الرجال. ويتعرض لهذا العنف الجنسي بشكل خاص النساءُ اللواتي يكن لوحدهن مع أطفالهن أثناء رحلة اللجوء.
ما هي أسباب لجوء النساء وفرارهن من بلدانهن؟ وما هي التجارب التي بإمكانك أن تخبرينا عنها؟
النساء يضطررن إلى الهرب واللجوء لأنهن معرضات للعنف أو لأن العنف يُمارَس عليهن واقعيا. وحالتهن تكون بالغة التهديد والخطورة وإلا لما كُنّ قد ذهبن في هذا الطريق الخطير جداً، مثلاً عبر البحر المتوسط. ولو كانت حياتهم آمنة في بلدانهن الأصلية لما أتين إلى ألمانيا، لكنهن بالتأكيد لا يردن أن يُنظر إليهن كضحايا. من المهم أن يتم الإقرار والاعتراف بمعاناتهن، ولكن ينبغي ألا يتم النظر إليهن كأشخاص ضعفاء.
كيف تجد النساء اللاجئات الظروف هنا في ألمانيا؟
الكثير من النساء اللاجئات يقلن إن الحالة في ألمانيا ليست آمنة أيضاً. يقُلن مثلاً إن مراكز إيواء اللاجئين ليست آمنة ولا تراعي كرامة الإنسان. لا توجد هناك مراعاة للخصوصية في هذه المساكن، كما أنهن يعايشن هناك نوعا من العجز بسبب الطريقة التي يتم بها إسكانهن ومعاملتهن هناك. إنهن معرضات في هذه المساكن بشكل خاص إلى عنف هيكلي وبنيوي، مثل عنف الشرطة مثلا.
ماذا يحدث للنساء اللواتي يأتين إلى ألمانيا وقد مررن بتجارب صدمات نفسية، ولا يحصلن هنا في ألمانيا على أي مساعدة نفسية أو مساندة مشابهة؟
بعد أن تكون النساء قد مررن بتجارب صدمات نفسية فإن كل شعور بالعجز ينقلهن إلى حالة صدمة نفسية جديدة أو إلى الإصابة بالصدمة من جديد. والعجز - كأحد علامات المرور بتجارب الصدمات النفسية - يعني أن الإنسان يكون غير قادر على التصرف والمبادرة. وهذا له تأثير على نفسية الشخص وعلى ثقته بنفسه.
وهل تنسحب اللاجئات في هذه الحالة من المجتمع وينطوين على أنفسهم؟
نعم. فتجارب الصدمات النفسية والتمييز قد تؤدي إلى التقهقر والتراجع بدلا من الاندماج، إذا لم يتمتعن بمساعدة ملائمة وإذا انصدمن بمقاومة في محيطهن وإذا لم يكن لديهن معارف وشبكة تواصل تساعدهن وتساندهن.
ولذلك من المهم أن يتم تغيير إجراءات اللجوء في ألمانيا بحيث تراعي التوتر النفسي والصدمات النفسية لديهن ، بحيث يتم تفادي حالات العجز التي قد تمر بها هؤلاء النساء. حين تعايش النساء ألمانيا كمكان للتمييز فإن استعدادهن للاندماج ينخفض.
من وجهة نظرك ما الذي يجب تحسينه من أجل الاندماج ومساندة النساء المصدومات نفسياً بشكل أفضل؟
تمويل مساندتهن وإثارة هذا الموضوع لهما أهمية كبيرة. إحدى المشكلات هي أن النساء اللاجئات والرجال اللاجئين في كامل عملية إجراءات اللجوء معرضون لأشياء كثيرة لم يحسبوا لها حسابا ولم يكن بإمكانهم التنبؤ بها. وهذا قد يعزز من إمكانية حدوث الصدمة النفسية من جديد. من المهم أن يتمتع المسؤولون عن إجراءات اللجوء بفهم أساسي للصدمة النفسية وأن تصبح سيرورة هذه الإجراءات أكثر شفافية. نسمع كثيرا أن جلسات الاستماع - في المحاكم أثناء إجراءات اللجوء - لا تراعي الحالة النفسية للاجئات، خاصة فيما يتعلق بالعنف الجنسي.
إحدى المشكلات هي أن الناس المصابين بصدمات نفسية، حين يتحدثون عن ذكرياتهم وتجاربهم فإنهم كثيرا ما يتحدثون عنها بشكل جزئي وبشكل غير متسلسل زمنياً. وأثناء عملية الاستماع - في المحكمة ضمن إجراءات اللجوء - يُشتبَه بأن هذا الشخص اللاجئ يكذب، وهنا لا بد أن يوجد تفهم أساسي للاجئات واللاجئين.
كما أن جلسات الاستماع للنساء اللاجئات يجب أن تتم دائما من خلال نساء. وينبغي خلال جلسة الاستماع أن يتم منحهن مساعدة نفسية.
أنت تدربين نساء كُنَّ قد لجأن منذ وقت طويل إلى ألمانيا، وذلك من أجل مساعدة اللاجئات الجديدات. إلى أي مدى تمثل هؤلاء النساء مساعدة كبيرة وخاصة للنساء الوافدات إلى ألمانيا؟
اللاجئات القديمات يعملن تطوعيا بشكل كبير من أجل اللاجئات الوافدات حديثا، وهن يعشن في ألمانيا منذ وقت طويل. ولكن ذلك يحدث ضمن هياكل وبنى غير رسمية، ولذلك لا يتم التنبه إلى عملهن، أو يتم إغفال المساعدة التي يقدمنها.
وهن على الأغلب نساء يساعدن اللاجئات في أمور الحياة اليومية ويصبحن هن المرجع الذي تتواصل اللاجئات معه ويطلبن منه المساعدة. إنهن مثلا يرافقن اللاجئات إلى السلطات وإلى الطبيب، ويترجمن لهن. وهذه المساعدة تكون عملا إضافيا على عملهن الفعلي، ومن دون أن يتم مساندتهن في ذلك.
ماذا تحتاج اللاجئات القديمات اللواتي يساعدن اللاجئات الجديدات؟
اللاجئات القديمات - اللواتي يردن مساعدة لاجئات أخريات - كثيرا ما لا يستطعن التواصل مع المؤسسات المختصة وليس بإمكانهن المشاركة في ورش العمل والتدريبات ذات العلاقة ويواجهن الكثير من القصص المتعِبة والمرهِقة، وتعترضهن حالاتُ العجز لدى اللاجئات الوافدات حديثاً. ومن أجل ألا يرهقهن ذلك فنحن نريد هنا أن نؤهلهن، ولذلك فقد قمنا على سبيل المثال بتأهيل 14 سيدة - ممن لديهن تجارب لجوء سابقة - وقمنا بتدريبهن على التعامل مع الصدمات النفسية واستراتيجات التغلب عليها.
حاورتها: شارلوته هاوسفيديل
ترجمة: علي المخلافي
© مهاجر نيوز – جميع الحقوق محفوظة
مهاجر نيوز لا تتحمل مسؤولية ما تتضمنه المواقع الأخرى
المصدر: مهاجر نيوز 2017