لبنان: الصفدي مقرب من السعودية وتلاحقه تهم فساد بالملايين!
١٥ نوفمبر ٢٠١٩أعلن وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل أن وزير المالية السابق محمد الصفدي وافق على تولي رئاسة الحكومة المقبلة، في حال حظي اسمه بموافقة القوى السياسية الأساسية المشاركة بالحكومة. وتحدثت أمس أنباء عن طرح اسمه خلال اجتماع عقد بين سعد الحريري وممثلين عن جماعة حزب الله الشيعية وحليفتها حركة أمل.
بيد أن الصفدي برز خلال العقد الأخير في عدد من قضايا الفساد المالي، والذي يشكل أزمة في ظل الاحتجاجات الواسعة ضد الفساد الحكومي في لبنان والمستمرة منذ تشرين الأول/أكتوبر المنصرم.
وستواجه الحكومة المقبلة تحديات كبيرة تتضمن ضرورة الحصول على دعم مالي دولي لتخفيف الأزمة الاقتصادية في البلاد، وكذلك التعامل مع التحدي الذي تمثله الحركة الاحتجاجية الحالية الراغبة بإزاحة جميع رموز الطوائف والحكومات السابقة.
رجل أعمال بارز وحقائب وزارية متعددة
سطع اسم الصفدي (75 عاماً) من خلال عدة مشاريع استثمارية شملت قطاعات البناء والإسكان والطيران والسياحة والتكنولوجيا والمصارف، وقد بدأ عمله في قطاع التجارة بمدينة طرابلس وبيروت، لينتقل عام 1975 إلى السعودية، ومن ثم توسعت أعماله في عدد من الدول العربية وأوروبا.
بدأ حياته السياسية عام 2000، بعد خوض غمار الانتخابات النيابية عن المقعد السني في طرابلس، حصد خلالها المرتبة الأولى بـ 66 ألف صوت، جعلت منه أحد أبرز النواب في المدينة، وأعيد انتخابه في الدورتين النيابيتين 2005 و2009.
شغل منصب وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة الرئيس اللبناني فؤاد السنيورة في الفترة ما بين عامي 2005 و 2008، فيما تم تعيينه وزيراً للاقتصاد الوطني والتجارة في ذات الحكومة ما بين 2008 و2009.
واستمر في منصبه خلال عهد حكومة الرئيس سعد الدين الحريري ما بين تشرين الثاني/نوفمبر 2009 وحزيران/يونيو 2011، أما في حكومة الرئيس نجيب الميقاتي فقد احتل منصب وزير المالية حتى عام 2014.
حصل الصفدي على شهادة في العلوم الإدارية من الجامعة الأمريكية في بيروت سنة 1968، ويشغل حالياً عضوية مجلس المستشارين في معهد جون كينيدي في جامعة هارفارد، ومجلس الأمناء في الجامعة الأمريكية اللبنانية، ومجلس أمناء مؤسسة تدريب الرواد اللبنانية. أسس عام 2000 مؤسسة الصفدي التنموية، وتوسعت لتضم مؤسسة الصفدي الثقافية عام 2014. وتشغل زوجته فيوليت الصفدي منصب وزيرة الدولة لشؤون التمكين الاقتصادي للنساء والشباب، في حكومة الحريري المستقيلة.
تهم بالفساد
ظهر اسم الصفدي في فضيحة "صفقة اليمامة" عام 2006، بعد أن كشفت صحيفة الغارديان عن رشاوى وعمولات ضخمة تورطت بها شركة العقارات التي يرأسها، إذ تلقت عقوداً من شركة الأسلحة البريطانية BAE، بما قدر بـ 120 مليون جنيه استرليني(140 مليون يورو)، وهي شركة متعددة الجنسيات ومختصة في الصناعات الجوية والدفاعية.
وقد قامت المملكة السعودية من خلال هذه الصفقة بتقديم النفط الخام مقابل الأسلحة، وبرزت القضية على الساحة الاقتصادية والسياسية بسبب حجم الرشاوى والعمولات الهائلة.
فيما كشفت وثائق نشرها "المعهد الدولي للصحافيين الاقتصاديين"، عام 2015، عن حساب مصرفي باسم الصفدي لدى الفرع السويسري لبنك "إتش أس بي سي" البريطاني، أنشأه للتهرب من دفع الضرائب، وقد وصل المبلغ المداع فيه إلى 75 مليون دولار (68 مليون يورو).
وكان المعهد قد أدرج اسم نحو 3 آلاف لبناني، قاموا بفتح حسابات مصرفية للتهرب الضريبي ما بين عامي 1969 و2007. مما وضع لبنان في المرتبة الـ12 على قائمة الدول المتورطة بهذه الفضيحة الاقتصادية.
بينما نشرت ويكيليكس برقية سرية للسفارة الأمريكية عام 2009 تصفه بـ"المقرب من العائلة الحاكمة السعودية"، ورجل أعمال "جمع ثروته في المملكة العربية السعودية".
علاقاته الحزبية
كان الصفدي أحد أبرز أعضاء تحالف 14 آذار بقيادة الحريري، وهو تجمع سياسي لكبار الأحزاب اللبنانية، وظهر بعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، ويهدف إلى إقامة محكمة دولية لمحاسبة قتلة الحريري، وقد واجه التحالف معارضة شديدة من قوى 8 آذار التي يقودها حزب الله والتيار الوطني الحر.
فيما أشار مكتب الجزيرة القطرية في لبنان أن علاقات صداقة قوية تجمعه مع تيار المستقبل، ومع رئيس الدولة ميشيل عون.
موجة رفض إلكترونية
فور انتشار أنباء اختيار الصفدي كرئيس وزراء مقبل، اشتعلت المنصات الإلكترونية بتغريدات لنشطاء لبنانيين عبروا عن رفضهم، وذلك امتداداً لشعار الاحتجاجات اللبنانية الأبرز "كلن يعني كلن"، متسائلين حول إن كانت تسميته مناورة سياسية لا غير، كما نشر العديد من الناشطين.
فيما تبادلوا قائمة تهم فساد لاحقت الصفدي خلال سنوات عمله في الحياة السياسية اللبنانية، من بينها صفقة اليمامة المعروفة.
وقد وصفه البعض بنائبٍ "قليل الانتاجية"، لينتشر وسم (هاشتاغ) "الصفدي ساقط بالشارع"، دلالة على رفض المحتجين تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة، وقد دعا مغردون إلى تجمعات أمام مركزه احتجاجاً على القرار، فيما عبر آخرون عن ترحيبهم.