لبنان - رسوم كاريكاتورية في مواجهة الجهل
٩ يناير ٢٠١٤السيدة مايا زنقول، ُولدِت في لبنان ونشأت في المملكة العربية السعودية، فلماذا عدت إلى مسقط رأسك؟
مايا زنقول:لأنني لبنانية. كان والدي يعمل في المملكة العربية السعودية، لذلك بقينا هناك إلى أن أصبح عمري 18 عاما. ثم ذهبت للدراسة في لبنان. وحيث أني كنت أعيش خارج البلاد، كنت أنظر بحنين وبرومانسية إلى ما يحدث في بلدي، وبالتالي كنت أتطلع بشوق إلى يوم عودتي إلى بلد أحلامي وإلى حريتي.
ألا يزال لديك هذا التصور الرومانسي؟
مايا زنقول:(ضاحكة) بالطبع لا. لقد وقع لي نوع من الصدمة الحضارية عندما عدت فعلا إلى بيروت. فعندما كنت في السابق أمضى بين الحين والآخر أجازة في لبنان مع عائلتي، كان لدينا شعور كبير بالسعادة والمرح، لكن عندما عشت وعملت هنا، أدركت أن كثيرا من الأشياء في مسار خاطئ. ومن أكبر المشاكل ضعف البنية التحتية وعدم وجود وسائل النقل العام والنقص في الكهرباء والمياه، إضافة إلى الوضع السياسي المتوتر، و شعرت بأن اللبنانيين أمام مهمات كبيرة يلزم إنجازها.
أنت ترسمين "مايا زنقول" في شكل ثنائي الأبعاد 2-D، حيث يكون هذا الشكل دائما في قلب الحدث، من أين جاءت فكرة الرسوم الكاريكاتورية؟
أول عمل رسمته كان بعد قضاء عطلة في أسبانيا مع إخوتي، وأثار الرسم ضحكهم، مما جعلني سعيدة، فبدأت أرسم الأشياء التي أعيشها في حياتي اليومية. كانت رسوماتي الأولى في منتهى البساطة، وهي تحكي عن الأوضاع الكارثية لحركة المرور ومشاكل الكهرباء. وفي هذه المرة ضحك أيضا أصدقائي عند مشاهدتهم للرسومات. فالجميع يدرك تصوراتي في الرسومات التي تسلي من يشاهدها. ومن تم فإن هذا التعبيرعن الرأي يمنحني الكثير من المتعة والمرح.
ما هو سبب استخدامك للغة الإنكليزية وليس اللغة العربية في معظم رسوماتك الكاريكاتورية؟
في الجامعة و في العمل نتكلم اللغة الإنجليزية فقط. ولدي شعور بأنني لا أجيد اللغة العربية بشكل تام. ومن الطبيعي أن يتضح ذلك بالنسبة لي عبر استخدام اللغة الإنكليزية في رسوم الكاريكاتور. يضاف إلى ذلك أن هذه الصور المتاحة في تقديم لبنان تختلف عن تلك الصور المنتشرة في وسائل الإعلام، والتي تتسم بصور الصراع والحرب.
في عملك الكاريكاتوري "ردود فعل لبنانية بعد الانفجار" تظهر ست شخصيات كاريكاتورية مختلفة،وهي تعلق بأشكال مختلف على تفجير حدث في لبنان. ويظهرون في الرسم وهم مصدومين أو في موقف متوازن أو متحمسين لوطنهم.هذه الصورة ظهرت بعد التفجير المزدوج أمام السفارة الإيرانية في بيروت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وانتشرت الصورة على نطاق واسع في الفيسبوك وتويتر. هل هذه الشخصيات شخصيات نموذجية للبنان؟
منذ عودتي إلى لبنان عام 2005، حدثت في البلاد حوالي 100 عملية انفجار. وقد وصلنا إلى وضع لم تعد فيه الانفجارات تشكل شيئا خارجا عن المألوف، حيث أصبحت نوعا من الروتين في لبنان. في حادث التفجير المزدوج، فتحت صفحتي على الفيسبوك وشاهدت كيف علق الناس على الانفجار، وكانت هناك وجهات نظر مختلفة وكثيرة. كان البعض حزينا، وعبر البعض عن ملله من هذا الانفجار الجديد. رسمت كل هذه المواقف في كاريكاتور وبقيت متطلعة إلى ردود الفعل. وحقا تم تداول هذه الصورة بشكل كبير، مما يثبت شعور الكثير من الناس بالارتباط بها. لا أستطيع تقييم ما إذا كان ذلك جيدا أم سيئا. غير أنه من المؤكد أن التعود على حدوث الانفجارات أمر ليس بالشيء الجيد، لكنه واقع في لبنان.
"دافع عن نفسك" هي أيضا واحدة من رسوماتك وفيها تقومين بنزع القناع الأسود عن رأس شخص مسلح، فيظهر بدلا من وجهه كلمة "جهل". وقد وقعت على الكاريكاتور بعبارة "مايا زنكول غاضبة جدا." فما هو بالضبط الشيء الذي أوحى إليك بهذه الفكرة ؟
بعد التفجير الذي وقع في بيروت في أكتوبر/تشرين أول 2012 تسلح المدنيون أيضا وخرجوا للشارع لإشعال النيران في إطارات السيارات أو لإطلاق الرصاص، وقد أغضبني ذلك جدا. الجميع كان خائفا وبقي الناس في بيوتهم. وقلت في نفسي إذا تسترنا خلف الحواجز فإننا سنكون في موقف من يؤيد مثيري الشغب في عملهم. ومن هذه الخلفية تم رسم هذه الصورة. إنها تتفق مع موقفي بأنه يجب علينا أن نواجه الأوضاع من خلال العودة بحياتنا اليومية إلى وضعها الطبيعي. فالجهلة هم أولئك الذين حملوا السلاح وخرجوا به للشوارع، بعد كل ما حدث في لبنان.
ما هي ردود فعل اللبنانيين على عملك الفني؟
على مر السنين، تلقيت الكثير من ردود الأفعال الإيجابية. بل إن الرسوم الكاريكاتورية أثرت فعلا في تفكير بعض الناس. ويقولون لي إنهم يتذكرون رسوماتي فجأة في الحياة اليومية، فيأخذهم الشعور بأن الظروف التي أصبحوا متعودين عليها في لبنان غير مقبولة، وأنه لا يمكنهم الاستمرار على هذا المنوال. والمثير للدهشة، هو أنني لم أتلق أبدا تعليقات سلبية على صوري.
أنت أيضا مذيعة تقدمين استشارات لاستخدام الانترنت في برنامج عالم الصباح بالتلفزيون اللبناني!
في برنامج "بوقتها" أوضح لربات البيوت كيفية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لأفكارهن. فقد تكون لهن في يوم من الأيام القدرة على كسب المال من خلال ذلك. ليس لدى الكثير من السيدات بين الأربعين والخمسين عاما فكرة عن الإنترنت. وقبل هذا البرنامج لم يكن لدى والدتي حتى عنوان بريد إلكتروني. والآن تنتشر المواضيع في الفيسبوك. ومن خلال التعامل مع الإنترنت أصبحت أكثر تحررا.
هل يعني هذا أيضا أنك من المدافعين عن تحرير المرأة في لبنان؟
قد أصف نفسي بالمدافعة عن حقوق المرأة، غير أني أعتقد أن الطريق لازال طويلا بخصوص حقوق المرأة في لبنان. هل هل تخيل مثلا أنه ليس لأولاد النساء المتزوجات من غير اللبنانيين الحق في الحصول على الجنسية اللبنانية. ثم هناك موضوع معاملة النساء في أماكن العمل وقضايا العنف المنزلي وعدم المساواة بين الجنسين، وهي موضوعات يجب مناقشتها علانية وبشكل متزايد.
مقارنة بالدول العربية الأخرى تسود في لبنان حرية نسبية بالنسبة لوسائل الإعلام المحلية والأجنبية. فهل حدث أنك لم تقومي بنشر رسوماتك خوفا من ردود فعل سلبية محتملة؟
لا!. الرسوم تعكس موقفي، وأنا أريد نشرها للجمهور. في لبنان لا يتم القبض على المدونين ولايتم تعذيبهم. أحيانا يتم استجواب شخص ما، غير أنه يغادر المكان في نفس اليوم. ولا أريد أن أنشر أبدا شيئا غير محترم. فأنا أعبر عما أفكر فيه بطريقة حضارية، ولا ينبغي أن يكون ذلك سببا لاعتقالي.