لماذا خسر الحزب الديموقراطي الأمريكي قاعدته العمالية؟
٩ نوفمبر ٢٠٢٤كشفت هزيمة المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية بأن الحزب يخسر ناخبين في صفوف طبقة العمال الذين ادعى تمثيلهم على مدى عقود، بحسب خبراء. وقال السناتور اليساري بيرني ساندرز بعد يوم على فوز المحافظ والشعبوي دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية: "يجب ألا يكون الأمر مفاجئا كثيرا عندما يكتشف الحزب الديمقراطي الذي تخلى عن أفراد الطبقة العاملة بأنها تخلت عنه أيضا".
وأضاف أن تخلي "البِيض من طبقة العمال" بشكل كبير عن الحزب -والذي فاجأ المراقبين عندما فاز ترامب أول مرة على الديمقراطية هيلاري كلينتون في 2016- امتد في 2024 إلى "العمال اللاتينيين والأمريكيين السود".
عمال بِيض ولاتين وسود وعرب مع ترامب
وكشفت استطلاعات لدى الخروج من مراكز الاقتراع جمعها "مركز إديسون للأبحاث" أن الرئيس المنتخب فاز بأصوات 56 في المئة من الأشخاص الذين لا يحملون شهادات جامعية مقابل 42 في المئة صوتوا لهاريس. تمثل هذه زيادة بست نقاط بالنسبة للملياردير مقارنة مع عام 2020.
وأعلن 57 في المئة من الناخبين الأمريكيين الذين اُستطلعت آراؤهم في هذا التحقيق الكبير أنهم "لا يملكون شهادة جامعية" مقارنة مع 59 في المئة في 2020. وأشار خبراء إلى أن رجل الأعمال الملياردير نجح في إقناع جزء كبير من البِيض من طبقة العمال -إلى جانب عدد متزايد من اللاتينيين والسود والعرب- بأنه يفهم مخاوفهم بشكل أفضل.
"مسؤولية هاريس وبايدن عن الغلاء"
وبعد أربع سنوات في السلطة ارتفعت خلالها أسعار المواد الاستهلاكية بسبب وباء كوفيد-19 والغزو الروسي لأوكرانيا، اعتُبرت هاريس أيضا مسؤولة عن التضخم الذي أدى إلى تراجع مستويات المعيشة. وقالت الاستاذة لدى "معهد الدراسات السياسية في باريس" (سيانس بو) سيلفي لوران إن "كامالا هاريس فشلت في الوصول" إلى "النساء البيض واللاتينيات" في الولايات المتحدة التي تعاني من عدم المساواة إلى حد كبير.
وأفادت فرانس برس بأن هذه الفئة من النساء "تتولى إدارة ميزانية العائلة والتسوق وتحضير الوجبات. وارتفعت أسعار المواد الغذائية بأكثر من 30 في المئة منذ 2020". وأضافت "في بلد حيث يحصل البعض على رواتب منخفضة وحيث بات تحمل كلفة الرعاية الصحية والسكن أصعب مما كان عليه قبل عشر سنوات، فإن الوضع لا يحتمل".
وعلى غرار آخرين في الحزب الديمقراطي الذي يشمل شخصيات من اليمين الوسط واليسار دعت عضوة الكونغرس ماري غلوسنكامب بيريز إلى التأمل الذاتي، موجهة بعض الانتقادات إلى قادة الحزب في واشنطن. وبعدما توقع الإعلام إعادة انتخابها بفارق ضئيل في مجلس النواب بأصوات مقاطعة ريفية محافظة في ولاية واشنطن، انتقدت أعضاء حزبها الديمقراطي بسبب "تعاليهم" على الطبقة العاملة. وقالت في مقابلة أجرتها معها نيويورك تايمز الجمعة 08 / 11 / 2024: "بات العديد من المسؤولين المنتخبين يفتقرون إلى الحساسية حيال طريقة تقليلهم من احترام الناس".
وبينما روت كيف ناقشت مؤخرا تأثير إدمان المخدرات على الوالدين، أشارت إلى أن الديمقراطيين بحاجة إلى تشديد السياسات المرتبطة بأمن الحدود لمنع دخول المخدرات إلى الولايات المتحدة. وقالت للصحيفة "كيف يكون التعاطف؟ هل بالقول لهم إن المشكلة مشكلتهم أم بالتعامل مع مسألة أمن الحدود بجديّة؟".
عمال شباب بدلوا ولاءهم إلى ترامب
وفي ولاية ميشيغان الحاسمة التي بدل الناخبون في جزء من الشمال الصناعي فيها ولاءهم ليصوتوا لترامب مجددا، دعم قادة نقابات العمال هاريس لكن يبدو أن تأثيرهم على الناخبين الأصغر سنا يتراجع. واعتبر العديد من العمال الشباب الذين التقتهم فرانس برس أثناء الحملات الانتخابية أن رسالة ترامب بشأن الرسوم الجمركية وخفض الضرائب جذابة واختاروا تأييد الرئيس الجمهوري السابق.
وقال إيزايا غودارد -وهو موظف لدى "فورد"- إنه مصوت لترامب متجاهلا دعوات نقابة "عمال السيارات" الممثلة أيضا لقطاعي الزراعة وصناعات الطيران والفضاء. واعتبر ديفيد ماكول من نقابة "عمال الصلب" بعد الانتخابات بأن "إحدى أكبر مآسي هذا الموسم الانتخابي الشاق كانت الطريقة التي سعت من خلالها شخصيات بارزة لإحداث انقسام بين الأمريكيين العاملين ليقف بعضهم ضد بعض".
ثلاثية ترامب: الهجرة والتضخم والأمن
وبينما ركز ترامب حملته على الهجرة والتضخم والأمن رأى الكثير من الناخبين أن هاريس كانت لديها أولويات أخرى، حتى عندما شددت مرارا على هدفها خفض التكاليف بالنسبة للعمال الأمريكيين من أصحاب الدخل المنخفض.
وأشار مركز أبحاث الرأي العام المؤيد للديمقراطيين "بلوبرنت" في دراسة نشرت على منصة "إكس" إلى أن ثالث الأسباب الأكثر تكرارا في أوساط الناخبين في الولايات الحاسمة التي أدت لابتعادهم عن هاريس كان "تركيزها أكثر على القضايا الثقافية والاجتماعية، مثل حقوق المتحولين جنسيا، بدلا من مساعدة الطبقة العاملة".
ع.م / خ.س (أ ف ب)