لماذا لجأت إدارة بايدن لخيار تعليق شحنات أسلحة لإسرائيل؟
٨ مايو ٢٠٢٤تراجع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن مصير شحنات أسلحة أخرى إلى إسرائيل، بعد تعليقها شحنة مساعدات، وذلك مع استمرار قلقها إزاء هجوم إسرائيلي محتمل على رفح، بحسب ما قال ماثيو ميلر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية.
وذكر ميلر خلال إفادة صحفية الأربعاء (الثامن من مايو/ أيار 2024) أنه يتوقع أيضا إرسال وزارة الخارجية خلال الأيام المقبلة تقريرها إلى الكونغرس عما إذا كانت إسرائيل قد استخدمت أسلحة مقدمة من واشنطن بما يتماشى مع القانون الدولي الإنساني. وكان الموعد النهائي لتسليم التقرير هو اليوم الأربعاء.
وعلقت الولايات المتحدة إرسال شحنة أسلحة إلى إسرائيل تتضمن قنابل ثقيلة تستخدمها في حملة على مقاتلي حركة حماس في غزة أسفرت عن مقتل أكثر من 34 ألف فلسطيني حتى الآن، حسب إحصائيات السلطات الصحية التابعة للحركة في القطاع.
يأتي التعليق في الوقت الذي يواصل فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو هجوما عسكريا على مدينة رفح الفلسطينية رغم اعتراضات الرئيس الأمريكي جو بايدن.
وذكر مسؤول بارز بالإدارة الأمريكية أن "إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، اختارت إيقاف شحنة تضم حوالي 3500 قنبلة إلى إسرائيل، الأسبوع الماضي، بسبب مخاوف من احتمال استخدام الأسلحة، في رفح، حيث يحتمي أكثر من مليون مدني، و"ليس لديهم مكان آخر يتوجهون إليه".
وقال المسؤول لشبكة "إيه.بي.سي.نيوز" الأمريكية إن عمليات نقل الأسلحة الأخرى، من أمريكا إلى إسرائيل، بما في ذلك بيع ذخائر الهجوم المباشر المشترك أو مجموعات "جيه.دي.إيه.إم"، تخضع للتدقيق الدقيق، في إطار مراجعة أوسع نطاقا للمساعدات العسكرية الأمريكية إلى إسرائيل، التي بدأت في نيسان/أبريل الماضي.
وأضاف المسؤول البارز بالإدارة الأمريكية، الذي رفض الكشف عن هويته بسبب بحث قرار سياسي حساس لم يتم الإعلان عنه بشكل علني، أن هذه الخطوة جاءت، نظرا لأن المحادثات بين أمريكا وإسرائيل، حول الاحتياجات الإنسانية في رفح "لم تعالج بشكل كامل مخاوفنا".
رودود فعل إسرائيلية
ويبدو أن الجيش الإسرائيلي يقلل من أهمية وقف الإدارة الأمريكية إرسال شحنة الأسلحة إلى إسرائيل، قائلا إن الحلفاء يحلون أي خلافات "خلف الأبواب المغلقة"، حسب صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" اليوم الأربعاء.
وردا على سؤال، بشأن القضية، في مؤتمر استضافته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، مع دخول حرب غزة شهرها الثامن، وصف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانييل هاغاري، التنسيق بين إسرائيل وأمريكا بأنه وصل إلى "نطاق غير مسبوق، على ما أعتقد في التاريخ".
وذكر موقع أكسيوس نقلا عن مصدرين مطلعين لم يسمهما أن مسؤولين إسرائيليين كبارا حذروا نظراءهم الأمريكيين من أن قرار إدارة الرئيس جو بايدن تعليق بعض شحنات الأسلحة إلى إسرائيل قد يقوض مفاوضات الرهائن.
وقال سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان إنه لا يعتقد بأن الولايات المتحدة ستتوقف عن إمداد إسرائيل بالأسلحة لكنه وصف قرار واشنطن بأنه "مخيب للآمال للغاية"، بل ومحبط.
وأضاف إردان في مقابلة مع القناة 12 الإخبارية الإسرائيلية أن الرئيس بايدن "لا يمكنه القول إنه شريكنا في هدف تدمير حماس (في حرب غزة) بينما يؤخر من ناحية أخرى الوسائل المراد بها تدمير حماس".
متى اتخذ القرار الأمريكي؟
قال مسؤولون أمريكيون إن القرار اتخذ الأسبوع الماضي. وشارك بايدن فيه مباشرة.
ما هي القنابل التي تم تعليق إرسالها؟
أوقفت واشنطن إرسال شحنة تتكون من 1800 قنبلة تزن الواحدة منها ألفي رطل (907 كيلوغرامات) و1700 قنبلة تزن الواحدة منها 500 رطل (نحو 227 كيلوغراما)، بحسب مسؤولين أمريكيين في واشنطن.
وقالت أربعة مصادر إن الشحنات التي تأجلت لأسبوعين على الأقل تتضمن ذخائر من صنع شركة بوينغ تحول القنابل الغبية إلى قنابل دقيقة التوجيه، بالإضافة إلى قنابل صغيرة القطر (إس.دي.بي-1).
وقنابل (إس.دي.بي-1) عبارة عن قنبلة انزلاقية دقيقة التوجيه تحتوي على 250 رطلا (نحو 113 كيلوجراما) من المتفجرات.
لماذا تمنع الولايات المتحدة إرسال هذه القنابل؟
قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن في جلسة استماع بمجلس الشيوخ اليوم الأربعاء إن الولايات المتحدة تراجع "المساعدة الأمنية على المدى القريب... في ضوء الأحداث الجارية في رفح".
وأضاف أوستن "كنا واضحين جدا... منذ البداية أنه يجب على إسرائيل ألا تشن هجوما كبيرا على رفح دون الأخذ في الاعتبار المدنيين الموجودين في ساحة المعركة وحمايتهم".
ويلوذ أكثر من مليون مدني فلسطيني برفح، وكان كثيرون منهم قد نزحوا في السابق من أجزاء أخرى من غزة بعد أوامر إسرائيل بالإخلاء منها.
وقال مسؤول أمريكي اشترط عدم الكشف عن هويته إن القرار الأمريكي اتخذ بسبب الخوف من "الاستخدام النهائي للقنابل التي تزن ألفي رطل والأثر الذي قد تسببه في مناطق حضرية كثيفة السكان كما رأينا في أجزاء أخرى من غزة". وأضاف المسؤول أن الولايات المتحدة راجعت بدقة تسليم الأسلحة التي قدتستخدم في رفح.
ما الضرر الذي قد تسببه القنابل التي تزن ألفي رطل؟
القنابل الكبيرة مثل تلك التي تزن 2000 رطل، تأثيرها يمتد لمساحة كبيرة. وتقول الأمم المتحدة إن "الضغط الناتج عن الانفجار قادر على تمزيق الرئتين وتفجير تجاويف الجيوب الأنفية وقطع الأطراف على بعد مئات الأمتار من موقع الانفجار".
وجاء في تقرير اللجنة الدولية للصليب الأحمر لعام 2022 أن استخدام متفجرات واسعة النطاق في منطقة مكتظة بالسكان "من المرجح جدا أن يكون له آثار بلا تمييز أو ينتهك مبدأ التناسب".
ما هو رد إسرائيل؟
تنفي إسرائيل استهداف المدنيين الفلسطينيين وتقول إن اهتمامها ينصب على القضاء على حماس، وإنها تتخذ جميع الاحتياطات اللازمة لتجنب القتل غير الضروري.
ويشار إلى أن حركة حماس جماعة إسلاموية فلسطينية مسلحة، تصنف في ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية.
هل كان استخدام إسرائيل لهذه القنابل في غزة قانونيا؟
هذه مسألة نقاش محتدم. ولا يحظرالقانون الإنساني الدولي صراحة القصف الجوي في المناطق المكتظة بالسكان، لكن لا يتعين أن يكون المدنيون أهدافا، ويتعين أن يكون الهدف العسكري المحدد متناسبا مع الإصابات أو الأضرار المحتملة في صفوف المدنيين.
ماذا تقول المحكمة الجنائية الدولية؟
يصنف النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية التي تحقق في حرب إسرائيل في غزة، هجوما متعمدا بأنه جريمة حرب حين يكون من المعروف أن الوفيات أو الأضرار بين المدنيين ستكون "زائدة عن الحد بشكل واضح" مقارنة بأي ميزة عسكرية مباشرة.
ص.ش/أ.ح/ ع.ج (رويترو، د ب أ)