برج خليفة في بلغراد..لمسة من دبي في صربيا
٢١ مارس ٢٠١٥توجد في عاصمة صربيا بلغراد قلعة تاريخية تحمل اسم كالمغدان. وتحتها تتدفق مياه نهر سافا وتصبّ في نهر الدانوب. ومن يصعد القلعة يستطيع من هناك إلقاء نظرة على مركز بلغراد التاريخي والعمارات من الخرسانة، التي تعود إلى فترة الشيوعية. إلا أنه من المحتمل أن تتغير هذه الصورة في السنوات القادمة جذريا، فمن المقرر أن يتم في ضفة نهر سافا اليمنى بناء حيّ حديث يتسم بالعديد من المباني السكنية الفخمة والمكاتب الضخمة من الزجاج والخرسانة. وعلاوة على ذلك من المقرر أن يتم هناك فتح أكبر مركز تسوق في منطقة البلقان وبناء ناطحة سحاب تذكر ببرج خليفة في دبي. وهذا لا يأتي عن طريق الصدفة، إذ من المقرر أن تأتي الأموال الضرورية لتحقيق المشروع من ممولين في الإمارات العربية المتحدة.
مشروع بلا اتفاقية حتى الآن
يثير كل هذا غضب الناشط رادومير لازوفيتش، الذي يقول: "يدعي الحكام الحق في تغيير هوية المدينة بدون التشاور بهذا الشأن مع المواطنين والخبراء. ويساوي ذلك اغتصاب المدينة والقانون".
لا تثير مثل هذه الانتقادات واحتجاجات سكان بلغراد ارتياح الحكومة بقيادة حزب التقدم المحافظ، ففي السنة الماضية شكل مشروع الحي الجديد في العاصمة الموضوع الرئيسي في الحملة الانتخابية، فصربيا تعاني من ضعف اقتصادها وتضخم مالي مرتفع ومديونيتها الضخمة والبطالة في البلاد، التي تبلغ نسبتها 25 بالمائة. ولذلك، فإن رئيس الوزراء ألكسندر فوتشيتش أقدم على تنفيذ حملة دعائية تقول، إن مشروع الحي الجديد يجذب المستثمرين ويؤدي إلى توفير العمل لـ 200 ألف شخص وإن شركة إماراتية سوف تستثمر ثلاثة مليارات يورو في المشروع.
ويجدر الذكر أن ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان تولى التوسط في إجراء المفاوضت بهذا الشأن. وعليه، فإن فوتشيتش وصف ولي العهد بأنه صديق شخصي له.
ومهما يكن الأمر، فإن رئيس المكتب الصربي لمنظمة الشفافية الدولية نيمانيا نيناديتش أشار إلى أن تنفيذ المشروع يشترط عقد اتفاقية بهذا الشأن. إلا أنه لا توجد مثل هذه الاتفاقية حتى الآن، رغم أن بناء أول مبنى للحي الجديد قد انتهى. وهو "مركز إعلامي مؤقت" وصفته صحيفة أسبوعية صربية بأنه "مطعم بسيط من حيث المبدأ". وكلفت الحكومة ببناء المركز شركات مقربة منها فقط.
لعبة مع القوانين
صدر في صربيا قانون خاص ببناء الحي الجديد في بلغراد يحظى بالأولوية بالنسبة لغيرها من القوانين. ويمكّن هذا القانون من تنفيذ المشروع المعماري الضخم بدون إجراء مناقصة. "من غير المعقول تطبيق قوانيننا التي تحمي المنافسة فقط، إذا دار الأمر حول مشاريع ثانوية وليس حول مشروع يتطلب تنفيذه توفر مليارات اليوروهات"، كما يقول نيناديتش.
وبغض النظر عن ذلك، فإن المهندس المعماري دراغوليوب باكيتش يرى أن تنفيذ المشروع لا يمكن، ليس فقط لأن هذا المشروع لا يناسب بلغراد، إذ "يتم التخطيط لحي تبلغ مساحة الشقق السكنية والمكاتب فيه مليوني متر مربع، بدون التفكير في البنية التحتية الضرورية لهذا الحي، فمن أين ستأتي المياه والكهرباء؟ وأين ستكون أماكن وقوف السيارات؟ لا يمكن توسعة الشوارع في محيط الحي الجديد ببساطة"، كما يقول المهندس المعماري. وعليه، فإنه وغيره من زملائه طالبوا في رسالة مفتوحة بوقف أعمال البناء على الفور.
ويعلق الناشط لازوفيتش آماله بهذا الشأن على إهمال الحكومة، فهو يعتقد أن تنفيذ المشروع سيفشل، لأنه من المحتمل أن ينسحب المستثمر أو أن يفقد المشروع أهميته لأسباب سياسية. وفي حالة إصرار الحكومة على تنفيذ المشروع، فإن الناشط الشاب ومؤيديه مصممون على بذل كل الجهود من أجل إجراء استفتاء شعبي، رغم أنه سيكون رمزياً فقط، فبموجب الدستور الصربي لا يمكن أن يؤدي استفتاء شعبي إلى الانسحاب من اتفاقيات دولية.