UNESCO-Bildungskonferenz in Bonn
٢ أبريل ٢٠٠٩يختتم المؤتمر العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) الذي يحمل اسم "التعليم من أجل تنمية مستدامة"، أعماله اليوم الخميس 2 أبريل/نيسان، بعد أن ناقش الحاضرون على مدار ثلاثة أيام ما تم التوصل إليه في النصف الأول من العقد الذي خصصته الأمم المتحدة من أجل التنمية المستدامة والذي بدأ في مطلع يناير/كانون الثاني 2005. وناقش المؤتمر كيفية جعل المواطنين في جميع أنحاء العالم قادرين على خلق مجتمع عادل منسجم مع البيئة وقادر على مواجهة تحديات المستقبل. كذلك ناقش المؤتمر كيفية توظيف التعليم من أجل تحقيق هذه الأهداف. وفي هذا الإطار تطرق المؤتمر إلى أهمية دعم التعاون بين دول الشمال ودول الجنوب. وطالب الحاضرون الدول بوضع التعليم والتنمية على سلم أولوياتهم، كما طالبوا منظمة اليونسكو بمساعدة الدول الأعضاء على تفعيل التعليم من أجل التنمية المستدامة وعلى القيام بحملات توعية وبعمليات تقييم لما تم التوصل إليه.
"ينبغي على الدول أن تصرف على التعليم أكثر مما تصرفه على التسليح"
وشارك في المؤتمر الذي افتتح الثلاثاء 31 مارس/آذار في مدينة بون الألمانية وزراء من 50 دولة من بينهم وزيرة التعليم الألمانية أنيته شافان، بالإضافة إلى 700 مسئول حكومي من جميع أنحاء العالم. وشددت الوزيرة الألمانية في حديثها أثناء افتتاح المؤتمر على أهمية التركيز على التعليم وجعله أولوية في كل دول العالم وقالت في هذا الإطار "إن التعليم من أجل التنمية المستدامة هو الضمان لمستقبل أفضل ومجتمع أكثر عدالة". كما شددت على أهمية مشاركة المجتمع المدني في العمل على دعم التنمية المستدامة مشيرة في ذات الوقت إلى أن الدول الغنية عليها أن تفي بالتزاماتها في هذا المجال تجاه الدول الفقيرة، بغض النظر عن الأزمة المالية وتداعياتها.
وقد غابت عن افتتاح المؤتمر الملكة رانيا العبد الله، التي كان من المقرر أن تشارك في فعاليات المؤتمر، وإن كانت أرسلت بكلمتها الافتتاحية مسجلة. كما غاب عنها أيضاً رئيس مدير منظمة اليونسكو وناب عنه نيكولاس بورنت، الذي أكد بدوره على أهمية أن تبنى المشاريع المستقبلية على ما تم التوصل إليه بالفعل حتى الآن. ومن جانبها أشارت جراسا ماخيل، وزيرة التعليم والثقافة في موزمبيق سابقاً وزوجة نيلسون مانديلا، إلى أن ما تم التوصل إليه حتى الآن لا يتناسب مع ما كان موضوعاً من أهداف. كما طالبت بضرورة إعادة تحديد الأهداف وإعادة تعريف الأولويات في البلدان المختلفة، مشيرة إلى قناعتها بأن الأموال متوفرة ولكن ما ينقص هو الرغبة السياسية في تخصيص هذه الأموال لمشاريع التعليم.
"الشراكات وتبادل الخبرات من أهم مميزات المؤتمر"
إقامة شراكات وبحث فرص التعاون كانت من بين الأهداف التي شجعت الكثير من الوفود العربية على المشاركة في المؤتمر الدولي حسب ما أكده طارق مرابط، من وزارة البيئة والتنمية المستديمة في تونس، في حديث لموقعنا. ويرى مرابط أن المؤتمر يعد مكانا مناسبا لبحث سبل تدعيم التعاون مع دول أخرى ومع منظمات إقليمية وهيئات مانحة لتطوير المشاريع المختلفة التي يقومون بها. وشاركه الرأي الدكتور عبد الله امبوسعيدي، الأستاذ المساعد في كلية التربية بجامعة السلطان قابوس في سلطنة عمان، قائلاً: "جاءت مشاركتنا في هذه المؤتمر للتعرف على التجارب المختلفة وكيفية الاستفادة منها. فالسلطنة بدأت جهودها في مجال التنمية المستدامة مع بداية العقد، ولديها الكثير من المشاريع، لكن قد تكون هناك تجارب رائدة في دول العالم الأخرى يمكن الاستفادة منها، خاصة في مجال التعليم والتدريب وتأهيل المعلمين". وفي السياق نفسه، أكدت نور هدى الرشيد التي تمثل الوفد القطري، على أهمية مثل هذه المؤتمرات في توفير فرص التواصل على المستوى العالمي.
"التنمية ليست مسئولية الحكومات وحدها"
أما الدكتور عبد المنعم عثمان، مدير مكتب اليونسكو الإقليمي للتربية في الدول العربية، فهو وإن كان يرى أن المؤتمر يعمل على توفير فرص التواصل الدولي، فهو يرى أيضاً أنه يوفر الفرص للتواصل على المستوى العربي، إذ أن الأنشطة التي تقوم بها المنظمة في العالم العربي مقسمة إلى مناطق مختلفة وهي شمال أفريقيا والشرق الأوسط ودول البحر الأحمر وتتميز كل منها بخصائص مختلفة. كذلك شدد عثمان على أهمية خلق شراكات مع مؤسسات المجتمع المدني وشركات القطاع الخاص لأن مسئولية التنمية في رأيه لا تقع فقط على عاتق اليونسكو أو الحكومات. وقد أشاد في هذا السياق بشركات ألمانية من القطاع الخاص تقوم بمشروعات خاصة باستخدام الطاقات البديلة والتنمية المستدامة وتقوم بدور تعليمي كبير. ويأمل عثمان أيضاً أن تفتح توصيات المؤتمر طريقاً للمستقبل، حيث يقول: "نحن في منتصف عقد الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، ونرى أنه حان الوقت لعملية مراجعة للنفس ونأمل أن يوفق المؤتمر في خروج بعض التوصيات التي تؤدي إلى تجويد العمل في مجال التنمية المستدامة".
مشاريع تربوية رائدة في الدول العربية
وقد كانت المشاركة العربية في المؤتمر مشاركة واسعة، لم تقتصر على مشاركة ممثلي وزارات التعليم في عدة دول عربية مثل تونس وقطر ولبنان والمغرب وسلطنة عمان، بل كان هناك أيضاً بعض ممثلي المؤسسات غير الربحية والجامعات. كما كان هناك ركن خاص لعرض مشاريع تربوية مرتبطة بالتنمية المستدامة في الدول العربية. ومن ضمن تلك المشاريع، مشروع الإدارة المستدامة للأراضي الجافة الهامشية، والذي يقام في 8 دول منها 4 دول عربية، والذي يهدف إلى تعلم كيفية التعامل مع المصادر الطبيعية المختلفة استناداً إلى الخبرات التقليدية للمجتمعات المحلية، حسبما أكدته الدكتورة بشرى سالم، الأستاذة ورئيس قسم العلوم البيئية في جامعة الإسكندرية. ويُمول هذا المشروع هيئة اليونسكو وجامعة الأمم المتحدة والإيكاردا وهي هيئة للزراعات في سوريا ويتم الصرف على المشروع من قبل حكومة الدانمارك.
كما كانت هناك أيضاً بعض المشاريع الموجهة لتلاميذ المدارس، مثل المشروع القطري الذي يحمل اسم "راشد ودانا" لإعادة التدوير، والذي تشارك فيه 35 مدرسة في قطر. ويهدف هذا البرنامج إلى تعليم التلاميذ كيفية تصنيف النفايات وفصلها لإعادة تدويرها، وذلك باستخدام شخصيات كرتونية وقصص مصورة للأطفال. أما الكويت، فقد تقدمت بمشروعها البيئي الذي تم تنفيذه في الكويت بالتعاون مع اليابان، والذي يعتمد على تعويد الطلاب على مراقبة عادات استهلاك المياه والكهرباء في منزلهم، وتسجل ملاحظاتهم ثم يقومون بمحاسبة الأهل إذا ما كان استهلاكهم زائداً عن اللازم. وتؤكد مريم المتيد، الوكيل المساعد للبحوث التربوية والمناهج بوزارة التربية بدولة الكويت، في هذا السياق أن هذا المشروع التجريبي الذي بدأ منذ عامين في 24 مدرسة قد حقق نتائج مذهلة، وقلل من استهلاك الطاقة بشكل كبير. كذلك يقوم طلبة المدرسة في إطار المشروع التربوي بتدوير النفايات وتحويلها إلى أعمال فنية جميلة.
الكاتبة: سمر كرم
تحرير: طارق أنكاي