مؤتمر برلين الدولي للسلام.. هل يجلب السلام لليبيا؟
٢٠ يناير ٢٠٢٠وضع الاتفاق الدولي بشأن ليبيا الذي أقر في برلين إطاراً لجهود تحقيق السلام فيها، لكن هشاشة وقف إطلاق النار، فضلاً عن الانقسامات، تزيد من غموض أفق تحقيق السلام فيها. كما أن صمت طرفي النزاع، أي فايز السراج رئيس حكومة الوفاق، وخليفة حفتر الرجل النافذ ب شرق ليبيا، زاد من عدم اليقين المحيط بمصير نتائج هذا المؤتمر.
وفي مقابل الصمت السياسي، شهد جنوب طرابلس معارك متقطعة، رغم دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ منذ 12 كانون الثاني/يناير. وسمع كذلك دوي أسلحة ثقيلة من وسط المدينة، قبل أن يسود هدوء نسبي المكان. ورغم أن السراج وحفتر وافقا على المشاركة في مؤتمر برلين، إلا أنهما رفضا أن يلتقيا وجهاً لوجه، في انعكاس للهوة الكبيرة التي لا تزال قائمة بين السلطتين المتخاصمتين في ليبيا.
ميركل: خطوة صغيرة إلى الأمام
وفي ختام المؤتمر الذي استمر بضع ساعات، تعهدت الدول الرئيسية المعنية بالنزاع الليبي التزام حظر إرسال الأسلحة إلى ليبيا وعدم التدخل في شؤونها. وتعقيبا على نتائج المؤتمر، بدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل واقعية بقولها إنه يمثل "خطوة صغيرة إلى الأمام" نحو السلام.
من جانبه يقول أستاذ العلاقات الدولية الليبي خالد المنتصر لوكالة فرانس برس "على الورق، نجحت قمة برلين، وتناولت كل تفاصيل الأزمة الليبية وأسبابها. لكن آليات تطبيق نتائج القمة ليست واضحة بعد".
ولعل أحد أهم إنجازات القمة، على الأقل بالنسبة للأمم المتحدة، هو تشكيل لجنة عسكرية تضم عشرة أعضاء، خمسة عسكريين من كل طرف مهمتها أن تحدد ميدانياً آليات تطبيق وقف إطلاق النار. وطلبت المنظمة الأممية منذ عدة أسابيع من طرفي النزاع تقديم أسماء ممثليهم في اللجنة، لكن لم يستجب أحد حتى الآن.
ومن المقرر أن تجتمع اللجنة العسكرية هذا الأسبوع بحسب الأمم المتحدة، للعمل على تحويل التهدئة الحالية إلى وقف "دائم" لإطلاق النار، كما دعا المشاركون في مؤتمر برلين. بيد أن التحدي الأساسي في برلين كان محاولة تقليص انقسام المجتمع الدولي بإزاء ليبيا.
مخاوف من تدويل النزاع
ولم ينجح مجلس الأمن الدولي في نيويورك خلال الأشهر التسعة الماضية في إصدار قرار يجمع عليه كل الأعضاء حول عملية خليفة حفتر للسيطرة على طرابلس. وفي الأسابيع الأخيرة، أعرب الاتحاد الأوروبي، المنقسمة دوله حول النزاع، عن مخاوفه من تدويل إضافي للنزاع، بعد توقيع تركيا وحكومة الوفاق الوطني اتفاقاً عسكرياً، وتلقي حفتر دعماً من موسكو (رغم نفيها) وكذلك من مصر والسعودية والإمارات.
من هنا، فإن جلوس جميع الأطراف الدولية على طاولة واحدة في برلين يشكل نجاحاً في ذاته، مع تأكيد الأمم المتحدة أن البيان الختامي للمؤتمر سيرفع إلى مجلس الأمن الدولي ليتم اعتماده كقرار.
مؤتمر حوار ليبي ليبي في جنيف
بالتوازي مع ذلك، تعتبر بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أن مؤتمر برلين يوفر أيضاً إطاراً يسهل إجراء الحوار الليبي الداخلي المقرر في جنيف نهاية الشهر الحالي. ويؤكد المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة أن السلطتين المتخاصمتين، أي برلمان الشرق والمجلس الأعلى للدولة بطرابلس، تعملان "بشكل دؤوب" لاختيار ممثليهما لمؤتمر الحوار.
وعلى كلا المجلسين تسمية 13 ممثلاً إلى هذا الحوار، فيما تختار الأمم المتحدة 13 آخرين، يمثلون خصوصاً المجتمع المدني الليبي.
ويهدف مؤتمر جنيف إلى تشكيل مجلس رئاسي من ثلاثة أعضاء، وحكومة موحدة، لإنهاء وجود مؤسسات منفصلة تابعة لكل طرف، وإفساح المجال أمام انتخابات رئاسية وتشريعية. وفي مؤشر إضافي الى عودة الحراك الدبلوماسي، أعربت الجزائر التي كانت حاضرة كذلك في برلين عن استعدادها لاستضافة "حوار" ليبي داخلي على أراضيها.
لكن يتوقع أن تكون المحادثات معقدة بعد قرار معسكر حفتر إغلاق موانئ النفط التي تشكل المصدر الوحيد الفعلي للعائدات إلى ليبيا، عشية مؤتمر برلين. وأبدى الليبيون على مواقع التواصل الاجتماعي موقفا حذرا حيال نتائج مؤتمر برلين، مع انقسام كبير في الرأي يجسد الخلاف الحاد في البلاد.
وتناولت النقاشات خصوصاً هوية "الرابح" و"الخاسر" من هذا المؤتمر. وذكّر محلل ليبي في تصريح لقناة "ليبيا الأحرار" المحلية أن مؤتمر برلين لم يهدف أصلا الى التوفيق بين الليبيين، بل "كان أساساً من أجل تحقيق توافق بين الغربيين".
أ.ح/ع.ش (أ ف ب)