مؤتمر ميونيخ للأمن.. التكنولوجيا نعمة أم نقمة؟
١٧ فبراير ٢٠١٨ساعدت الإنترنت على نقل آليات عمل الديمقراطية الحديثة إلى الجمهور. قبل عقد من اليوم لم يكن بوسع المقترعين توقع أن يعلن الساسة عن سياساتهم على شبكات التواصل الاجتماعي كتوتير أو الفيسبوك ومنحهم فرصة للإطلاع على بواطن اتخاذ القرار من خلال تلك الشبكات. غير أنه وككل شيء بمقدوره تحويل المجتمع فإن الانترنت والتكنولوجيا المرتبطة به تحمل معها مخاطر.
في "مؤتمر ميونيخ للأمن" هذا العام عقدت ندوة شارك فيها الأمين العام الأسبق للأم المتحدة كوفي عنان وقادة من شركات الفيسبوك وغوغل وميكروسوفت لمناقشة المخاطر الناجمة عن اختراعاتهم.
وقد أشار عنان، الحاصل على جائزة نوبل للسلام لدوره في خلق "عالم أكثر سلاماً"، إلى "ثورة شبكات التواصل الاجتماعي" في مصر. ومن المعلوم أن شبكات التواصل لعبت دوراً حاسماً في الحشد للثورة المصرية التي أطاحت بالدكتاتور حسني مبارك. "غير أن غياب القيادة أدى لفشل الثورة. وعاد العسكر إلى الحكم. وهاهم اليوم يفعلون أشياء لم يكن مبارك يجرؤ على مجرد التفكير بها"، يقول عنان. الخطر الأعظم على الديمقراطيات الواعدة هو قدرة السلطات على التلاعب ومنع الدخول إلى شبكات التواصل للحيلولة دون نشوء نقاش سياسي أو التأثير فيه.
"اتخذت السلطات قراراً لتعقيد استعمال تلك الشبكات، ووصل الأمر ببعض الجهلات ليس إلى مجرد حظرها، بل واستخدمتها للتحكم بالناس. ومن هنا يطرح السؤال نفسه: هل تلك الشبكات أدوات اجتماعية؟ هل هي أدوات للتمكين والاستقلالية أم للتحكم؟"، يتساءل الأمين العام الأسبق عنان.
"التشكيك في الديمقراطيات الغربية"
منذ ثورة يناير 2011 في مصر أضحت شبكات التواصل الاجتماعي حاضرة في كل مفاصل حياتنا. ولا تشكل تلك التكنلوجيا تهديداً للنظم القمعية فحسب، بل وحتى للديمقراطيات الغربية. وقد اتضح ذلك جلياً في مزاعم التدخل الروسي في انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2016.
"إذا تمعنا الأنشطة التي اكتشفناها فيما يخص التأثير الروسي على الفيسبوك، يتبين أن معظمها سابق في التاريخ على الانتخابات الرئاسية"، يقول المسؤول الكبير في شؤون الأمن في الفيسبوك، ألكس ستاموس، مضيفاً أن "من يحاولون التأثير في النقاش السياسي يفعلون ذلك على مدى أبعد من مجرد دعم طرف سياسي دون غيره؛ إنهم يحاولون خلق شعور بالعدمية في الغرب فيما يتعلق بمؤسساتنا".
وبدوره نوّه مدير ميكروسوفت براد سميث إلى أن حلّ المعضلة ليس بالأمر السهل. وحسب رأيه يتعين على الشركات والحكومات الاعتراف بأن كل وسيلة تحتاج لحل خاص بها دون غيرها: "إذا طبقنا معايير إدارة الشبكات الاجتماعية على محركات البحث سينتهي المطاف بنا إلى تقييد حرية المستخدمين في العثور على المعلومة على شبكة الانترنت".
هل الذكاء الصناعي التحدي القادم؟
كما أشار المشاركون بالندوة إلى التحديات التي يشكلها الذكاء الصناعي على الديمقراطية والاستقرار. "أعتقد أنه من الخطأ أن نعتقد أنه بمقدورنا بناء ذكاء صناعي خال من التحيز. هذه فكرة خيالية"، حسب رأي ستاموس.، متابعاً أن الآلات ستحمل معها نفس تحيزات الأشخاص الذي ساهموا بصنعها وبرمجتها. وساق هنا مثال تقريراً لـProPublica اتهم برنامج في أحد المحاكم بالتحيز ضد ذوي البشر السوداء من الأمريكيين في الأحكام.
وفي المقابل، يرى المستشار في غوغل، إيرك شميت، أن منافع الذكاء الصناعي تفوق مضاره: "شركتنا في طور الدخول في تحولات كبيرة، والفضل يعود للذكاء الصناعي". ويعدد المنافع: تخفيض الأسعار وتحسين الخدمات الصحية ولإطالة العمر وتقصير المسافات وغيرها. وفيما يخص القلق من آثارها السلبية قال شميت إنه يتوجب علينا تقليلها. وختم قال: أرجوكم لا تنسوا هناك فائدة جمة في أن نصبح أكثر ذكاء في كل الميادين سالفة الذكر.
لويس ساندرز/خ.س