1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ما فحوى دعوى "الإبادة الجماعية" ضد إسرائيل في العدل الدولية؟

١١ يناير ٢٠٢٤

رفعت جنوب أفريقيا قضية أمام محكمة العدل الدولية تتهم فيها إسرائيل بـ"ارتكاب إبادة جماعية". فما تفاصيل الدعوى؟ وما ردود الفعل؟ وكيف تجري المداولات؟ وكم ستستغرق؟ وقبل ذلك وهو الأهم هل ستقبل المحكمة الدعوى أم سترفضها؟

https://p.dw.com/p/4b5Fw
اتهامات "الإبادة لجماعية" ضد إسرائيل ـ أولى جلسات محكمة العدل الدولية (لاهاي، 11 يناير 2024)
وزير العدل الجنوب إفريقي رونالد لامولا في أولى جلسات محكمة العدل الدولية بِأن اتهامات "الإبادة لجماعية" ضد إسرائيلصورة من: Thilo Schmuelgen/REUTERS

رفعت جنوب أفريقيا دعوى قضائية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية تتهمها بـ"ارتكاب إبادة جماعية". وزعمت جنوب أفريقيا في الدعوى أن "أفعال إسرائيل وأوجه تقصيرها تعتبر ذات طابع إبادة جماعية، لأنها ترتكب بالقصد المحدد المطلوب لتدمير الفلسطينيين في غزة كجزء من المجموعة القومية والعرقية والإثنية الفلسطينية الأوسع."

محكمة العدل الدولية.. ما هي؟ وما اختصاصها القانوني؟

وقّعت كل من جنوب أفريقيا وإسرائيل على "اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها" لعام 1948 والتي تلزم الدول الموقعة على منع حدوث جرائم إبادة جماعية  ومعاقبة المتورطين في ارتكابها. وعرّفت المعاهدة الإبادة الجماعية بكونها "أفعال معينة تهدف إلى تدمير مجموعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية سواء بشكل كلي أم جزئي".

وعزت جنوب أفريقيا - وفقًا للدعوى -  سبب رفعها قضية ضد إسرائيل إلى تصرفات الأخيرة وتهديداتها ضد الشعب الفلسطيني بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي.

وأعلنت إسرائيل الحرب على حماس بعد هجوم الحركة الإرهابي في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والذي أسفر عن مقتل حوالي 1200 شخص واحتجاز أكثر من 200 رهينة. وأدت الحرب إلى مقتل أكثر من 23 ألف شخص في غزة، بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس في القطاع.

تزامن هذا مع تدهور الوضع الإنساني في القطاع الذي يقطنه أكثر من مليوني شخص.

وتقول إسرائيل إن عملياتها العسكرية في غزة ترمي إلى تدمير حماس بهدف جعل دولة إسرائيل  آمنة من هجمات الحركة، وهي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.

الفرق بين العدل الدولية والجنائية الدولية؟

شرعت جنوب أفريقيا في إجراءات الدعوى أمام محكمة العدل الدولية  ومقرها في لاهاي في 29 ديسمبر/كانون الأول الماضي. ويُطلق على محكمة العدل الدولية اسم "المحكمة العالمية" وتعد أعلى هيئة قانونية تابعة للأمم المتحدة حيث تأسست عام 1945.

قافلة مساعدات عند منفذ كرم أبو سالم (كيرم شالوم) بين إسرائيل ومصر وقطاع غزة ( 22.12.2023)
دعت جنوب أفريقيا في الدعوى إلى السماح بمزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزةصورة من: Enes Canli/Anadolu/picture alliance

وتتعامل محكمة العدل الدولية مع النزاعات بين الدول وذلك على النقيض من  المحكمة الجنائية الدولية  التي تنظر في التهم والمسؤولية الجنائية الموجهة ضد الأفراد.

واعتبارًا من الخميس (11 يناير/كانون الثاني 2024) سوف تعقد محكمة العدل الدولية جلسات للاستماع إلى حجج جنوب أفريقيا ورد إسرائيل.

احتجاجات مؤيدة لإسرائيل في لاهاي أمام مقر محكمة العدل الدولية (11 يناير 2024)
احتجاجات مؤيدة لإسرائيل في لاهاي أمام مقر محكمة العدل الدولية (11 يناير 2024)صورة من: Robin Utrecht/ANP/AFP

ماذا يُتوقع خلال جلسات الاستماع؟

ستقرر محكمة العدل الدولية خلال جلسات الاستماع ما إذا كانت ستوافق على طلب جنوب أفريقيا باتخاذ تدابير مؤقتة. وقال مايكل بيكر، أستاذ القانون الدولي المساعد في مجال حقوق الإنسان بكلية ترينيتي في دبلن، في مقابلة مع DW، إن هذه الإجراءات تعد نوعًا من الإغاثة في حالات الطوارئ التي سيتم تطبيقها أثناء النظر في القضية.

وقد طلبت جنوب أفريقيا من محكمة العدل الدولية اتخاذ عدة تدابير مؤقتة من بينها مطالبة إسرائيل "بوقف عملياتها العسكرية على الفور في غزة" وعدم المشاركة في أعمال إبادة جماعية  واتخاذ إجراءات معقولة لمنعها، والسماح أيضًا بوصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع وتقديم تقارير بشكل منتظم إلى محكمة العدل الدولية حول هذه الإجراءات.

لماذا أقامت جنوب أفريقيا هذه القضية؟

وفي الدعوى المؤلفة من 84 صفحة، أشارت جنوب أفريقيا "إلى التزامها بموجب كونها دولة موقعة على اتفاقية الإبادة الجماعية في منع حدوث إبادة جماعية".

وتعتبر جنوب أفريقيا من أشد المنتقدين لإسرائيل، إذ دأب حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم منذ سنوات على مقارنة سياسات إسرائيل في غزة والضفة الغربية بنظام الفصل العنصري السابق في جنوب أفريقيا، في مقارنة كررها رئيس البلاد سيريل رامافوزا فيما ترفض  إسرائيل  مثل هذه الادعاءات.

ويشير طلب جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل الدولية إلى هذه الفكرة حيث يتحدث عن "خلفية تمييز عنصري" فيما يتعلق بمعاملة إسرائيل للفلسطينيين.

بماذا ردت إسرائيل؟

من جانبها، رفضت إسرائيل بشدة مزاعم تورطها في إبادة جماعية ،إذ كتب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية ليئور حيات على منصة إكس: "ترفض إسرائيل باشمئزاز الافتراء الكاذب الذي نشرته جنوب أفريقيا ودعواها" أمام محكمة العدل الدولية.

وأكد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس الإٍسرائيلي إسحاق هرتسوغ على هذا الأمر حيث كتب الأخير على منصة إكس أنه أكد  لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن  أن بلاده ستقدم أمام محكمة العدل الدولية "بكل فخر وجلاء حق إسرائيل الأساسي في الدفاع عن نفسها".

وسوف تشارك إسرائيل في جلسات الاستماع، إذ نقلت رويترز عن مسؤول إسرائيلي قوله (الأحد 7 يناير/كانون الثاني) إن إسرائيل اختارت رئيس المحكمة العليا السابق أهارون باراك لتمثيلها كقاضٍ في هيئة قضاة محكمة العدل الدولية التي من المقرر أن تنظر في الدعوى.

وفي تعليقه، أشاد خبير القانون الدولي بيكر بقرار إسرائيل بالمشاركة الذي اعتبره "بالأمر الجيد لتحقيق العدالة الدولية"، مشيرًا إلى أن إسرائيل  في السابق قررت في كثير من الأحيان عدم المشاركة في الإجراءات الدولية.

ماذا يُتوقع أن تقرر المحكمة؟

وفيما يتعلق بقرار المحكمة، لم تتضح بعد طبيعة الإجراءات الأولية، إذ يمكن للمحكمة أن تقرر أو ترفض اتخاذ تدابير مؤقتة أو ربما تجد نفسها من الناحية النظرية أنها ليس منوطًا بها النظر في القضية.

وأشار بيكر إلى أنه في حالة دعم محكمة العدل الدولية اتخاذ تدابير مؤقتة، فإنها لن تكون مضطرة إلى اتباع الاقتراح المقدم من جنوب أفريقيا، إذ يمكنها أيضًا صياغة تدابيرها الخاصة.

وتوقع الخبير القانوني أن تكون هناك حجة قوية من قبل محكمة العدل الدولية  لكي تأمر باتخاذ تدابير مؤقتة، لكنه لا يتوقع أن تكون الآثار المترتبة على ذلك بعيدة المدى كما يرى البعض.

وفيما يتعلق بطلب جنوب أفريقيا بالسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة، يعتقد بيكر أنه "من المرجح نسبيًا أن توعز المحكمة لإسرائيل بطريقة أو بأخرى بضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة في مناطق [أوسع] وبمعدلات أكثر مما يحدث في الوقت الراهن."

وستبدأ جلسات الاستماع الخميس (11 يناير/كانون الثاني) فيما ستكون البداية مع جنوب أفريقيا. وسوف تتاح للوفد الإسرائيلي الجمعة (12 يناير/كانون الثاني) فرصة الإدلاء ببياناته، وسط توقعات بصدور القرار بشأن طلب التدابير الأولية في غضون أسابيع قليلة.

وفي حالة انتقال القضية إلى المرحلة التالية والتي تُعنى باتخاذ قرارات بشأن جوهر القضية، وتحديدًا حسم مسألة ارتكاب إسرائيل للأفعال المزعومة في الدعوى التي أقامتها جنوب أفريقيا أم لا، فإن الأمر قد يستغرق سنوات.

أعده للعربية: محمد فرحان