ما هدف روسيا "المرهقة" بأوكرانيا من مساعدة إفريقيا بالحبوب؟
٢٤ مارس ٢٠٢٤بات أكثر من ثلاث ملايين شخص في زيمبابوي في خطر مواجهة المجاعة جراء ظاهرة "النينيو" المناخية التي تؤدي إلى تسخين كوكب الأرض بسبب تفاقم تداعيات ظاهرة تغير المناخ. وعلى وقع ذلك، انهارت المحاصيل الزراعية خلال الموسم الزراعي 2023-2024.
وفي ذلك، قالت المزارعة إيني نيشانو، البالغة من العمر 79 عاما، إن الوضع "كارثي بمعنى الكلمة"، مضيفة في مقابلة مع DW "كانت توقعاتي كبيرة بشأن وفرة محصول هذا العام، كنت آمل بأننا سننجو بسبب محصولنا، لكن مات الأمل ولم يعد هناك مكان نهرب إليه."
ويمكن لزائر منطقة بوهيرا في مقاطعة مانيكالاند شرق البلاد، أن يعاصر بعينيه ضراوة الجفاف حيث ماتت المحاصيل الزراعية.
وفي إحدى مراكز توزيع الغذاء، قال أحد السكان "لا يوجد شيء في الحقول. نحن في حاجة ماسة إلى هطول الأمطار. لقد فقدنا الأمل في حصاد أي شيء من حقولنا."
وفي السياق ذاته، يبذل برنامج الأغذية العالمي الأممي جهودا مضنية لمواكبة الطلب المتزايد على المساعدات الغذائية فيما قالت شيريتا مانيكا، مسؤولية البرنامج في زيمبابوي، إن "التحدي الأكبر يتمثل في التمويل".
وبحسب موقع البرنامج، فإن التبرعات الطوعية هي مصدر التمويل سواءً في صورة تبرعات من حكومات أو من شركات وأفراد.
القمح الروسي
ودوليا، شرعت روسيا في التبرع بإرسال شحنات من القمح إلى زيمبابوي في إطار تعهدها بشحن 200 ألف طن من الحبوب المجانية إلى ست دول إفريقية وذلك خلال القمة الروسية-الأفريقية العام المنصرم.
والدول الست هي زيمبابوي وبوركينا فاسو ومالي وإريتريا وجمهورية أفريقيا الوسطى والصومال.
وتلقت زيمبابوي أكثر من 25 ألف طن من القمح و23 ألف طن من الأسمدة من روسيا. وخلال مراسم استلام أولى شحنات الحبوب الروسية، أعرب رئيس زيمبابوي إيمرسون منانجاجوا عن تقديره للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قائلا: "بالنيابة عن شعب وحكومة زيمبابوي... أعرب عن عميق امتناني لأخي العزيز رئيس الاتحاد الروسي".
ويأمل الكثير من سكان زيمبابوي في استمرار إرسال روسيا شحنات الحبوب لضمان بقائهم على قيد الحياة.
وفي إحدى مراكز توزيع الغذاء، قال سيدة في حديث مع DW " نأمل في أن تستمر هذه المساعدات الغذائية حتى تتمكن عائلاتنا من البقاء على قيد الحياة. ليس لدينا أي وسيلة أخرى للحصول على الغذاء".
دوافع الدب الروسي؟
ورغم الترحيب الكبير بالمساعدات الغذائية الروسية، إلا أن بعض الخبراء ألقوا بظلال من الشكوك حيال دوافع موسكو.
وفي مقابلة مع DW، قال أليكس فاينز، رئيس برنامج أفريقيا في مركز أبحاث "تشاتام هاوس" في لندن، إن التبرعات الروسية يمكن أن تتسم بالطابع السياسي أكثر من الطابع الإنساني.
وأضاف "هذا ليس معناه تشدد في الدبلوماسية الروسية في أفريقيا، لكن موسكو ترغب في مكأفأة أقرب حلفائها في أفريقيا أو دعم الدول التي تريد روسيا زيادة علاقاتها معها."
وشدد على أن مبادرة الحبوب المجانية الروسية اقتصرت على ست دول أفريقية رغم وجود دول أفريقية أخرى في حاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، قائلا: "هذا يدل على الطابع السياسي وليس الإنساني للمبادرة الروسية"
وأشار إلى أن توتر العلاقات بين زيمبابوي والدول الغربية، أدت إلى تعزيز العلاقات بين موسكو وهراري ما جعل الأخيرة محطة كي يستعرض الدب الروسي قوته ونفوذه في القارة السمراء.
وفي ذلك، قال فاينز إن "العلاقات بين زيمبابوي والغرب سيئة، لذا يمكن القول بأن الأمر بمثابة بيان سياسي لإظهار أن زيمبابوي لديها شركاء آخرين أبرزهم روسيا".
وأضاف "في المقابل، ترغب روسيا من خلال توفير الموارد الأساسية أن تبرز كحليف رئيسي يمكن الاعتماد عليه ومن ثم تملأ الفراغ الذي خلفته العلاقات الغربية المتوترة."
روسيا "المنهكة" بسبب حرب أوكرانيا
وقال فاينز إن هدف حكومة زيمبابوي يتمثل في بعث رسالة تطمينية لمواطنيها مفادها أن "أحدا لن يموت جوعا".
وفي هذا الصدد، قال وزير الإعلام في زيمبابوي، جينفان موسويري، إنه يجرى "البدء في تسجيل الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي. وسيتم توزيع الحبوب في جميع المناطق في المقاطعات الريفية الثماني في البلاد. وسيستمر توزيع الحبوب بلا هوادة خلال فترة الجفاف الناجمة عن ظاهرة النينيو".
ومع استمرار تسليم المساعدات، طرح مراقبون تساؤلات عدة حيال التداعيات طويلة الأمد للانخراط الروسي في أفريقيا.
ورغم تزايد احتمالية استمرار إرسال روسيا للحبوب إلى أفريقيا، إلا أن فاينز يشكك في قدرة روسيا في التدخل المستمر في أفريقيا بسبب حربها في أوكرانيا.
فرصة سانحة للصين
وقال فاينز إنه "على الرغم من أن الاستراتيجية الروسية تعتمد على الانخراط في القارة الأفريقية، إلا أن الواقع يشير إلى أن روسيا باتت مرهقة بسبب استخدام مواردها في جبهات القتال بأوكرانيا".
ويعتقد فاينز أن موارد روسيا قد استنفدت بسبب الحرب في أوكرانيا، مضيفا "نشهد تراجعا كبيرا في المساعدات الدفاعية للدول الأفريقية بسبب إعادة توجيه المعدات العسكرية إلى ساحة القتال في أوكرانيا".
وأشار إلى أن هذا الأمر قد يفتح الباب أمام الصين لزيادة نفوذها في القارة السمراء.
بريفلدغ موفانهيري في هراري، زيمبابوي
أعده للعربية: محمد فرحان