Was bringt Pittsburgh für die Entwicklungsländer?
٢٩ سبتمبر ٢٠٠٩من الواضح تماما أن مجموعة العشرين بقمتها الثالثة التي عقدتها الأسبوع الماضي في بيتسبورغ على مستوى رؤساء حكومات ودول المجموعة تمكنت من ترسيخ نفسها كمنتدى عالمي للتعاون الاقتصادي. وفي ظل الأزمة الراهنة قررت المجموعة إجراء اجتماعين في عام 2010، الأول في يونيو/حزيران في كندا والثاني في نوفمبر/تشرين الثاني في كوريا الجنوبية. وبعد ذلك ستستمر هذه الاجتماعات بشكل دوري كل عام، لتحل عمليا مجموعة العشرين محل مجموعة الثمانية.
وفي بيتسبورغ تم تثبيت ما اتفق عليه في قمة لندن ( أبريل/نيسان 2009 ) من إصلاحات في هيكل المؤسسات المالية، إذ إنه وبمساعدة الدول النامية الصاعدة ستحصل المؤسسات المالية العالمية على دعم إضافي بحيث تتم زيادة التمويل لصندوق النقد الدولي ورفع رأس مال البنك الدولي ورؤوس أموال بنوك التنمية.
حوار الشمال والجنوب سيكون في عداد الماضي
للوهلة الأولى يبدو أن الثمن الذي ستدفعه الدول الصناعية مقابل موافقة الدول النامية الصاعدة على تقوية هذه المؤسسات الدولية التي لا تحظى بالقبول في دول الجنوب، يبدو أن هذا الثمن ليس باهظا؛ فالدول الصناعية ستتنازل للدول الصاعدة عن خمسة بالمائة من أصواتها في صندوق النقد الدولي، وعن ثلاثة بالمائة من أصواتها في البنك الدولي، لكن هذا لن يغير سوى القليل من موازين القوى الأساسية وسيكون بالدرجة الأولى على حساب بعض الدول الأوروبية الصغيرة. وما يثير الدهشة هو السرعة التي قبلت بها الدول النامية الأعضاء في مجموعة العشرين لهذه الصفقة، والتي تعتبر أيضا شرطا لقبول الصين والبرازيل ودول صاعدة أخرى بتقديم أموال إضافية إلى صندوق النقد الدولي من أجل مكافحة الأزمة الاقتصادية، مثلا في شرق أوروبا. وهذا يعني أن حوار الشمال والجنوب سيكون قريبا في عداد الماضي.
والملاحظ أن البيان الختامي لقمة بيتسبورغ أشار إلى قرب مؤتمر المناخ في كوبنهاجن. ورغم أنه لم يتم الاتفاق على أهداف بشأن الحد من انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون، إلا أن هناك نقاشا كثيرا حول سياسة نمو مستدامة. وما يمثل أهمية للدول النامية هو أنه سيُعترف للبنك الدولي بدور قيادي فيما يخص سياسة المناخ. ومن المقرر أن يقوم وزراء مالية مجموعة العشرين قبل قمة المناخ في كوبنهاجن بدراسة خيارات التمويل المطروحة لهذه السياسة. ويروج الحديث عن برامج تمكن الدول الفقيرة من الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة، مقابل التزام دو ل العشرين بوقف الدعم الحكومي لمصادر الطاقة الأحفورية واستبدالها بمعونات اجتماعية للفقراء. وهذا يشكل تحديا كبيرا لدول مثل الهند واندونيسيا، حيث ينفق الجزء الأكبر من الميزانيات الحكومية في هذا الدعم الذي تستفيد منه بالدرجة الأولى طبقات المجتمع الوسطى في المدن.
تحدي التخلي عن الإجراءات الحمائية
تمكنت الدول النامية المنضوية ضمن مجموعة العشرين حتى الآن من تجاوز الأزمة. وفي مقدمة هذه الدول الصين بفضل سياستها الاقتصادية قبل الأزمة، والتي أتاحت لها إمكانية اعتماد برامج لإنعاش الاقتصاد، وذلك في وقت كان يتم فيه كثيرا تجاهل مصالح الدول النامية الصغيرة والأكثر فقرا.
إن المطالبة بنمو اقتصادي يحظى ببرامج دعم مختلفة، وبمجموعة من الإجراءات الحمائية ساهمت في تقوية الاقتصادات المحلية، إلا أنها كانت على حساب دول نامية أخرى تفتقر إلى إمكانيات لتبني برامج انعاش اقتصادي. ولا تتمثل هذه الحمائية في القيود الجمركية، بل في أشكال الدعم الحكومي المختلفة وفي إعطاء الأولوية للشركات الوطنية. هذا ولم تلتزم معظم الدول الأعضاء في مجموعة العشرين بما تم التوصل إليه في قمتها الأولى بشأن التخلي عن الإجراءات الحمائية. ويتوجب أن يؤدي الهدف الذي تم التأكيد عليه في قمة بتسبورغ والمتمثل في التوصل حتى 2010 إلى قرارات نهائية في جولة الدوحة، إلى إلغاء سياسة الحمائية هذه، إذ إن الدول النامية ذات الاقتصادات الأقوى تجد نفسها ملزمة بفتح أسواقها على الأقل لصالح الدول النامية الأكثر فقرا.
الدول النامية أضحت شريكا في صنع القرار
ويؤكد البيان الختامي لقمة بتسبورغ بشكل متكررعلى أن زيادة النمو في الدول النامية يجب أن يكون عنصرا أساسيا في إيجاد حل عالمي للأزمة. ويدرج البيان سلسلة من الاجراءات التي من شأنها أن تحسن من فرص الحصول على الغذاء والطاقة والخدمات المصرفية في الدول النامية، ودعم النمو والحيلولة دون وقوع مجموعات كبيرة من المجتمع في دائرة الفقر. ورغم أن الكثير من هذه الاجراءات ليس جديدا، إلى أن الملفت هو أن مجموعة العشرين لم تركز فقط على قضايا خاصة ذات صلة بالأزمة، على غرار مكافآت مدراء المصارف وتنظيم أسواق المال، بل إنها تناولت أيضا قضايا سياسة التنمية من منظور عالمي وعلى مستوى رفيع. وهذا ما فعلته أيضا مجموعة الثمانية، مثلا في قمتها في غلن إيغلس عام 2005، عندما وعدت الدول الصناعية من باب التعاطف منح الدول النامية المزيد من المساعدات، لكن الجديد الآن أن الدول النامية باتت الآن طرفا في صنع القرار، وهذا ما يعتبر بالتأكيد إحدى النتائج الإيجابية للأزمة المالية.
بيتر فولف، مدير قسم الاقتصاد العالمي والتمويل التنموي بالمعهد الألماني لسياسة التنمية
الكاتب: بيتر فولف/ مجاهد عبد العزيز
مراجعة: ابراهيم محمد