مبادرات لدعم الطلاب الأباء في الجامعات الألمانية
٥ أبريل ٢٠١٤بينما لا يزال زملاء ماريا في الدراسة يغصون في النوم أو يحضرون للامتحانات المقبلة، تساعد هذه الأم ذات السابعة والعشرين عاما ابنها هلمار في غسل أسنانه وتجهز له وجبة الإفطار قبل أن ترافقه إلى روضة الأطفال. أما زوجها فهو بدوره في الطريق إلى دور الحضانة مع ابنهما الأصغر كاري. إنه روتين صعب يعيشه الزوجان الشابان اللذان قدما إلى ألمانيا من أيسلندا للدراسة.
يحضر الأب رسالة الدكتوارة في جامعة هانوفر بينما تشتغل ماريا على رسالة الماجستير في الرياضيات. وعندما جاءا إلى ألمانيا لم يكن عمر ابنهما الأكبر هلمار يتعدى ثلاثة أشهر. "في البداية كنا نعتقد بأننا سنجد أشخاصا مع أطفال صغار في كل مكان، بما في ذلك الجامعات الألمانية".
زيادة عدد الطلاب الأباء
ماريا وزوجها لا يشكلان اسثتناء في الجامعات الألمانية، فحسب استطلاع رأي جديد أجراه اتحاد الطلاب في ألمانيا، فإن 11 % من الطلاب الأجانب في الجامعات الألمانية لديهم أطفال. وثمانية في المائة منهم جلبوا معهم أبناءهم إلى ألمانيا. وبسبب ضغوط الدراسة والواجبات المنزلية، فإن نجاح هذه الشريحة من الطلاب يبقى رهينا بتوفير دور الرعاية لأبنائهم. وبهذا الخصوص يقول الأستاذ بجامعة أوسنابروك والمدير التنفيذي لمركز تطوير التعليم العالي في مدينة غوتيرسلو فرانك تسيغله: "نحتاج لجامعات تراعي حاجيات العائلات وتقدرها".
ويقدم مركز تطوير التعليم العالي نموذجا عن ذلك من خلال مشروع يحمل عنوان "الأسرة في التعليم العالي"، حيث قامت اثنثا عشر جامعة بالتوحد فيما بينها وأسست دور حضانة خاصة بطلاب وموظفي هذه الجامعات، كما وفرت أيضا رعاية للأطفال في المساء وعطل نهاية الأسبوع. علاوة على ذلك أصبح بإمكان الطلاب الآباء الدراسة بدوام جزئي في هذه الجامعات.
رأى هذا المشروع النور في العام الماضي وترغب جامعات أخرى في الانضمام إليه كما يؤكد الأستاذ تسيغله، ويضيف " بسبب الباحثين الأجانب أصبح هناك تغيير جذري في قيم الجامعات الألمانية". فالكثير من الباحثين المتميزين يرغبون في الجمع بين العائلة والبحث العلمي". وبخلاف السابق فإن طريق البحث العلمي في نظر تسيغله لم تعد مسألة شخصية متروكة للطالب وحده، وإنما مسؤولية مشتركة للجميع.
المطلوب المزيد من المرونة في أوقات رعاية الأطفال
كانت خيبة ماريا كبيرة بسبب الصعوبة التي واجهتها في البحث عن مكان لأبنها في روضة الأطفال. فبخلاف ألمانيا توجد في آيسلندا جهة مركزية تتولى مهمة توزيع أماكن رعاية الأطفال. وبهذا الخصوص تقول ماريا "لايطلب منك التوجه إلى كل حضانة على حدة وتقديم الطلب للحصول على مكان لأبنك فيها ". كما أن أوقات دوام رياض الأطفال هناك أكثر مرونة.
استفادت العائلة الأيسلندية من الرعاية الطارئة التي توفرها الجامعة، حيث الأوقات أكثر مرونة ولا تحتاج لتحديد المواعيد بشكل مسبق. وهو ما تؤكده ماريا " زوجي سافر إلى السويد لحضور مؤتمر وأنا كانت لدي محاضرات. ولحسن حظي كان بإمكاني أخذ ابني لروضة الأطفال التابعة للجامعة. كان ذلك فعلا حلا جيداً".
شبكة دعم خاصة
بدورها عادت البسمة من جديد لطالبة الدكتوراة، الإسبانية آنا مريا. فهذه السيدة البالغة من العمر 47 عاما، تُدرس اللغة الإسبانية في جامعة هيلدسهايم وتحضر في الوقت ذاته لرسالة الدكتوراة ولها ابنة في التاسعة من عمرها، تدرس بالصف الثاني.
في البداية كان الأمر مرهقا جدا ، كما تقول آنا ماريا "ففي بعض الأحيان لا أعرف كيف كنت أقدر على القيام بكل واجباتي"، خصوصا في غياب دعم عائلي وأيضا بسبب أوقات دوام دور الرعاية غير المناسبة.
ولتغيير هذا الواقع قامت آنا ماريا وزوجها بإنشاء شبكة تضم آباءا آخرين وجيران. وتسمح هذه الشبكة مثلا للطفلة إيفا بتناول وجبة الغداء بعفوية لدى الجيران إذا لم يسمح الوقت لوالديها بتحضير الطعام. وإذا تعذر الأمر فيمكن لإيفا الذهاب مع والدتها للجامعة. وعن ذلك تقول آنا ماريا "حملنا سندويتشات معنا وبعد الأكل بدأت إيفا في الرسم". وذلك بفضل الدعم الكبير للمعهد الذي تدرس فيه.