محمد صلاح وضغوط من أجل الفوز بكأس أفريقيا.. فهل يفي بوعده؟
٨ يناير ٢٠٢٤رغم أن الكرة المصرية دائما ما كانت تعج بالأساطير مثل "المعلم" حسن شحاته و"بيبو" محمود الخطيب و"العميد" حسام حسن إلا أن "الملك المصري" محمد صلاح يتم وضعه في خانة وحده باعتباره أنجح لاعب في تاريخ الكرة المصرية الممتد منذ نحو 130 عاما.
كان قريبا من لقب الأفضل في العالم
صلاح على المستوى الشخصي حقق ما لم يحققه مصري آخر، نذكر مثلا فوزه مع ليفربول بدوري أبطال أوروبا 2020، والدوري الإنجليزي مرتين 2015 و2019، وحصوله على الكرة الذهبية الأفريقية مرتين، ولقب هداف الدوري الإنجليزي ثلاث مرات وأفضل لاعب في إنجلترا مرتين، سواء في اختيار الصحفيين أو الجمهور (ثلاث مرات) أو اللاعبين.
كما حصل على جائزة أفضل لاعب عربي، وقبل ذلك عندما كان محترفا في بازل السويسري حصل مع الفريق على بطولة الدوري (2013) ولقب أحسن لاعب في سويسرا في نفس العام.
وربما لو لم يخرج محمد صلاح مصابا في نهائي أبطال أوروبا عام 2018 أمام ريال مدريد، لفاز ليفربول باللقب ولحصل صلاح، بدلا من مودريتش، على جائزة أفضل لاعب في العالم، التي يمنحها الفيفا.
فحتى خروجه باكيا بعد اللقطة الشهيرة مع سيرغيو راموس كان ليفربول متفوقا وكان صلاح يقدم أداء عالميا. وحصل في نهاية العام على المركز الثالث في جائزة الأفضل خلف رونالدو ومودريتش.
صدمات عديدة مع منتخب بلده
لكنّ هذا النجاح على مستوى النادي تقابله صدمات محبطة، تعرض لها مع منتخب مصر. فقد كان أول ظهور له مع المنتخب في سبتمبر/ أيلول 2011، عندما خسرت مصر 1/2 أمام سيراليون في التصفيات المؤهلة لكأس أفريقيا 2012، لتغيب عن تلك البطولة.
كما غابت مصر أيضا عن بطولتي 2013 و2015، قبل أن تعود لها من جديد في 2017. وفي تلك الأثناء خسرت مصر في وجود صلاح بطاقة التأهل إلى كأس العالم 2014، عندما منيت بهزيمة ثقيلة 1/6 في مباراة الذهاب أمام غانا، حيث لم يؤثر فوزها في الإياب 2/1 في النتيجة المحسومة سلفا.
وفي المباراة النهائية لكأس أمم أفريقيا 2017 خسرت مصر، في وجود صلاح وفي عز تألقه، أمام الكاميرون 1/2، بعدما كانت مصر متقدمة بهدف لصفر حتى الدقائق الأخيرة. وخرجت من دور الـ16 بهدف صاعق أمام جنوب أفريقيا في البطولة التالية التي أقيمت على أرض مصر 2019.
وخسر صلاح النهائي الأفريقي أيضا في 2022 أمام السنغال بركلات الترجيح. وفي نفس العام خسر صلاح بطاقة الصعود إلى مونديال قطر أمام عقبة السنغال وبركلات الترجيح أيضا، ليفشل في تكرار إنجاز الصعود إلى المونديال مرة ثانية، بعدما قاد مصر بجدارة للصعود إلى مونديال روسيا 2018، حيث كانت آخر مشاركة لمصر في المونديال قبل ذلك في عام 1990 بإيطاليا، أي قبل مولد صلاح بعامين.
وهنا لا يمكن لنا تحميل صلاح، بأي حال من الأحوال، مسؤولية كل هذه الخسائر التي مني بها المنتخب المصري، لكن بما أنه الأشهر والأغلى في الفريق، لدرجة أن بعضهم كان يطلق على منتخب مصر اسم "منتخب صلاح" أو "منتخب باصي لصلاح"، فإن آمال الجماهير تبقى معلقة عليه بشكل أكبر من أي لاعب آخر.
وهو ما يؤكده أيضا المحلل الرياضي كريم سعيد، رئيس تحرير موقع يلا كورة الذي قال لشبكة DW "حينما نتحدث عن فريق جماعي مكون من 11 لاعبا لا تكون المسؤولية على لاعب بعينه لأن أي فريق جماعي يكون لديه منظومة" كاملة.
لماذا لم يفز بكأس أفريقيا مع مصر؟
من المؤكد أن أحد أحلام صلاح هو الفوز بلقب أمم أفريقيا، لكنه في هذه الحالة يشبه مشوار النجم ليون ميسي مع منتخب الأرجنتين، بحسب ما يرى كريم سعيد. فميسي بقي طيلة مسيرته ينتظر الفوز بلقب كوبا أمريكا وكأس العالم وهو ما تحقق له مع نهاية مشواره "لكنا نتمنى أن يحقق صلاح الكأس قبل نهاية المشوار وألا ينتظر طويلا مثلما انتظر ميسي"، يقول سعيد.
أما المعلق الكروي المصري أشرف محمود، فقال لـDW: "صلاح هو أحرص اللاعبين على حصد هذا اللقب وهو هدف كبير بالنسبة له، لكنه يلعب وسط مجموعة من اللاعبين، ربما ليسوا بنفس المستوى الفني والمستوى الفكري الذي يتمتع هو به".
ويضيف محمود: "كما هو معلوم فإن لعبة كرة القدم لعبة جماعية سواء من ناحية الدفاع أو الهجوم وصلاح لن يلعب وحده في كل الأماكن وكل المراكز".
يتحدث كثيرون بأن صلاح يؤدي مع ليفربول بشكل أفضل مما يؤدي مع منتخب بلاده، لكن المحلل الرياضي كريم سعيد يرفض هذا الكلام ويقول لـDW: "كل فريق وله أسلوب لعب ومجال تنافسية المنتخب يختلف عن منافسة ليفربول في الدوري الإنجليزي وأنا نفسي أرى أن صلاح يحاول مساعدة (المنتخب) وله دور كبير جدا في الوصول للمباراة النهائية في النسخة الماضية، رغم أن لاعبين كثيرين لم يكونوا في مستواهم في دور المجموعات، والأمر لا يتوقف على صلاح وحده".
ضغوط بعد وعدٌ قدّمه صلاح للسيسي؟
الآن في النسخة الحالية من بطولة كأس أمم أفريقيا 2023 في كوت ديفوار، والتي تم تأجيلها لتقام بين 13 يناير/ كانون الثاني و11 فبراير/ شباط 2024، يخوض محمد صلاح النهائيات الرابعة من منتخب مصر حامل الرقم القياسي للفوز بالبطولة (7 ألقاب) ويتمنى أن ينجح أخيرا في حصد اللقب الغائب عن مصر منذ 2010.
قبل انطلاق البطولة بأسبوع زار الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، معسكر الفريق في الملعب الجديد بالعاصمة الإدارية الجديدة. وقال الرئيس المصري للفريق خلال اللقاء على أرض الملعب (السبت 6/1/2024) إن مصر فازت بلقب أمم أفريقيا سبع مرات، مضيفا: "لكنّ مصر تستحق أكثر من ذلك بكثير، يقدروا يبقوا ثمانية وتسعة وعشرة" ألقاب.
أما صلاح فشكر الرئيس المصري على دعم ومساندة الفريق مؤكدا أن "المنظومة تتحسن" وأضاف: "كل ما أستطيع أن أعد به حضرتك هو أن اللاعبين سيبذلون كل جهودهم لكي نكسب البطولة إن شاء الله..". فهل يمثل هذا الوعد ضغوطا متزايدة على صلاح وزملائه؟
يقول أشرف محمود إن صلاح معرض لضغوط حتى بدون تقديمه لأي وعود "فصلاح تسلط عليه الأضواء أينما كان، سواء في فندق أو ملعب أو غيرهما، والعالم كله، وليس المصريين فقط، يتابع صلاح وينتظر ما يقدمه صلاح ومنتخب صلاح؛ وبالتالي هذا الأمر لا أعتقد أنه سيشكل ضغطا على صلاح لأنه من خلال تجربته الاحترافية الكبيرة اكتسب نضجا كبيرا فأصبح قادرا على مواجهة أي ضغط أو أي صعاب".
أما الوعد الذي قطعه أمام السيسي فهو "وعد ببذل أقصى جهد ممكن مشروط بتوفيق الله عز وجل، فقد سبق وأن خسر البطولة الماضية وكذلك بطاقة التأهل للمونديال من خلال ركلات الترجيح، أي: ركلات الحظ"، يضيف المعلق الكروي أشرف محمود.
تحذير من سيناريو البطولة الماضية!
في مرحلة المجموعات يبدو الطريق سهلا أمام مصر للصعود إلى دور الستة عشر، فهي تلعب في المجموعة الثانية برفقة غانا والرأس الأخضر وموزمبيق. وهي منتخبات تتأخر في التصنيف عن منتخب مصر بمسافة كبيرة. فمصر هي رقم 33 على العالم في تصنيف الفيفا بينما ترتيب غانا هو 61، وكاب فيردي 73 ثم موزمبيق 111.
ويرى أشرف محمود أن تشكيل المجموعات متزن وليس فيها ما يطلق عليها "مجموعة الموت"، كما أن هناك أيضا في هذه البطولة فرق هبطت مستوياتها لأسباب مختلفة مثل غانا وتونس. ويؤكد محمود: "المنتخبات الكبيرة ستبدأ منافستها الحقيقية بداية من الدور الثاني".
أمّا كريم سعيد، رئيس تحرير موقع "يلا كورة"، فيحذر من الأخطاء التي حدثت في البطولة السابقة، عندما حل منتخب مصر ثانيا في مجموعته خلف نيجيريا فصعّب على نفسه مشوار البطولة حتى المباراة النهائية، حيث بدأ المواجهات القوية من دور الـ16 بلقاء المغرب ثم كوت ديفوار ثم الكاميرون على التوالي وصولا إلى السنغال في النهائي.
ويضيف سعيد لـDW: "كانت هذه لقاءات قوية جدا في وقت زمني قصير أثّر على الحالة البدنية للاعبين وهذا كان خطأ لم يدركه اللاعبون إلا عندما وصلوا للنهائي".
ولذلك يجب على اللاعبين وضع هدف هذه المرة أمام أعينهم وهو "تصدر المجموعة، وهكذا ستتأجل المواجهات القوية إلى دور الثمانية (ربع النهائي)، وبعد ذلك من الطبيعي أنك ستواجه واحدا من أفضل ثمانية منتخبات في البطولة فتكون مستعدا. لكن الأزمة ستقع لو حل وصيفا في المجموعة لأنه ربما يواجه منتخب الجزائر القوي".
نقاط قوة ونقاط ضعف لدى منتخب مصر
رغم ذلك يرى كريم سعيد أن محمد صلاح نفسه تطور وأن اللاعبين حوله ازدادوا نضجا الآن وأن منتخب مصر في هذه النسخة أقوى من النسخة السابقة في الكاميرون. "فعمر مرموش، لاعب فرانكفورت مثلا تطور بشكل كبير جدا وكذلك مصطفى محمد (مهاجم نانت الفرنسي) ومحمود حسن تريزيغيه (جناح طرابزون سبور التركي) وكذلك لاعبو الأهلي (أعضاء المنتخب) يعيشون الآن واحدة من أفضل فتراتهم".
أما أشرف محمود فيشير إلى نقطة قوة مهمة لدى منتخب مصر وهي أنه "منتخب يجيد اللعب في البطولات المجمعة ويجيد مسؤلوه تحميس اللاعبين بين المباريات فيها، ولذلك فإن فرصة مصر ستكون قوية في بلوغ الدور النهائي إذا ما ابتعدت الإصابات وتم بذل أقصى جهد ممكن"، بحسب محمود.
ويعود الحارس العملاق محمد الشناوي إلى حراسة عرين مصر، في هذه البطولة بعدما غاب أغلب البطولة الماضية بسبب الإصابة. وكما يقال "لا منتخب قوي بدون حارس قوي". والشناوي يذهب للبطولة بعد تألقه الكبير مع الأهلي في مونديال الأندية نهاية السنة الماضية.
لكن بجانب نقاط القوة تلك هناك نقطة ضعف واضحة يشير إليها كريم سعيد قد تكون عائقا في سبيل العودة بالكأس وهي "هشاشة خط الدفاع حاليا".
فهناك نجم الدفاع أحمد حجازي، العائد من "الرباط الصليبي"، لم يسترجع بعد مستواه الكبير وكذلك المدافع الأيسر الواعد أحمد فتوح، الذي ليس في قمة مستواه بسبب مشاكل واجهها طوال العام الماضي في ناديه، وعموما فإن "خط الدفاع ليس بنفس جودة خط الوسط والهجوم بمنتخب مصر"، بحسب سعيد.
ويتفق المعلق الكروي أشرف محمود وكذلك كريم سعيد، رئيس تحرير موقع "يلا كورة" في أن حظوظ الفوز بالبطولة قائمة لدى عدد من الفرق بجانب مصر على رأسها السنغال، حاملة البطولة، والمغرب، رابع العالم بمونديال 2022 وكذلك منتخبا الجزائر والكاميرون.
ويرى أشرف محمود أنه رغم ذلك فإن "هذه النسخة هي فرصة للمنتخب المصري رغم أن كوت ديفوار صاحبة الأرض والضيافة ستأبى أن تخرج الكأس من أراضيها".
صلاح شرارة