مساعدة الشجعان في سوريا في مواجهة الطغيان
٢٩ يونيو ٢٠١٦كان الصحفي السوري جمال في طريقه من حلب إلى جنوب تركيا حين أنقذت شاشة مكسورة حياته. أوقفه عناصر من تنظيم "الدولة الأإسلامية" وسألوه عن هاتفه المحمول، وكان يدرك أنه إذا أخرج هاتفه من جيبه، فسوف يرون حسابه المفتوح على الفيسبوك ويعرفون أي الصفحات المعارضة يتابع وأنه صحفي يعمل لصالح وكالة رويترز للأنباء. وكل هذه أدلة قد تؤدي إلى اعتقاله، أو إلى أسوء من ذلك. ولحسن الحظ أن صديقاً لجمال أعطاه هاتفه المكسور لإصلاحه في تركيا، وبدلأ من إخراج هاتفه الخاص من جيبه أخرج هاتف صديقه ذي الشاشة المكسورة وأعطاه لعناصر "داعش"، وهكذا تمكن من اجتياز نقطة التفتيش.
السلامة الرقمية – خطر يُستهان به
ليست القنابل والطائرات هي الوحيدة التي تشكل خطرا على الصحفيين في سوريا، يقول هادي الخطيب، المبرمج والناشط السوري في مجال حقوق الإنسان المقيم في برلين. الخطيب يقضي أسبوعا كل شهر في جنوب تركيا لتدريب الإعلاميين والناشطين، الذين يخاطرون بحياتهم كي ينقلوا صورة عما يحدث إلى العالم.
ويقول: "النشطاء والصحفيون وعندما يعملون في بيئة خطرة أو معادية لا ينظرون إلى المخاطر كما نفعل نحن". ويضيف: "يمكن لهجوم رقمي أن يؤدي إلى هجوم حقيقي إلى اعتداء جسدي مباشر". ويقول عن الصحفي جهاد وهاتفه: "بالنسبة إليه، فإن غارة جوية تعرضه للخطر أكبر من هاتفه برغم البيانات المخزنة فيه والتي قد تكلفه حياته".
ولهذا يقوم الخطيب وزميلاه الآخران بتقديم برنامج تدريب شامل للصحفيين والنشطاء يتضمن تدريبات نفسية وجسدية ورقمية. ويشمل الجانب النفسي كيفية تعامل المتدربين مع حقيقة أنهم أنفسهم أو أحباؤهم معرضون دائما للخطر، وهذا يرفع من وعيهم لأهمية السلامة الرقمية.
الأولوية لعدم الكشف عن الهوية
يستخدم معظم الصحفيين والنشطاء وسائل التواصل الاجتماعي، وينصحهم الخطيب باستعمال المتصفح تور Tor لأنه يحافظ على سرية هوياتهم وأماكن تواجدهم. ويقول الخطيب: "الناس يهمهم الحقائق وليس الشخص صاحب التقرير، وإلا فقد تعرض نفسك ومن حولك للخطر". وخلال الدورات يحاول الخطيب رفع وعي المتدربين وقدراتهم. والفكرة من وراء هذه التدريبات هي أن الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان بحاجة لمعرفة كيفية عمل الإنترنت والهواتف الذكية. كما عليهم معرفة من حلفائهم، والأهم من ذلك معرفة خصومهم. ويقول الخطيب: "ما نراه عادة من عمل الصحفيين والنشطاء أنهم يخاطرون بأنفسهم ولا يفكرون كثيرا بالعواقب".
"هدفنا ليس زيادة مخاوفهم" يقول الخطيب، الذي يضيف بأن التدريب يتم في أجواء آمنة يتبادل فيها المشاركون الخبرات خاصة وأنهم يعملون في مناطق خطرة، آملاً أن يواصلوا عملهم عن الوضع في سوريا دون أن يصابوا بأذى.