1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مستقبل المساعدات الإنسانية في غزة في غياب الأونروا

٢٣ يناير ٢٠٢٥

مع وقف إطلاق النار في غزة ووصول المساعدات الإنسانية لها، سيتم إيقاف نشاط إحدى أكبر منظمات الإغاثة الإنسانية، فكيف سيكون الوضع الإنساني في غزة دون وجود الأونروا؟

https://p.dw.com/p/4pTdF
الأراضي الفلسطينية خان يونس 2025 | الأونروا توزع مساعدات إغاثية في قطاع غزة
اصطف الفلسطينيون المحتاجون للحصول على طرود المساعدات الخاصة بهم، التي وزعتها الأونروا، في 21 يناير 2025 في خان يونس، غزة.صورة من: Abed Rahim Khatib/Anadolu/Getty Images

بدأت المنظمات الإنسانية عملها في  قطاع غزة بعد اتفاق وقف إطلاق النار، وبالفعل بدأت شحنات المساعدات تصل إلى القطاع الذي هو بأمس الحاجة لها. ووفق تقارير إعلامية، دخلت إلى غزة منذ يوم الأحد حوالي 1500 شاحنة تحمل المساعدات، وهي ليست المساعدات الأخيرة، فمن المتوقع وصول شاحنات أخرى.

وبالرغم من تواجد وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) على الأرض للمساهمة في تقديم الدعم الإنساني في غزة والمساعدة في عمليات التسليم، فقد يتم تعطيل تدفق المساعدات مرة أخرى وفق ممثلون من الوكالة.

الأونروا التي تعتبر إحدى أكبر منظمات الإغاثة التي تعمل في غزة توصف بأنها "العمود الفقري" للعمل الإنساني، إذ يساهم موظفوها في توصيل الوقود وتقديم خدمات التعليم وجمع القمامة بالإضافة إلى العمل في المخازن والعيادات الطبية.

ولكن غزة ستفتقد هذه الخدمات أواخر الشهر الجاري يناير/ كانون الثاني 2025، وذلك بسبب قانونين إسرائيليين تم تمريرهما في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي. يصف التقرير الإسرائيلي الأول وكالة الأونروا بأنها "جماعة إرهابية" ويُحظر على المسؤولين الإسرائيليين التواصل معها، في حين يمنع القانون الثاني الأونروا من تقديم خدماتها داخل إسرائيل.

جاء هذان القراران بعد ادعاء إسرائيل بأن بعض موظفي الأونروا على صلة بجماعة حماس، زاعمة أن عشرة من أصل 13 ألف موظف يعمل في الوكالة كانو قد شاركو في هجوم حماس على إسرائيل في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2023، ومع أنه لم يتم التحقق من هذه الادعاءات بشكل مستقل إلا أن الأونروا كانت قد أقالت تسعة موظفين بشكل استباقي. الجدير ذكره أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا تصنف حماس كمنظمة إرهابية. 

قصف إسرائيلي لقطاع غزة قبل تنفيذ وقف إطلاق النار

توتر قديم بين الأونروا وإسرائيل

العداء بين إسرائيل ومنظمة الأونروا ليس جديداً، فلطالما كانت إسرائيل معارضة للدور الذي تلعبه الوكالة في الاراضي الفلسطينية، واتهمتها بالارتباط بحماس منذ أكثر من عشر سنوات.

حرصت منظمة الأونروا خلال علمها منذ تأسيسها عام 1949 على دعم الفلسطينيين الذين نزحوا في عام 1948، والذين يعتبرون فاقدي للجنسية، وركّزت خدماتها على قطاعي التعليم والصحة.

يرى سياسيون إسرائيليون أن الوكالة تعرقل إمكانية التوصل لحلول حقيقية لمسألة اللاجئين الفلسطينيين، وأنها تعترف بهم كلاجئين، الأمر الذي يراه البعض بمثابة تأكيد على رغبتهم في العودة إلى الأراضي التي أجبروا على مغادرتها، وهو ما يسمى بـ "حق العودة"، وهو ما تعتبره إسرائيل تهديداً لوجودها كدولة، خصوصاً وأن عودة اللاجئين قد تؤثر بشكل كبير على التركيبة السكانية وعلى الحدود الإسرائيلية.

الموقف الثابت الذي تتخذه وكالة الأونروا من حق العودة للاجئين الفلسطينيين يعتبره مسؤولون إسرائيليون تهديداً لإسرائيل، ما يزيد من   رفض الوكالة من قبل الطبقة السياسية في إسرائيل.

ماذا بعد توقف الأونروا عن العمل؟

تتخوف دول عدة من حظر عمل الأونروا داخل الأراضي الفلسطينية مثل ألمانيا والمملكة المتحدة، خصوصاً مع اقتراب دخول القوانين الإسرائيلية حيز التنفيذ بحلول نهاية شهر يناير/ كانون الثاني.

وقال يورجن جينسهاوجن، باحث في معهد أبحاث السلام النرويجي في أوسلو لـ DW: "إن ردود الفعل على هذا القرار كانت خطابية أكثر من أنها عملية مبنية على تفاعلات سياسية على أرض الواقع"، معتقداً أن عزم إسرائيل على تنفيذ قرار الحظر نابع من إيمانها بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يقف إلى جانبها، ما يجعل من صورة الوضع الإنساني في غزة ضبابي للغاية، بالرغم من تأكيد مراقبين على أن غزة ستكون المتضرر الأكبر.

بعد اتفاق الهدنة: من الرابح من الخاسر في حرب غزة؟

ومع أن المساعدات تأتي إلى غزة من منظمات أخرى إلا أن التنسيق سيكون صعباً للغاية مع حظر وجود الأونروا، كونها الوكالة الرئيسية التي تعمل في المنطقة، وقال ينسهاوجن لـ DW: "سنواجه خطراً حقيقياً بأن التوسع المطلوب للمساعدات لن يتم الاستجابة له بالسرعة والحجم المطلوبين".

عواقب إيقاف الأونروا عن العمل لا يقتصر على عرقلة المساعدات الإنسانية في غزة فحسب، وإنما سيؤثر على التنسيق بين الوكالة والجيش الإسرائيلي مما يعرض موظفيها للخطر، كما ستنتهي صلاحية تأشيرات وأذونات بعض الموظفين، وتتجمّد حساباتها البنكية، وبالفعل قد تم تجميد أحد حسابات الأونروا البنكية، كان يحتوي على 3 ملايين دولار (حوالي 2.9 مليون يورو).

من جانبها تقول إسرائيل إن المهلة التي تبلغ مدتها 90 يوماً سمحت للمنظمات الأخرى، مثل برنامج الغذاء العالمي، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمات الإغاثة الخاصة الأخرى، بالاستعداد لتحل محل الأونروا.

فرص منظمات الإغاثة في غزة ستزداد برحيل الأونروا وفق مسؤول أمني إسرائيلي، الذي صرّح لصحيفة هآرتس الإسرائيلية بأن الأونروا كانت تحتكر خدمات البلديات في غزة، في حين أصبح بإمكان منظمات أخرى أن تتولى المزيد من المسؤولية، وأشار التقرير نفسه إلى احتمال نقل بعض موظفي الأونروا إلى منظمات الأمم المتحدة الأخرى، مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بوجود خطط لتحويل مجمع الأونروا في القدس الشرقية المحتلة إلى وحدات سكنية والاستيلاء على مدارس الأونروا وعياداتها في المنطقة.

تبعات قانونية لغياب الأونروا

في ظل غياب الأونروا عن العمل في غزة ستكون إسرائيل هي المسؤولة عن تقديم الخدمات الاجتماعية للفلسطينيين وفق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وسيكون أمام اللاجئين الفلسطينيين الذين كانت تساعدهم الأونروا فرصة لطلب المساعدة من جهات أخرى، ففي السابق كانت الأونروا المسؤولة عن حماية النازحين الفلسطينيين وبالتالي كان لا يُسمح لهم بتقديم طلبات لجوء في أوروبا، ولكن في ظل تفكيك الأونروا فقد يتمكن الفلسطينيون من اللجوء إلى دول أخرى.

من جانب آخر، قد تصبح المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين هي المسؤولة عنهم، كما اقترح ينسهاوجن من معهد أبحاث السلام، وأشار إلى أن هذه الخطوة ستوسّع من حقوق الفلسطينيين في بعض الجوانب.

 

من جانبه، يرى ماتياس غولدمان، رئيس قسم القانون الدولي في جامعة الأعمال والقانون الخاصة في ألمانيا أنه من حق إسرائيل أن تحمي أمنها من الإرهاب، ولكن يجب أخذ حقوق المدنيين بعين الاعتبار، وقال غولدمان للمجلة المتخصصة "ليغال تريبيون أونلاين": "لا أعتقد أنه من المعقول تعريض جميع المدنيين لمثل هذه المخاطر الجسيمة في ظل الأدلة الضعيفة ضد الأونروا"

ويحذّر غولدمان من أن حظر الأونروا يمكن أن يُعتبر جزءاً من نمط سلوكي تقوم به إسرائيل قد يؤدي إلى تدمير جماعي للفلسطينيين.


أعدته للعربية: ميراي الجراح