مشكلة اللاجئين المرفوضين وعوائق ترحيلهم من ألمانيا
٢٧ مايو ٢٠١٨في الـ 15 من مايو/ أيار 2018، تم ترحيل طالب اللااجئ التوغولي يوسف و. على متن طائرة من ألمانيا إلى إيطاليا، التي كانت أول بلد دخله في أوروبا. قصته شغلت الرأي العام الألماني بعد محاولتين لإبعاده، فشلت أولهما بسبب تدخل نحو 150 طالب لجوء ومنعهم رجال الشرطة من التحفظ عليه في مركز اللجوء وترحيله إلى إيطاليا. موضوع يوسف و. الذي امتنع عن تنفيذ قرار الترحيل إلى إيطاليا جاء متزامناً مع قصة الحارس الشخصي لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وهو تونسي الأصل يعيش منذ 10 أعوام في ألمانيا على مساعدات مالية تقدمها الدولة. القصتان طرحتا أسئلة حول سبب عجز ألمانيا عن ترحيل طالبي لجوء رفضت طلباتهم إلى بلدانهم أو بلدان أخرى.
المطالب بترحيل عدد أكبر من طالبي اللجوء من ألمانيا تزداد يوماً بعد يوم، وأغلبية الألمان تعتقد أن نظام الترحيل غير فعال، حسب استطلاع نشرته مؤخرا صحيفة "بيلد آم زونتاغ" الألمانية، وجاء فيه أن 80 بالمئة من الألمان يعتقدون أن السلطات "لا تتعامل بشكل سليم" مع المشكلة.
حقائق حول الترحيل
نظام الترحيل في ألمانيا يتم وفق القواعد التالية:
في حال رفض طلب اللجوء لشخص ما، يصدر المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين (بامف) مذكرة تتضمن رفض طلب اللجوء وقرارا بالترحيل، تبين فيها الفترة الزمنية التي سوف سيرحل فيها طالب اللجوء، وتحذر فيها من أن الشرطة سترحل الشخص في حال رفضه الامتثال للقرار.
غير أنه من حق طالب اللجوء الطعن في القرار أمام المحكمة. هناك عدة مراحل للطعن، الذي يقدم بداية للمحكمة الإدارية، وفي حال رفضه، يطعن في الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا في الولاية، وبعدها تأتي المحكمة الإدارية الاتحادية. وبعد ذلك يمكن للشخص تقديم طعن واعتراض على قرار رفض اللجوء إلى المحكمة الدستورية العليا، أو المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ، في حال اعتقاد طالب اللجوء أن القرار ينتهك حقه الذي تضمنه له اتفاقيات حقوق الإنسان الدولية.
حتى إن لم يقدم الطعن على قرار الترحيل، فإن مثل هذه القرارات لا تنفذ إلا في حال "توافقها مع القانون" ، وفي حال عدم توافق القرار مع القانون أو لأسباب صحية، فإن الدائرة الاتحادية للجوء يمكن أن تمنح تصريح إقامة محدد. ويعيش في ألمانيا حاليا نحو 200 ألف شخص منحوا تصاريح إقامة أو ما يسمى بـ"منع الترحيل المؤقت"، أغلبهم منحوا هذا "الحق" خلال السنين العشر الأخيرة.
وفي حال تغيير الوضع في البلد الأم أو ظهور أدلة جديدة يمكن لطالب اللجوء تقديم ما يطلق عليه "طلب لجوء لاحق".
كما يمكن احتجاز بعض الأشخاص لمدة تصل إلى 18 شهراً لتسهيل وضمان ترحيلهم. يذكر أن لدى العديد من الولايات الألمانية "مراكز عودة"، حيث ينقل إليها الأشخاص الذين لا يستطيعون إثبات هويتهم أو لا يثبتونها.
ورحلت ألمانيا العام الماضي 23.966 شخصا، أي أقل من عام 2016. وأُعيد معظمهم إلى ألبانيا وكوسوفو وصربيا. وأرسل نحو 2300 قسرا إلى إيطاليا.
شكاوى من بطء عمليات الترحيل
يرى بعض الساسة الألمان أن السبب الرئيسي لبطء وتلكؤ ترحيل اللاجئين، يعود إلى طول إجراءات اللجوء والبت في الطلب وتنفيذ قرار الترحيل. وسبب ذلك هو العبء الكبير الملقى على النظام، حيث تعالج ألمانيا طلبات لجوء أكثر من دول الاتحاد الأوروبي الأخرى مجتمعةً، وفقًا لمكتب الإحصاء في الاتحاد الأوروبي ( Eurostat). كما أن طالبي اللجوء المرفوضين في ألمانيا يعترضون غالباً على القرار أمام المحكمة باستخدام الإجراءات الموضحة أعلاه. وفي عام 2017، استأنف أكثر من 328 ألف شخص رفضت طلب اللجوء.
لكن البعض يرى أن المشاكل ناجمة عن أشخاص يقومون "بتخريب" عمل السلطات للترحيل. حسب تعبير السياسي البارز في الحزب الاجتماعي المسيحي، ألكساندر دوبريندت، الذي قال لوسائل إعلام إن هناك "صناعة مناهضة للترحيل" في ألمانيا، حسب وصفه.
ما دفع محامين إلى رفع دعوى قضائية عليه بسبب تلك التصريحات، كما رفض محامو الهجرة التهم بأنهم يأخرون عمليات الترحيل لتحقيق مكاسب مالية.
وتصر نقابة المحامين الألمانية (BRAK) على أنه بموجب الدستور، يحق للأشخاص الطعن في قرارات اللجوء. في بعض الأحيان هناك تأخيرات، لكن مثل هذه الحالات تأتي نتيجة نقص الموارد وكذلك أخطاء الساسة، وليس المحامين الذين يدافعون عن اللاجئين.
وبحسب أليس فايدل، رئيسة الكتلة البرلمانية في حزب البديل من اجل ألمانيا (AfD) ، أكبر حزب معارض في البرلمان، فإن اللوم يجب أن يقع على طالبي اللجوء أنفسهم. وتقول فايدل: "إن حالة الطمع بين طالبي اللجوء تتزايد"، بالإضافة إلى حالات العنف من قبل اللاجئين ضد عمليات الترحيل وترى أن القانون الألماني أصبح "عاجزا".
لكن أحد الأسباب التي لا جدال فيها في عرقلة ترحيل طالبي اللجوء المرفوضة طلبات لجوئهم، هو أن السلطات غير قادرة على الحصول على وثائق السفر ذات الصلة من بلدانهم الأصلية. ووفقاً لمجموعة "فونكه ميديا" الإعلامية الألمانية، فقد كشف تقرير صادر عن وزارة الداخلية الألمانية أن عدد طالبي اللجوء والمهاجرين الذين لم يتم ترحيلهم بسبب عدم وصول الوثائق قد ارتفع في العام الماضي إلى 65 ألف، بزيادة من 38 ألف عن عام 2016.
ووفقاً للمتحدث باسم نقابة الشرطة، فإن هذا يرجع جزئياً إلى أن المزيد من اللاجئين يحاولون إخفاء هويتهم لتجنب خطر الترحيل. وقال إرنست فالتر، رئيس النقابة لـ DW "لا يمكن أن يحصل الشخص الذي يرمي جواز سفره ويخفي هويته على حق الإقامة، بينما يتم ترحيل الشخص الذي كان نزيها".
غير أن هناك أسبابا أخرى لزيادة عدد الأشخاص الذين لا يملكون وثائق السفر. إذ تأخذ الأوراق أحيانا من قبل المهربين، أو تفقد أو تتعرض للتلف خلال رحلة الهجرة. وفي هذه الحالات لا يمكن للسلطات الألمانية تنفيذ عمليات الترحيل إلا بالتعاون مع الدول التي سيتم ترحيلهم إليها. ووفقاً لتقرير وزارة الداخلية، فإن غالباً ما يكون من الصعب التعاون مع تلك الدول، خاصة مع السلطات في الهند وباكستان.
حل المشكلة
ينص القانون الدولي على أن بلدك الأصلي لا يمكنه رفضك إذا كنت تريد العودة. ويقول المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين (بامف) إن الدول ملزمة بإعادة قبول مواطنيها، والسلطات الألمانية مشغولة حاليا بالتفاوض حول اتفاقيات وبروتوكولات إعادة قبول المهاجرين مع البلدان الأصلية للمهاجرين.
وفي محاولة للضغط على تلك الدول وتسهيل عمليات الترحيل، تحاول ألمانيا إعادة النظر في المساعدات الإنمائية التي تقدمها لتلك البلدان، كما قال وزير داخلية ولاية بافاريا يواكيم هيرمان.
ويعتقد أن بعض الدول رضخت لمثل هذه الضغوط: فوفقاً لمنظمة العفو الدولية، هناك "أدلة ذات مصداقية" مفادها أن أفغانستان تعرضت لضغوط لقبول الإعادة القسرية مقابل الحصول على مساعدات من الاتحاد الأوروبي، على الرغم من تدهور الوضع الأمني هناك.
ويعتقد جيرالد كناوس، الخبير المختص بالهجرة ومهندس الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، أن التعاون أمر حاسم، لكن ربط المعونة باتفاقات الترحيل هو استراتيجية غير فعالة. وبدلاً من ذلك، يرى في لقاء مع القناة الألمانية الثانية (ZDF) ، أن القرارات المتعلقة باللجوء كانت بطيئة للغاية في ألمانيا، وينبغي أن تعالج مثلما هو الحال في هولندا، حيث تتم معالجة طلبات اللجوء، بما في ذلك الطعون، عادة في غضون ستة أسابيع.
المصدر: مهاجر نيوز
الكاتب: ماريون ماكغريغور/ ع.خ