معاداة السامية في البونديسليغا تختلف عن العنصرية والتمييز!
٧ أبريل ٢٠٢٢استضاف نادي بوروسيا دورتموند مؤتمرا هذا الأسبوع لمناقشة موضوع معاداة السامية في كرة القدم الألمانية ومحاربتها. وقد نظم نادي بوروسيا دورتموند المؤتمر تحت عنوان "معاداة السامية وكرة القدم الاحترافية: التحديات والفرص والتواصل" بالتعاون مع الدوري الألماني لكرة القدم (DFL) والمؤتمر اليهودي العالمي (WJC) والمجلس المركزي لليهود في ألمانيا (ZDJ)، حيث تضمن المؤتمر ورش عمل وجلسات ناقشت جوانب مختلفة من إجراءات مكافحة معاداة السامية، إلى الحديث عن الحياة اليهودية الحديثة في ألمانيا في كرة القدم وخارجها.
وكان من بين الحضور البالغ عددهم 150 شخصا ممثلون عن 26 ناديا من أندية الدوري الألماني في الدرجة الأولى والدرجة الثانية، فضلا عن سياسيين ألمان مثل فيليكس كلاين، مفوض الحكومة الألمانية للحياة اليهودية في ألمانيا ومكافحة معاداة السامية.
وكان الموضوع المطروح قد أكتسى أهمية بعد اعتقال رجل بتهمة تقديم تحية نازية خلال المباراة الودية التي خاضها المنتخب الألماني للرجال ضد إسرائيل في بلدة زينسهايم (Sinsheim) في ولاية بادن فورتيمبيرغ السبت الماضي
الفرق بين معاداة السامية والعنصرية
إحدى النقاط الرئيسية التي أثيرت في المؤتمر كانت ضرورة تعريف معاداة السامية وكيف تختلف في الواقع عن الأشكال الأخرى للتمييز مثل العنصرية. وفي هذا السياق أكد الأكاديمي والمؤلف والباحث في معاداة السامية في شؤون كرة القدم، بافل برونزن أن الفرق بين شكلي التمييز يعبر عن نفسه في الغالب عبر الطريقة التي يدرك بها المميز موضوعه. وأوضح أن "العنصري ينظر إلى موضوع الكراهية على أنه أقل شأنا". فيما "ينظر المعادون للسامية إلى الآخرين من اعتقاد نابع أن هناك مؤامرة من قوى سرية".
وأضاف أن التعبيرات عن معاداة السامية يمكن أن توجه إلى كل مناليهود وغير اليهود، موضحا "عندما يصور مشجعو نادي كرة قدم رمزا لناد منافس يحمل نجمة داود لتمييزه على أنه يهودي، فهذا نوع من معاداة السامية في الواقع وبدون أن يكون هنالك حاجة لوجود يهود فعليين في الفريق".
وفي العام الماضي، فرض الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) عقوبات على فريق يونيون برلين الألماني بعد تسجيل عدة حوادث معادية للسامية عندما استضاف فريق مكابي حيفا الإسرائيلي في "دوري المؤتمر الأوروبي". وأسفرت العقوبات عن إغلاق قسم من مدرجات الملعب الأولمبي في برلين، حيث لعب النادي مبارياته الأوربية على ملعبه مع عرض لافتة كبيرة على القسم المغلق من المدرجات كتب عليها "لا للعنصرية" رغم أن الحادثة المشار إليها كانت معاداة للسامية.
وقد أشاد بعض المتحدثين في المؤتمر بتعامل الاتحاد مع الحادث وقال يوزيف شوستر، رئيس المجلس المركزي لليهود في ألمانيا، إنه على عكس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، فإن الدوري الألماني والاتحاد الألماني لكرة القدم (DFB) يقومان بعمل جيد إلى حد كبير وينطبق الشيء نفسه على العديد من الأندية الألمانية. وقال شوستر "كل منهم له خصائص مختلفة ومستو مختلف للنجاح" وأضاف "لكن هناك بالفعل نجاح".
وبفضل المبادرات التي اتخذتها الأندية ومجموعات المشجعين في ألمانيا في العقود الأخيرة، هناك وعي متزايد باستمرار بموضوع معاداة السامية في كرة القدم الألمانية، حيث أصبح من الملاحظ ندرة الهتافات المعادية للسامية في ملاعب الدوري الألماني.
دور رئيسيي لبوروسيا دورتموند
وليس من قبيل المصادفة أن المؤتمر عقد في دورتموند. حيث أصبح البرنامج التربوي لنادي بروسيا دورتموند لمكافحة معاداة السامية جزءا لا يتجزأ من قسم المسؤولية الاجتماعية في النادي. بالإضافة إلى القيام برحلات تعليمية إلى معسكرات الاعتقال في بولندا، بمشاركة المشجعين وموظفي النادي ورعاة النادي. وقد تبرع النادي بمليون يورو لمتحف ياد فاشيم للهولوكوست في القدس في عام 2019. وعلاوة على ذلك، كان النادي من بين المبادرين إلى مؤتمر تغيير الهتافات، الذي عقد بالقرب من معسكر الاعتقال النازي أوشفيتز.
وحاز عمل النادي على تقدير الاتحاد الأوروبي لكرة القدم من خلال منح نادي بروسيا دورتموند جائزة Equal Game في عام 2019. أما الأندية الألمانية الأخرى التي تقدم برامج تعليمية ضد معاداة السامية تشمل: فيردر بريمن وأينتراخت فرانكفورت وسانت باولي.
وقال الرئيس التنفيذي لبوروسيا دورتموند هانز يواكيم فاتسكي لـ DW إن "مكافحة معاداة السامية أصبحت جزءا لا يتجزأ من نادي بروسيا دورتموند" وأضاف بأن "معاداة السامية تابو بالنسبة للنادي ولا مكان لمعادة السامية في النادي" الذي يحرص أيضا على التمييز بين كراهية اليهود والأشكال الأخرى للعنصرية.
وقال فاتسكي إن الحاجة إلى الإبداع وإيجاد طرق جديدة للوصول إلى المزيد من الناس أمر أخذه ناديه في الاعتبار. وبدوره أكد شوستر أن التزام كرة القدم الألمانية بمحاربة معاداة السامية "مهم للغاية". وقال إن "بوروسيا دورتموند لديه 10 ملايين مشجع في ألمانيا وحدها، أي شخص من كل ثمانية أشخاص في ألمانيا". "أعتقد أن هذا يرسل إشارة مهمة عندما يقول النادي: "إن المشجع مرحب به فقط إذا نأى بنفسه عن معاداة السامية والعنصرية".
وقال شوستر إن مثل هذه التصريحات يمكن أن تساعد المشجعين على إعادة النظر في وجهات نظرهم. وقال: "إذا شعرت بأنك كمعجب مهمل، فقد تبدأ عملية التفكير بعد ذلك".
مشجعو كرة القدم جزء من الحل
اتخذت العديد من مجموعات المشجعين الألمان، بما في ذلك الألتراس المتشددين، موقفا واضحا ضد معاداة السامية في السنوات الأخيرة، حيث قام البعض بنشر قصص اللاعبين اليهود والمديرين التنفيذيين والمشجعين الذين قتلوا على يد النازيين. وقال شوستر إن المبادرات العديدة التي اتخذتها جماعات المشجعين في ألمانيا كانت سببا للتفاؤل.
وأشار شوستر إلى أنه "عندما تنظر إلى بايرن ميونيخ، فإن المشجعين هم الذين يحتجون بشدة على صفقة النادي مع قطر، حيث يوجد هناك أيضا الكثير من معاداة السامية" وأضاف "أعتقد أن هذه إشارة إيجابية".
وعرض برونزن وجهة نظر مماثلة. وقال: "في الثمانينيات، عندما سيطر مثيرو الشغب على الملاعب الألمانية، كانت معاداة السامية أمرا طبيعيا". "ولكن انطلاقا من مطلع الألفية الثانية، اتخذ العديد من الألتراس موقفا ضد معاداة السامية. المشجعون ليسوا فقط جزءا من المشكلة، بل هم أيضا جزء من الحل".
فيليكس تمزوت/ علاء جمعة