"مقتل السنوار ليس ضربة قاضية لحماس"- فماذا يعني لغزة ولبنان؟
٢٣ أكتوبر ٢٠٢٤"حماس لن تحكم قطاع غزة بعد الآن" لأن هذا هو ما يعنيه مقتل رئيس مكتبها السياسي يحيى السنوار وفق ما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فمن وجهة نظره أن وفاة السنوار هي بداية لـ "أول أيام ما بعد حماس".
ومع ذلك يرى المراقبون مستقبلاً مختلفًا لحركة حماس المجموعة المسلحة الفلسطينية الإسلاموية المدعومة من إيران، التي تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
صحيح أن "مقتل يحيى السنوار هو بالتأكيد ضربة لحماس بالنظر إلى الدور المهم الذي لعبه هذا الرجل داخل هذا التنظيم" لكن سياسة قتل قادة حماس لم تحقق الكثير في الماضي باتجاه تقويض إرادة الحركة وقدرتها على محاربة إسرائيل، بحسب ما يؤكد لـِDW الخبير نيل كويليام الباحث في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمركز الأبحاث تشاتام هاوس في لندن.
ويرى كويليام أنّ ذلك بدا واضحا حين تولى السنوار -البالغ من العمر 61 عاماً- قيادة حماس في يوليو / تموز من هذا العام 2024 بعد مقتل الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية السلطة في طهران.
أمل في وقف إطلاق النار
"فحماس ستتعافى من خلال اعتمادها على جيل جديد من القادة وتطوير قدراتها العسكرية والتكنولوجية والتواصل مع الشباب الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية الذين تعرضوا لمعاملة قاسية بسبب الصراع مع إسرائيل" كما يقول كويليام، ويشاركه الرأي بيتر لينتل الباحث في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية "فمن المؤكد أن حماس قد ضعفت لكن موت السنوار ليس ضربة قاضية على هذا التنظيم المسلح" وفق قوله لـDW.
صحيح أن مسؤولين ألماناً وفرنسيين وأمريكيين أعربوا عن أملهم في أن يوفر مقتل السنوار فرصة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، كما قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان إن رحيل السنوار من ساحة المعركة "يوفر فرصة لإيجاد طريق يعيد الرهائن إلى الوطن وينهي الحرب ويوصلنا إلى اليوم التالي" بعد الحرب، لكن في المقابل وبعد يوم واحد فقط من تأكيد مقتل السنوار- قالت حماس إنها ستواصل احتجاز الرهائن في غزة حتى انتهاء الحرب:
وتشير السلطات الصحية التابعة لحماس أن حوالي 42 ألف شخص قُتلوا خلال الأشهر الـ12 الأولى من الحرب في غزة، التي أشعلها هجوم حماس الدامي على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر / تشرين الأول 2023 بقتل حوالي 1200 شخص وباختطاف حوالي 250 رهينة اقتادهم مقاتلون تابعون لحماس إلى قطاع غزة في ذلك الوقت ويُعتقد أن حوالي 100 من هؤلاء الرهائن ما زالوا محتجزين لدى الحركة.
"فرصة تهدئة ضائعة"
ورغم كل ذلك من شأن مقتليحيى السنوار أن يكون بداية محتملة لِـ"فصل جديد" من حرب غزة "فبمجرد انتقال مسؤولية مفاوضات وقف إطلاق النار إلى قيادات حماس في الخارج ستكون هذه المفاوضات أيضاً خاضعة لمؤثرات خارجية، لأن كل هؤلاء القادة في الخارج يتأثرون بعواصم الدول التي يتواجدون فيها. وربما لهذا السبب قد تتمكن حماس من تقديم تنازلات واعتماد سياسة جديدة"، وفق ما يرى محمد القواص الباحث في مركز الإمارات للسياسات في أبو ظبي.
صحيح أن القيادة السياسية لحماس تتمركز في قطر لكن يحيى السنوار -المنتمي لجناح الصقور في الحركة والذي عاش في قطاع غزة- كان منذ مقتل إسماعيل هنية جهة الاتصال في مفاوضات وقف إطلاق النار مع إسرائيل بوساطة الولايات المتحدة وقطر ومصر.
ورغم كل ذلك فإن وفاة السنوار ليست سبباً للأمل في أن تكون إسرائيل مستعدة لإنهاء الحرب بحسب ما يرى بيتر لينتل الباحث في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية.
ورغم إشادة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمقتل السنوار معتبراً أن موته هو نهاية حماس فإنه أوضح أيضاً أن الحرب لن تنتهي إلا أولاً بالقضاء على قادة حماس المتبقين مثل محمد السنوار -شقيق يحيى السنوار وخليفته في قيادة حماس عسكرياً- وثانياً بإطلاق سراح جميع الرهائن الذين ما زالوا محتجزين لدى حماس في قطاع غزة.
لكن نهج بنيامين نتنياهو هذا هو "فرصة ضائعة" بحسب ما يرى جيمس دورسي -الباحث في كلية إس. راجاراتنام للدراسات الدولية ومعهد الشرق الأوسط في سنغافورة.
"فبدلاً من توظيف نتنياهو للنجاح التكتيكي الذي حققته إسرائيل لإعلان النصر في غزة وللضغط باتجاه وقف إطلاق نارٍ - من شأنه أيضاً إنهاء الأعمال العدائية في لبنان- وبدلاً من التفاوض على تبادلٍ للأسرى - من شأنه ضمان إطلاق سراح الرهائن الـ101 المتبقين الذين تحتجزهم حماس- بدلاً عن ذلك كله أصر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على استمرار الحرب إلى أن يحرر الجيش الإسرائيلي السجناء"، بحسب ما كتب الباحث جيمس دورسي في مدونته السياسية على الإنترنت التي اسمها بالعربية "العالم المضطرب".
بعيدا عن حرب غزة ماذا عن انتقام حزب الله؟
وإضافة إلى حرب إسرائيل وحماس في قطاع غزة تصاعدَ الصراع أيضاً مع حزب الله في لبنان بعد عام من اشتباكات محدودة -إلى حد ما- على الحدود الشمالية لإسرائيل، إذْ يطلق حزب الله الشيعي الصواريخ بشكل متكرر على إسرائيل. وبدأ الجيش الإسرائيلي غاراته الجوية في مطلع الشهر الحالي أكتوبر / تشرين الأول 2024 مصحوبةً بهجوم بري في الدولة الشمالية المجاورة.
ويقول حزب الله إنه يشن هجماته على إسرائيل إسناداً لحركة حماس الفلسطينية، وتعتبر دول عديدة حزب الله اللبناني، أو جناحه العسكري، منظمة إرهابية. ومن بين هذه الدول الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا ودول أخرى. كما حظرت ألمانيا نشاط الحزب على أراضيها في عام 2020 وصنفته كمنظمة إرهابية.
وقتلت إسرائيل زعيم حزب الله حسن نصر الله في أواخر سبتمبر / أيلول 2024. لكن المراقبين يشيرون إلى أن عمليات القتل كهذه لم تساعد في إنهاء الأعمال العدائية.
ومع الإعلان عن مقتل السنوار أعلن حزب الله عن "مرحلة جديدة ومتصاعدة" من حربه مع إسرائيل، مدعياً أنه استخدم صواريخ موجهة بدقة ضدها للمرة الأولى "وهذا يتصاعد من يوم لآخر".
كما أن الأصوات الصادرة من إيران لا توحي بأن الأحوال قد تتجه نحو الهدوء، فوفاة يحيى السنوار وفق ما قال المرشد الإيراني الاعلى آية الله علي خامنئي لن توقف القتال ضد العدو اللدود إسرائيل، مؤكدا أن "وفاته مؤلمة، لكن محور المقاومة (ضد إسرائيل) سيعيش ويواصل القتال".
شارك في إعداد هذا التقرير: محمد فرحان
أعده للعربية: ع.م