مقتل نصر الله يخيم على لبنان "الجريح" ودعوات لفتح صفحة جديدة
٢٩ سبتمبر ٢٠٢٤زاد مقتل أمين عام حزب الله، حسن نصر الله،من تخبط المشهد السياسي اللبناني، وسط مخاوف من الانجرار إلى حرب مدمرة إثر منعطف نوعي انزلق إليه الصراع بين حزب الله وإسرائيل منذ حرب غزة.
وبينما يواصل الجيش الإسرائيلي غاراته على مناطق متفرقة، معلنا في أحدث تصريح له الأحد (29 سبتمبر/ أيلول 2024) بقتل القيادي الكبير في جماعة حزب الله نبيل قاووق، دون أن أي تأكيد من قبل الجماعة إلى غاية اللحظة، تتعالى الأصوات في الداخل اللبناني المطالبة بـ "وحدة وطنية"، في بلد يشهد انقسامات مذهبية وسياسية.
في هذا السياق دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي، السبت، اللبنانيين إلى توحيد الصفوف لـ "ردع العدوان الإسرائيلي"، مشيراً إلى أن "الخطر يهدد لبنان، ولا يميز بين طائفة وأخرى أو فريق وآخر".
وسبقه في ذلك رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري، الذي طالما اعتبر من أبرز الخصوم للأمين العام لحزب الله، إذ دعا عقب الإعلان عن مقتل نصر الله إلى "التعالي عن كل الخلافات"، معتبرا أن قتله "أدخل لبنان والمنطقة في مرحلة عنف جديدة". وأضاف "اختلفنا كثيرا مع الراحل وحزبه والتقينا قليلا لكن كان لبنان خيمة الجميع". ولا بد أن "يبقى فوق الجميع، فوق الأحزاب والطوائف والمصالح".
ذات الدعوة كانت عنوانا أيضا لبيان أصدره الجيش اللبناني الأحد، شدد فيه على "عدم الانجرار وراء أفعال قد تمس بالسلم الأهلي في هذه المرحلة الخطيرة والدقيقة من تاريخ وطننا". واتهم الجيش "العدو الإسرائيلي" بالعمل "على تنفيذ مخططاته التخريبية وبث الانقسام بين اللبنانيين".
ومنذ الجمعة، انتشر الجيش داخل العاصمة بيروت، بعدما نزح إليها الآلاف هربا من القصف المتواصل على جنوب لبنان وشرقه وضاحية بيروت الجنوبية، وفقاً لما أكّد مسؤول عسكري.
ولبنان يعاني أيضا من نفوذ حزب الله الشيعي وهيمنته على حساب مؤسسات الدولة، وحزب الله مصنَّف في الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا والعديد من الدول العربية السنية كتنظيم إرهابي. نشأ حزب الله في عام 1982 خلال الحرب الأهلية اللبنانية، وقد تلقى منذ البداية دعمًا كبيرًا من إيران، التي تدعمه أيضًا وبشكل خاص دعمًا عسكريًا.
مقتل نصر الله "جرح لكل اللبنانيين"
وفي كلمة وجهها الأحد، وصف بطريرك الموارنة بشارة بطرس الراعي، وهو أكبر رجل دين مسيحي في البلاد، أن مقتل نصر الله على يد إسرائيل "جرح قلوب الشعب اللبناني". وشدد في ذات الوقت على اللجوء إلى الديبلوماسية لوضع حدٍّ للحرب، فهي تدمر المنازل وتهَجر أهلها وتقتل... إن كل الأطراف خاسرون". وسبق للراعي أن وجه انتقادات لحزب الله واتهمه بجر لبنان للصراعات في المنطقة.
لكنه قدم اليوم تعازيه وقال "نبدي مشاعر التعزية الشخصية لعائلة ولبيئة السيد حسن نصرالله، نسأل الله لها الصبر والعزاء".
وصباح الأحد قال وزير الإعلام اللبناني بعد جلسة لمجلس الوزراء إن الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار مع إسرائيل لا تزال "مستمرة".
انتخاب الرئيس
على صعيد آخر أعاد مقتل نصر الله عملية انتخاب رئيس الجمهورية المعطلة إلى الواجهة. فقد جدد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع مطلبه لاختيار رئيس للجمهورية.
فيما نقلت مواقع الكترونية لبنانية عن المطران إلياس عودة، قوله اليوم الأحد من كاتدرائية القديس جاورجيوس: "هل يجوز أن يبقى البلد بلا رأس في هذا الوقت؟ هل يجوز عدم انتخاب رئيس لأسباب كيدية أو مصلحية والبلد يمر في أحرج الظروف، وهو بحاجة إلى من يصونه ويمثله ويدافع عن مصالحه ويحمي حقوقه وأبناءه وأرضه ومستقبله؟"، وتابع: "مرة جديدة نخاطب ضمائر من في يدهم القرار كي يقوموا بواجبهم الوطني".
برامج عاجلة للبنان
على صعيد آخر أعلن برنامج الغذاء العالمي من العاصمة الإيطالية روما، الأحد، بدأ عملية للمساعدات الغذائية الطارئة لما يصل إلى مليون شخص تضرروا من الصراع في لبنان. وجاء هذا التصريح بموازاة لإعلان رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي قال فيه، إن عدد النازحين جراء القصف الاسرائيلي قد يكون وصل "إلى مليون"، موضحا أن "النزوح الحالي هو الأكبر في تاريخ لبنان".
وقال ميقاتي، في مؤتمر صحفي بعد اجتماع لجنة الطوارئ الحكومية اليوم ،إن "الدولة تقوم بواجباتها ضمن امكانياتها"، مؤكدا أنه سيتم "تسهيل دخول الهبات شرط معرفة الجهة المانحة والجهة التي ستتسلم الهبة".
وأضاف: "سوف يكون لدينا اجتماع مع الهيئات المانحة وسنطلب من الدول المانحة مساعدتنا في هذه الظروف الصعبة"، مؤكدا عدم التقاعس "لحظة عن متابعة الدور الدبلوماسي وليس لنا خيار سوى الدبلوماسية". وتابع ميقاتي "أننا نطالب بوقف إطلاق النار على كل الجبهات"، مشددا على ضرورة وقف إطلاق النار على كل الجبهات وحتى في غزة.
ويقول برنامج الغذاء العالمي إنه يقوم حاليا بتوزيع حصص غذائية جاهزة للأكل، وخبزا ووجبات ساخنة وطرودا غذائية، على الأسر، كما تمكن من الوصول إلى أكثر من 66 ألف شخص في أماكن إيواء منتشرة بأنحاء البلاد. وقد تم إقامة مطابخ وعمليات لإعداد وجبات ساخنة في الشمال والوسط، لإعداد وجبات خفيفة.
ومن جانبها، قالت المديرة الإقليمية لبرنامج الغذاء العالمي كورينه فلايشر: "إن لبنان على حافة الانهيار ولا يمكنه تحمل حرب أخرى"، مضيفة أن "برنامج الغذاء العالمي موجود على الأرض، ولكننا بحاجة ماسة إلى تمويل".
جدير بالذكر أن برنامج الغذاء العالمي يقول إنه يحتاج إلى 105 ملايين دولار حتى نهاية العام حتى يتمكن من مواصلة جهوده في لبنان.
و.ب/م.س/ ع.غ (أ ف ب، د ب أ، رويترز، مواقع)