من المسؤول عن انتشار العنف في المدارس العربية بإسرائيل؟
٧ نوفمبر ٢٠١٤
أظهر تقرير صادر عن مؤسسة امتحانات النجاعة والنماء التابعة لوزارة التربية والتعليم الإسرائيلية أن نسبة العنف في المدارس العربية داخل إسرائيل ارتفعت بمقدار الضعف في غضون أربع سنوات، فيما انخفضت بنسبة الثلث في المدارس اليهودية. ووفقا للتقرير الذي يصدر سنويا حول الأوضاع داخل المؤسسات التربوية والتعليمية، فإن العنف في المدارس العربية يتخذ مظاهر متعددة، من بينها العنف اللفظي والعنف الجسدي بين التلاميذ أنفسهم. كما سجلت بعض الحالات التي تعرض فيها المعلمون للاعتداء من قبل تلاميذهم.
لماذا نجح اليهود وفشل العرب؟
وعن أسباب ارتفاع نسبة العنف في المدارس العربية يقول خالد أبو عصبة، وهو باحث تربوي ومدير معهد "مسار" للأبحاث الاجتماعية، في حديث مع DWعربية "تفتقد المدارس العربية للكثير من البرامج والأنشطة التربوية التي تهدف إلى معالجة الكثير من القضايا، منها قضايا العنف، على عكس المدارس اليهودية." ويضيف قائلا: "أحيانا تترجم البرامج من العبرية إلى العربية بدلا من تطوير برامج تعنى بمشاكل التلميذ العربي، فالبرامج المترجمة لا تلائم المجتمع العربي."
يذكر أن هناك أكثر من 400 ألف تلميذ عربي مسجلون هذا العام في مختلف المراحل المدرسية، وهو ما يشكل نسبة 26 بالمائة من إجمالي التلاميذ في إسرائيل، بحسب وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية. ويتعلم غالبية التلاميذ العرب في مدارس عربية منفصلة عن المدارس اليهودية.
وبالإضافة إلى انتشار ظاهرة العنف، أشار التقرير إلى قلة تأهيل المعلمين بشكل يجعلهم يساهمون في احتوائها ومعالجتها بشكل ناجع في المدارس العربية. وهو ما يفسره أبو عصبة بالقول: "هناك تقاعس من وزارة التربية والتعليم عن رصد ميزانيات خاصة بتأهيل المعلمين. كما يبدو أن السلطات المحلية العربية لا تأخذ هذا الموضوع على محمل الجد."
قلة الموارد الاقتصادية تؤثر على التربية
ولعل المقارنة بين الميزانيات التي توفرها البلديات اليهودية لكل تلميذ وبين ما تخصصه البلديات العربية كاف لإظهار الفرق في التعامل مع ملف التعليم. ففي سياق متصل يقول أبو عصبة: "على سبيل المثال تستثمر بلدية رعنانا اليهودية 15 ألف شيكل ( 3200 يورو) سنويا في تعليم التلميذ الواحد. في المقابل تستثمر البلديات العربية 700 شيكل (150 يورو) فقط."
من جهتها، ردت وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية على ما جاء في التقرير بالقول: "وزارة التعليم تقوم بواسطة قسم الخدمات النفسيّة والاستشارية ببرنامج توعوي وتربوي شامل في المدارس خلال العام الدراسي للحد من ظاهرة العنف." إذن، إذا كانت هناك برامج توعية لنشر قيم التسامح وتقبل الآخر، لماذا لم تؤت أكلها في المدارس العربية في إسرائيل؟
أبو عصبة يعزو انتشار ظاهرة العنف في المدارس العربية في إسرائيل إلى تردي الأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها عرب إسرائيل (فلسطينيو الداخل)، حيث أن "أكثر من نصفهم يعيشون تحت خط الفقر". كما أنه يرى في الوقت نفسه بأن المجتمع العربي داخل إسرائيل يمر بمرحلة تغيير اجتماعي، بحيث يقول: "المقصود هنا هو الانتقال من مجتمع تقليدي يعتمد على العائلة أو القبيلة إلى مجتمع يعتمد على الفرد أكثر. هذه مرحلة تخبط لتحديد الوجهة والمسار. وهذا يتطلب وقتا، لذا يجب أن تكون هناك مؤسسات تسيّر هذه المرحلة إلى حين انتهائها".
"المدارس أهملت المهمة التربوية"
كما أن من بين العوامل التي ساهمت في فشل المدارس العربية في معالجة مشكلة العنف هو اقتصار مهمتها على تلقين الدروس فقط. ويقول أبو عصبة موضحا: "المدرسة تهتم بقضية التعليم وتترك قضية التربية. وإذا ما تركنا التربية للأهل، فإن السؤال الذي يطرح هنا: ماذا نفعل مع الأسر الغير مؤهلة لتربية أبنائها؟" ولهذا السبب يدعو أبو عصبة جميع الأطراف الفاعلة في المجتمع، أي المدارس والأسر وكذلك البلديات والسلطات، إلى تحمل مسؤولياتها التربوية إزاء التلاميذ "وتهيئة المناخ داخل المدارس وتكوين المعلمين بكل أفضل للحيلولة دون تفاقم هذه مشاكل العنف، وإلا تحوّلت هذه المدارس إلى ساحة حرب".